حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب التسوية بين الشريف والضعيف في إقامة الحدود
صحيح: رواه أبو داود (٤٣٩٥) والنسائي (٤٨٨٧) وأحمد (٦٣٨٣) كلهم من طريق عبد الرزاق وهو في المصنف (١٠/ ٢٠٢) قال: حدثنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
نص الحديث:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَتْ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَطْعِ يَدِهَا". (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)
1. شرح المفردات:
* مخزومية: امرأة من بني مخزوم، وهي قبيلة عريقة وشريفة من قريش.
* تستعير المتاع: تطلب استعارة الشيء (كالحلي والثياب والأواني) من الناس على سبيل الأمانة والرد.
* وتجحده: تنكر استعارتها له وتدعي أنه ملكها، أي تسرقه بجحودها.
* بقطع يدها: إقامة حد السرقة عليها، وهو قطع اليد من الرسغ.
2. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن واقعة حصلت في عهد النبي ﷺ، حيث كانت امرأة من أسرة شريفة ومرموقة في قريش (بني مخزوم) تأخذ المتاع (الأشياء القيمة) من الناس على سبيل الاستعارة، ولكنها بدلًا من ردها، كانت تنكر أن لها علاقة بهذا المتاع وتدعي ملكيته لها، أي كانت تسرقه بطريقة المكر والخداع والجحود.
فلما بلغ الأمر النبي ﷺ، أمر بإقامة حد الله عليها، وهو قطع يدها، لارتكابها جريمة السرقة بشروطها الشرعية.
ملاحظة مهمة في الفقه:
ليس كل من أخذ مالًا بغير حق يقام عليه حد السرقة. فحد السرقة له شروط مفصلة في كتب الفقه، منها:
* أن يسرق من حرز (مكان محفظ ومحروس).
* أن تبلغ قيمة المسروق نصابًا محددًا (وهو ربع دينار ذهب أو ثلاثة دراهم فضة فما فوق في رأي جمهور العلماء).
* أن تثبت السرقة بإقرار أو بينة.
* ألا يكون هناك شبهة تمنع إقامة الحد، كأن يكون للسارق حق في المال أو شبهة حق.
في هذه القصة، تحققت الشروط وانعدمت الشبهات، فجحودها بعد الاستعارة كان سرقة صريحة، لذا أمر النبي ﷺ بإقامة الحد عليها.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- عدل الإسلام ومساواة الجميع أمام القانون: الحديث من أوضح الأدلة على مبدأ المساواة في الإسلام. فلم تمنع مكانة المرأة الاجتماعية المرموقة ونسبها الشريف من إقامة حد الله عليها. فالشرع يسري على الشريف والوضيع على حد سواء، تحقيقًا للعدل الذي هو أساس الملك.
2- تحريم الغدر وخيانة الأمانة: الاستعارة أمانة، والغدر بها وجحدها من كبائر الذنوب، فهي تجمع بين الخيانة والكذب والسرقة.
3- شدة عقوبة السرقة: يبين الحديث أن الإسلام يعاقب على جرائم الأموال عقوبة شديدة (القطع) لحماية أموال الناس وأعراضهم وتحقيق الأمن في المجتمع. فالحدود رادعة وزاجرة.
4- أن الجحود بعد الاستعارة يعتبر سرقة: هذا من باب سد الذرائع، فلو عفا الشرع عن هذا الفعل لانفتح باب عظيم للاحتيال على أموال الناس تحت ستار الاستعارة.
5- الحكمة من تشريع الحدود: الحدود ليست انتقامًا، بل هي تطهير للمجرم من ذنبه في الدنيا حتى لا يعاقب عليه في الآخرة، وهي حماية للمجتمع من انتشار الجريمة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* موقف الصحابة من الحد: ورد في بعض الروايات أن أهل المرأة حاولوا الشفاعة فيها لدى النبي ﷺ، بل حاولوا إعداد أسامة بن زيد رضي الله عنه ليكلم النبي فيها، مما يدل على شدة اهتمامهم بها. ولكن النبي ﷺ غضب غضبًا شديدًا لهذا الطلب وخطب في الناس قائلًا: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". وهذا يؤكد بقوة درس المساواة والعدل.
* الفرق بين الحد والتعزير: السرقة التي لا تستكمل شروط الحد (كأن تكون دون النصاب أو فيها شبهة) لا يقام فيها حد القطع، ولكن يعاقب مرتكبها تعزيرًا (عقوبة تقديرية من الحاكم) لمنعه وردعه.
* مكانة الحديث: هذا الحديث أصل من أصول الفقه في باب الحدود، ويستدل به الفقهاء على أن الجحود بعد الاستعارة يعد سرقة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقوله: «نستعير المتاع وتجحدها بيان لحال المرأة بأنها كانت تستعير المتاع، ثم تجحد لا أن
القطع وقع من أجل الجحد، بل الصحيح إن القطع وقع من أجل السرقة كما في الأحاديث السابقة، ولذا ذهب عامة أهل العلم أن المستعير إذا جحد العارية لم يُقطع، لأن الله سبحانه وتعالى إنما أوجب القطع على السارق، وهذا خائن ليس بسارق.
وذكر الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
«وذكر بعض أهل العلم أن معمر بن راشد تفرد بذكر العارية في هذا الحديث من بين سائر الرواة، والليث راوي السرقة تابعه عليها جماعة منهم: يونس بن يزيد، وأيوب بن موسى، وسفيان بن عيينة وغيرهم. فرووه عن الزهري كرواية الليث. وذكر أن بعضهم وافق معمرًا في رواية العارية، لكن لا يقاوم من ذكر السرقة. فظهر أن ذكر العارية، إنما كان تعريفا لها بخاص صفتها، إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى عرفت بذلك، كما عرفت بأنها مخزومية، واستمر بها على هذا الصنيع حتى سرقت. فأمر النبي ﷺ بقطعها».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 68 من أصل 121 حديثاً له شرح
- 43 فهلا تركتموه لماعز بن مالك
- 44 من أصاب حدًا ثم صلى مع الإمام غفر له
- 45 رجم رسول الله ماعزًا والغامدية بعد إقرارهما بالزنا
- 46 قصة ماعز بن مالك
- 47 امرأة حبلى من الزنى تأتي النبي وتطلب إقامة الحد.
- 48 أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن
- 49 أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها
- 50 جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن
- 51 الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن
- 52 لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمت فلانة
- 53 لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتهما
- 54 لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصفح
- 55 من أغير مني؟ والله أغير مني
- 56 أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة...
- 57 جلد الحد لمن اعترف بالزنا وترك المرأة التي أنكرت
- 58 بيعوها ولو بضفير
- 59 إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرّب
- 60 إقامة الحد على الأرقاء المحصنين وغير المحصنين
- 61 من وقع على جارية وهو مريض فليستفت
- 62 من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به
- 63 من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها
- 64 رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله
- 65 امرأة صاحت فانطلق الرجل
- 66 من سرق من قريش قطع محمد يده
- 67 قطع يد المرأة المخزومية لاستعارتها المتاع وجحودها
- 68 قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
- 69 لو كانت فاطمة لقطعت يدها
- 70 تطهّر خير لها لو كانت فاطمة لقطع محمد يدها
- 71 يقطع يد السارق إذا سرق البيضة أو الحبل
- 72 تُقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا
- 73 اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من...
- 74 لم تقطع يد سارق في أقل من ثمن المجن
- 75 قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم
- 76 قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم
- 77 لا قطع في ثمر ولا كثر
- 78 من أصاب بفيه من ثمر معلق فلا شيء عليه
- 79 ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع
- 80 ليس على المختلس قطع
- 81 ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه
- 82 هلا قبل أن تأتيني به
- 83 من حالت شفاعته دون حد من حدود الله
- 84 تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب
- 85 أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود.
- 86 قطع يد امرأة سرقت ثم حسنت توبتها
- 87 لا تقطع الأيدي في السفر
- 88 اقتلوه قالوا يا رسول الله إنما سرق
- 89 إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف
- 90 أمر النبي ﷺ السارق بالاستغفار بعد القطع.
- 91 اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به
- 92 بع العبد إذا سرق ولو بنش
معلومات عن حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
📜 حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قطع يد المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








