حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إقامة الحد على المريض

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: أخبرني بعض أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أُضْنيَ فعاد جلده على عظْمٍ. فدخلت جارية البعضهم، فهشّ إليها، فوقع عليها. فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله ﷺ، فإني قد وقعت على جارية دخلتْ عليّ. فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله! ما رأينا بأحد من الناس من الضُّر مثل الذي هو به، لو حملنا إليك لتفسّختْ عظامُه ما هو إلا جلد على عظْم. فأمرهم رسول الله ﷺ بمائة شِمراخٍ، فيضربونه ضربة واحدة.

صحيح: رواه أبو داود (٤٤٧٢) وابن الجارود (٨١٧) كلاهما من طريقين عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حُنيف فذكر مثله.

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: أخبرني بعض أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أُضْنيَ فعاد جلده على عظْمٍ. فدخلت جارية البعضهم، فهشّ إليها، فوقع عليها. فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله ﷺ، فإني قد وقعت على جارية دخلتْ عليّ. فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله! ما رأينا بأحد من الناس من الضُّر مثل الذي هو به، لو حملنا إليك لتفسّختْ عظامُه ما هو إلا جلد على عظْم. فأمرهم رسول الله ﷺ بمائة شِمراخٍ، فيضربونه ضربة واحدة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: أخبرني بعض أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أُضْنيَ فعاد جلده على عظْمٍ. فدخلت جارية البعضهم، فهشّ إليها، فوقع عليها. فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله ﷺ، فإني قد وقعت على جارية دخلتْ عليّ. فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله! ما رأينا بأحد من الناس من الضُّر مثل الذي هو به، لو حملنا إليك لتفسّختْ عظامُه ما هو إلا جلد على عظْم. فأمرهم رسول الله ﷺ بمائة شِمراخٍ، فيضربونه ضربة واحدة.

شرح المفردات:


● أُضْنيَ: أُهْلِكَ وأُتْعِبَ حتى بلغ من الهزال والضعف مبلغًا عظيمًا.
● عاد جلده على عظم: أي صار جسده هزيلًا جدًا حتى لم يبقَ فيه لحم، وصار الجلد ملتصقًا بالعظم.
● جارية البعضهم: جارية لبعض الأنصار.
● فهش إليها: مال إليها ورغب فيها.
● وقع عليها: جامعها.
● تفسخت عظامه: تفتتت وتكسرت عظامه من شدة الهزال والضعف.
● شمراخ: غصن من أغصان الشجر، وهو هنا يعني جريدة من النخل.

شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة رجل من الأنصار كان مريضًا مرضًا شديدًا، حتى بلغ من الهزال والضعف أن صار جسده كله جلدًا على عظم، لا لحم فيه. وفي هذه الحالة الحرجة، دخلت عليه جارية (أمة) لبعض الأنصار، فمال إليها ورغب فيها، ووقع عليها (أي جامعها).
وبعد أن فعل ذلك، ندم ندماً شديداً، وعلم أنه أتى كبيرة من الكبائر، فلم يخفِ فعلته، بل عندما دخل عليه رجال من قومه يعودونه (يزورونه ليطمئنوا على صحته)، أخبرهم بما فعل، وطلب منهم أن يستفتوا رسول الله ﷺ في أمره، لعله يجد مخرجًا مما وقع فيه.
فلما ذهب القوم إلى النبي ﷺ وذكروا له حال هذا الرجل وشدة مرضه وهزاله، حتى إنهم وصفوا أنه لو حاولوا حمله لتكسرت عظامه، وسألوه عن الحكم فيمن وقع على جارية في مثل هذه الحالة، أمرهم النبي ﷺ أن يجلدوه مائة جلدة باستخدام مائة شمراخ (غصين)، ولكن يضربونه بها ضربة واحدة فقط، جمعًا للعدد مع التخفيف عنه بسبب حالته الصحية.

الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم ذنب الزنا وخطورته: الحديث يبين أن الزنا كبيرة عظيمة، حتى أن الرجل الذي كان في حالة الموت لم يُرخَّص له فيه، بل أوجب عليه الحد.
2- الشجاعة في الاعتراف بالذنب والتوبة: من أعظم الدروس في هذا الحديث شجاعة هذا الصحابي وصدقه مع الله ورسوله، حيث لم يحاول إخفاء ذنبه، بل بادر بالاعتراف والندم وطلب بيان الحكم الشرعي.
3- رحمة الإسلام وعدالته: أمر النبي ﷺ بأن يضرب بمائة غصين ضربة واحدة جمعًا بين إقامة الحد الشرعي (وهو مائة جلدة للزاني غير المحصن) والرأفة بالعاصي بسبب حالته الصحية التي تمنع من تكرير الضرب.
4- حكمة التشريع ومراعاة الظروف: في هذا الأمر النبوي تتجلى حكمة الشريعة ومرونتها؛ حيث لم تهمل إقامة الحد، ولكنها راعت حالة المحدود فأمرت بما يحقق المقصود مع التخفيف.
5- الاستفتاء وطلب العلم عند الوقوع في المشكلات: على المسلم إذا وقع في معصية أو إشكال أن يبادر إلى سؤال أهل العلم والرجوع إلى الشرع، كما فعل هذا الصحابي.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- الحد الشرعي للزاني غير المحصن (أي الذي لم يكن متزوجًا حين فعل الفاحشة) هو جلد مائة جلدة، كما في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2].
- الأمر بالضرب بمائة غصين ضربة واحدة فيه دليل على أن المقصود هو إقامة الحد symbolically مع مراعاة حالة الشخص، وقد يكون المعنى أن يضرب بجميع الغصين مرة واحدة، أو أن يضرب ضربة خفيفة تتحقق بها الإقامة الرمزية للحد دون إيذاء شديد بسبب حالته.
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٤٧٢) وابن الجارود (٨١٧) كلاهما من طريقين عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حُنيف فذكر مثله. وإسناده صحيح.
وللحديث طرق أخرى منها ما رواه أحمد (٢١٩٣٥) وابن ماجه (٢٥٧٤) كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: كان بين أبياتنا إنسان مُخدج ضعيف، ثم يُرَع أهل الدار وإلا وهو على أمة من إماء الدار بخبث بها، وكان مسلما. فرفع شأنه سعد إلى رسول الله ﷺ فقال: فذكره نحوه.
وهذا الإسناد لا بأس به غير أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، ومنها رواه الشافعي ومن طريقه البيهقي (٨/ ٢٣٠) عن سفيان، عن يحيى بن سعيد وأبي الزناد، كلاهما عن أبي أمامة بن
سهل بن حنيف أن رجلا كان عند جوار سعد فأصاب امرأة حبل فذكر نحوه.
قال البيهقي: «هذا هو المحفوظ عن سفيان مرسلًا. ورُوي عنه موصولًا بذكر أبي سعيد، وقيل: عن أبي الزناد، عن أبي أمامة، عن أبيه، وقيل عن أبي أمامة عن سعيد بن سعد بن عبادة». انتهى
قال الأعظمي: رواية سفيان الموصلة رواها الدارقطني (٣/ ١٠٠) من طريق عمرو بن عون، نا سفيان، عن أبي الزناد ويحيى بن سعيد، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبي سعيد فذكره.
والخلاصة فيه أن أبا أمامة روى هذا الحديث مرسلا، وهو الذي رجحه الدراقطني في العلل (١٢/ ٢٧٦/ ٢٧٨) كما رواه أيضا عن جماعة من الصحابة موصولًا. وكلها صحيحة ومحفوظة، كما قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (٤/ ٥٩) بعد أن سرد طرقها.
وقوله: «أضْني» أي أصابه الضّني، وهو شدة المرض، وسوء الحال حتى ينحل بدنه.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، فقالوا: إن المريض الذي به مرض، لا يُرجى زواله إذا وجب عليه حد الزنا وهو بكر يضرب بأثكال عليه مائة شِمراخ ضربة واحدة، بحيث تمسه الشماريخ كلها، فيسقط الحد عنه. وإليه ذهب الشافعي وأحمد، وأما المريض الذي يرجي برءه فلا خلاف بين أهل العلم في تأخير الحد حتى يبرأ لحديث علي كما سبق.
وذهب قوم إلى أن لا يضرب بالشماريخ وهو قول مالك وأصحاب الرأي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 61 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

  • 📜 حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من وقع على جارية وهو مريض فليستفت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب