امرأة صاحت فانطلق الرجل

حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

عن وائل بن حجر قال: خرجت امرأة إلى الصلاة، فلقيها رجل، فتجلّلها بثيابه، فقضى حاجته منها، فصاحت، فانطلق. ومر عليها رجل فقالت: إن ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا. ومرت بعصابة من المهاجرين. فقالت: إن ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا. فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنّت أنه وقع عليها وأتوها. فقالت: نعم هو
هذا. فأتوا به رسول الله ﷺ. فلما أمر به ليُرجم قام صاحبها الذي وقع عليها. فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها. فقال لها: «اذهبي فقد غفر الله لك«وقال للرجل قولًا حسنًا، فقيل: يا نبي! ألا ترجمه؟ فقال: «لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم».

حسن: رواه أبو داود (٤٣٧٩) والترمذي (١٤٥٤) وأحمد (٢٧٢٤٠) وابن الجارود في المنتقى (٨٢٣) والبيهقي (٨/ ٢٨٤ - ٢٨٥) كلهم من طريق سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم فيه من الدروس والعبر ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمله، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● تجلّلها بثيابه: أي غطّاها بثوبه وأخفتها عن الأنظار.
● فقضى حاجته منها: أي واقعها وزنا بها.
● فصاحت: صرخت واستغاثت.
● عصابة من المهاجرين: جماعة من أصحاب النبي ﷺ المهاجرين.
● ليُرجم: أي ليقام عليه حد الرجم بالحجارة حتى الموت.
● توبة لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم: توبة عظيمة لو تاب مثلها أهل المدينة لقبلها الله منهم.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحكي هذا الحديث قصة امرأة خرجت لصلاة الفجر أو غيرها من الصلوات، فاعترضها رجل في الطريق وغطاها بثوبه ثم واقعها دون رضاها، فلما انتهى هرب، فصرخت المرأة مستغيثة.
مر بها رجل فشكت له ما حدث، ثم مرت بمجموعة من المهاجرين فأخبرتهم بالقصة، فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه المعتدي (وكان شبهه قريبًا من المعتدي الحقيقي)، فأتوا به إلى المرأة فقالت: نعم هو.
أحضروه إلى النبي ﷺ ليُقام عليه حد الزنا (وهو الرجم لأنه كان محصنًا)، ولكن لما همّ الصحابة برجمه، قام الرجل الحقيقي الذي واقعها اعترافًا بذنبه وتوبة إلى الله، فقال النبي ﷺ للمرأة: "اذهبي فقد غفر الله لك" لأنها كانت مكرهة، وقال للرجل المعتدي كلامًا طيبًا تشجيعًا له على توبته.
تعجب الصحابة وقالوا: يا نبي الله ألا ترجمه؟ فقال ﷺ: "لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم"، أي أن توبته صادقة وعظيمة قبل أن يقام عليه الحد.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:

1- عظمة التوبة النصوح: التوبة الصادقة تمحو الذنوب ولو عظمت، وقد قبل الله توبة هذا الرجل رغم فظاعة جريمته.
2- الاعتراف بالذنب فضيلة: اعتراف الرجل بذنبه طلبًا لتطهير نفسه دليل على شجاعته وإيمانه.
3- المرأة المكرهة معذورة: المرأة التي تُكره على الفاحشة لا إثم عليها، وقد غفر الله لها كما في قوله ﷺ: "اذهبي فقد غفر الله لك".
4- العدل والتحري في إقامة الحدود: النبي ﷺ لم يقتصر على شهادة المرأة بل تحقق من القضية، ولما اعترف الجاني الحقيقي عدل عن إقامة الحد على البريء.
5- رحمة النبي ﷺ: في قوله للرجل "قولًا حسنًا" ترغيبًا له في التوبة وعدم اليأس من رحمة الله.

رابعًا. فوائد إضافية:

- الحديث يدل على أن الحدود تُدرأ بالشبهات، ولما ثبتت التوبة سقط الحد.
- فيه بيان أن التوبة تُسقط الحدود إذا كانت قبل القدرة على إقامتها.
- قوله ﷺ: "توبة لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم" يدل على عظم هذه التوبة وصدقها.
أسأل الله أن يجعلنا من التائبين المتطهرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٧٩) والترمذي (١٤٥٤) وأحمد (٢٧٢٤٠) وابن الجارود في المنتقى (٨٢٣) والبيهقي (٨/ ٢٨٤ - ٢٨٥) كلهم من طريق سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب صحيح«وعلقمة بن وائل بن حجر سمعتُ من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه».
قال الأعظمي: وهو كما قال. وإسناده حسن من أجل سماك بن حرب وهو حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة، فإنه مضطرب فيه.
وقد جاء في رواية أبي داود والترمذي: «ارجموه» وهو شاذ، والصحيح أن الرجل لم يرجم.
وعند الترمذي (١٤٥٣) وابن ماجه (٢٥٩٨) وأحمد (١٨٨٧٢) من حديث الحجاج بن أرطاة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: استُكرهت امرأة على عهد رسول الله ﷺ. فدرأ عنها الحدّ. وأقامه على الذي أصابها، ولم يذكر أنه جعل لها مهرًا.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه. يقول: سمعت محمدًا يقول: عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه، ولا أدركهـ. يقال: إنه ولد بعد موت أبيه بأشهر».
وقال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم، أنه ليس على المستكرهة حد». انتهى.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

📜 حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: امرأة صاحت فانطلق الرجل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية