رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

وعن ابن عباس قال: مَرّ علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان قد زنت، أمر عمر برجمها، فردها علي، وقال لعمر: يا أمير المؤمنين! أترجم هذه؟ قال: نعم، قال: أو ما تذكر أن رسول الله ﷺ قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم» قال: صدقت، فخلى عنها.

صحيح: رواه أبو داود (٤٤٠١) وصححه ابن خزيمة (١٠٠٣) وابن حبان (١٤٣) والحاكم (٤/ ٣٨٩) وعنه البيهقي (٨/ ٢٦٤) كلهم من حديث جرير بن حازم، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما:

الحديث:

عن ابن عباس قال: مَرّ علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان قد زنت، أمر عمر برجمها، فردها علي، وقال لعمر: يا أمير المؤمنين! أترجم هذه؟ قال: نعم، قال: أو ما تذكر أن رسول الله ﷺ قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم» قال: صدقت، فخلى عنها.

1. شرح المفردات:

● مَرَّ علي بن أبي طالب: أي مرَّ ووجد أو علم.
● مَجْنُونَةَ بَنِي فُلَانٍ: امرأة مجنونة من قبيلة معينة.
● قَدْ زَنَتْ: ارتكبت فاحشة الزنا.
● أَمَرَ عُمَرُ بِرَجْمِهَا: أمر الخليفة عمر بن الخطاب بتنفيذ حد الرجم عليها.
● رَدَّهَا عَلِيٌّ: منعها علي بن أبي طالب وأعادها.
● رُفِعَ الْقَلَمُ: أي سقط التكليف ورفع الإثم والعقاب.
● الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ: الشخص الذي فقد عقله ولا يميز.
● حَتَّى يَسْتَيْقِظَ: حتى يفيق من نومه.
● حَتَّى يَحْتَلِمَ: حتى يبلغ سن البلوغ.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث يروي قصة واقعية حدثت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أمر برجم امرأة مجنونة من إحدى القبائل لأنها زنت، فمرَّ بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأنكر ذلك، وذكر عمر بالحديث النبوي الشريف الذي فيه أن القلم (أي التكليف والإثم) قد رفع عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ.
فاعترف عمر بصحة قول علي، وأمر بإطلاق سراحها.

3. الدروس المستفادة:

● سقوط التكليف عن غير المكلفين: من أهم قواعد الشريعة أن التكليف بالإلتزام بالأحكام الشرعية واجتناب المحرمات مشروط بالعقل والبلوغ، فالمجنون والصبي غير المميز والنائم لا يؤاخذون على أفعالهم حتى يعودوا إلى حالة الإدراك.
● العدل والرحمة في تطبيق الحدود: الشريعة الإسلامية ليست قاسية ولا متشددة، بل هي عادلة ورحيمة، فلا تقيم الحد على من ليس أهلاً للتكليف.
● الحكمة من رفع القلم: رفع الإثم عن هؤلاء الثلاثة لأنهم غير قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، فالمجنون فقد عقله، والنائم غائب عن وعيه، والصغير لم يكتمل عقله بعد.
● فضل الصحابة وعلمهم: يدل على علم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفقهه، وحسن إنصات عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحق وقبوله له، مما يظهر تواضعهم وحرصهم على العدل.
● التذكير بالنصوص الشرعية: ينبغي للتقييد بالنصوص الشرعية والرجوع إليها عند النزاع، وعدم الإعتماد على الرأي المجرد.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وصححه الألباني.
- الحديث أصل عظيم في رفع المؤاخذة عن غير المكلفين، وهو متفق عليه بين العلماء.
- يستثنى من ذلك ما يتعلق بحقوق العباد، فإذا أتلف المجنون أو الصغير مال غيره يضمنه وليه أو من يتولى أمره.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويجعلنا من المتقين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٤٠١) وصححه ابن خزيمة (١٠٠٣) وابن حبان (١٤٣) والحاكم (٤/ ٣٨٩) وعنه البيهقي (٨/ ٢٦٤) كلهم من حديث جرير بن حازم، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس فذكره. وإسناده صحيح. ورواه شعبة وابن نمير عن الأعمش موقوفا والحكم لمن زاد.
وأما ما رواه الإمام أحمد (١٣٢٨) وأبو داود (٤٤٠٢) من طريق عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة فذكر نحوه ففيه انقطاع، فإن أبا ظبيان لم يدرك عمر بن الخطاب. والأمر الذي لا خلاف بين أهل العلم أنه لا حد على المجنون.
وقد ورد في قصة ماعز الأسلمي أن النبي ﷺ سأل قومه: «أمجنون هو؟» حتى قال له أيضا: «أبك جنون؟»
ولكن هل خفي على عمر بأن الحد لا يقام على المجنون؟ أستبعد ذلك. فلعلها تُجن مرة وتُفيق أخرى. وكان زناها في حال الإفاقة، ولم يدر عمر أنها تجن مرة وتفيق أخرى. فرأى عليٌّ أن الجنون شبهة، يدرأ بها الحد على من ابتلى به، ولو كان في حال الافاقة، فقبله عمر رضي الله عنه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 64 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

📜 حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رفع القلم عن المجنون المغلوب على عقله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية