حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب طلاق العبد

عن ابن عباس قال: أتى النبي ﷺ رجل فقال: يا رسول الله، إن سيدي زوّجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال: فصعد رسول الله ﷺ المنبر فقال: «يا أيها الناس، ما بالُ أحدكم يُزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق».

حسن: رواه ابن ماجه (٢٠٨١) عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: أتى النبي ﷺ رجل فقال: يا رسول الله، إن سيدي زوّجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال: فصعد رسول الله ﷺ المنبر فقال: «يا أيها الناس، ما بالُ أحدكم يُزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويرزقنا الفهم في دينه.
هذا حديث عظيم يحمل رسالة قوية في حفظ الحقوق وصون الكرامة الإنسانية، ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو في "مسند الإمام أحمد" وغيره.

أولاً. شرح المفردات:


* زوّجني أمته: أي جعلني أتزوج جاريته (أمَته) التي يملكها.
* يُفرق بيني وبينها: أي يريد أن يُطلقها مني أو يفسخ النكاح بعد أن تم.
* صعد المنبر: فعل ذلك صلى الله عليه وسلم لأهمية الأمر وخطورته، لينتبه الجميع ويسمعوا الحكم.
* ما بالُ أحدكم: استفهام تعجبي وتوبيخي، بمعنى: كيف يجرؤ أحدكم على فعل هذا؟!
* أخذ بالساق: كناية عن دفع المهر أو الصداق، فالعادة عند إتمام عقد النكاح ودفع المهر أن يسلّم الرجل المهر ويأخذ بيد زوجته أو يمسك بها، وقيل "أخذ بالساق" كناية عن تملك الحق في العشرة والاستمتاع، فمن دفع المهر وتم العقد فهو صاحب الحق في القرار.

ثانياً. شرح الحديث:


يصور لنا هذا الحديث موقفاً إنسانياً مؤلماً، حيث يأتي رجل مسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو ظلم سيده له. فالسيد هو الذي زوّج عبده من أمته (جارِيَته)، فتم العقد واصبحت زوجة له بحكم الشرع، ولكن السيد ندم على ذلك أو لسبب آخر، فأراد أن يفسخ هذا الزواج أو يطلق المرأة منه قسراً.
فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن صعد المنبر – ليعلن الحكم جهاراً وينكّر هذا الفعل علناً – وقال مغضباً ومعاتباً: "يا أيها الناس، ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما". ثم أعلن حكماً عاماً عظيماً يقطع دابر الظلم والاستبداد فقال: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق".
أي أن حق فك عقدة النكاح (الطلاق) هو حق للزوج الذي دفع المهر وتم العقد له، وليس لأحد آخر أن يتدخل في هذا الحق، حتى لو كان سيداً ومالكاً. فبمجرد أن زوّجه إياها، فقد سلمه حقها في النكاح، وأصبح هو الزوج الشرعي الذي له حق القرار في شؤون زوجته، ومنها الطلاق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الظلم والاستبداد: الحديث رسالة قوية ضد استغلال القوة (قوة السيد على عبده) للاعتداء على الحقوق الشرعية والكرامة الإنسانية للآخرين.
2- قدسية عقد النكاح: عقد النكاح عقد شرعي محترم، له أحكامه وشروطه، ولا يجوز لأحد العبث به أو فسخه بغير حق.
3- حقوق العبيد والضعفاء: النبي صلى الله عليه وسلم ينتصر للعبد الضعيف ضد سيده القوي، مؤكداً أن الحقوق الشرعية لا تسقط بسبب الوضع الاجتماعي (العبودية). فالعبد المسلم له كرامة وعرض يجب احترامهما.
4- الغضب لله تعالى: يستفاد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم (صعوده المنبر وإعلانه الغضب) أن إنكار المنكر والغضب لله عندما تنتهك حرماته من أعظم القربات.
5- الحكمة في الدعوة والتعليم: استخدام النبي صلى الله عليه وسلم للمنبر لخطبة الناس يدل على أهمية إعلان الحق وكشف الباطل أمام الجميع ليكون عبرة للجميع ويزول الشر.
6- أن النكاح لا يملكه إلا الزوجان (ووليهما): لا يحق لشخص ثالث – حتى لو كان سيداً – أن يطلق بين زوجين، فالطلاق بيد الزوج.

رابعاً. معلومات إضافية:


* هذا الحديث أصل عظيم في أن "الطلاق بيد من أخذ بالساق"، أي بيد الزوج، وهو قول جمهور العلماء.
* فيه دليل على أن السيد إذا زوّج عبده أو أمته، فقد تخلى عن حقه في التدخل في شؤون زواجهما، وأصبحت العلاقة بينهما تحكمها أحكام النكاح العامة.
* يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون القائد العادل الذي يسمع للضعفاء وينصر المظلوم، ولا تأخذه في الحق لومة لائم.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا ممن ينصر الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٠٨١) عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة، ولكن له متابعات تقوّيه.
منها: ما رواه الدارقطني (٤/ ٣٧) والبيهقي (٧/ ٣٦٠) كلاهما من وجه آخر عن بقية بن الوليد، نا أبو الحجاج المهري، عن موسى بن أيوب الغافقي. فذكره.
وأبو الحجاج المهري هو رشدين بن سعد المصري وهو ضعيف أيضا.
قال البيهقي: «وخالفه ابن لهيعة فرواه عن موسى بن أيوب مرسلًا»، وهو ما رواه الدارقطني
والبيهقي كلاهما من طريق موسى بن داود، نا ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب، عن عكرمة أن مملوكا أتى النبي ﷺ فذكر الحديث. ولم يذكر فيه ابن عباس.
ومنها: ما رواه الطبراني في المعجم الكبير من حديث يحيى الحماني، نا يحيى بن يعلى، عن موسى بن أيوب مرفوعا.
ويحيى الحماني وشيخه يحيى بن يعلى وهو الأسلمي الكوفي ضعيفان.
وفي معناه ما رُوي عن عصمة بن مالك قال: جاء مملوك إلى النبي ﷺ فقال: إن مولاي زوّجني، وهو يريد أن يفرّق بيني وبين امرأتي. قال: فصعد النبي ﷺ المنبر فقال: «يا أيها الناس، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق».
رواه الدارقطني (٤/ ٣٧) وفيه الفضل بن المختار، عن عبيد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك فذكره.
والفضل بن المختار هو أبو سهل البصري ضعيف جدًّا، ذكره الذهبي في الميزان (٣/ ٣٥٨) وقال: قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل. وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة، عامتها لا يتابع عليها.
وأما ما رُوي عن أبي الحسن مولى بني نوفل أنه استفتى ابن عباس في مملوكٍ كانت تحته مملوكة، فطلّقها تطليقتين، ثم عُتقا بعد ذلك: هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: نعم، قضى بذلك رسول الله ﷺ فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٢١٨٧) والنسائي (٣٤٢٧) وابن ماجه (٢٠٨٢) وأحمد (٢٠٣١) والبيهقي (٧/ ٣٧٠ - ٣٧١) كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير، عن عمر بن معتّب، عن أبي الحسن فذكره.
وعمر بن معتِّب ضعيف جدا.
قال فيه ابن المديني: منكر الحديث. وقال النسائي: «ليس بالقوي».
قال أبو داود: «سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عبد الرزاق: قال ابن المبارك لعمر: من أبو الحسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة. قال أبو داود: أبو الحسن هذا، روى عنه الزهري، قال الزهري: وكان من الفقهاء، روي الزهري عن أبي الحسن أحاديث. قال أبو داود: أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث». انتهى.
وقال البيهقي بعد أن نقل كلام ابن المديني في عمر بن معتب: «مجهول، لم يرو عنه غير يحيى».
قوله: «الطلاق لمن أخذ بالساق» معناه أن الطلاق حقّ الزوج الذي له أن يأخذ بساق المرأة، وليس ذلك بحقّ المولي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 45 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

  • 📜 حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الطلاق لمن أخذ بالساق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب