حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا وفاء لنذر في المعصية

عن أنس أن النَّبِيّ ﷺ رأى شيخًا يهادى بين ابنه. فقال: «ما بال هذا؟» قالوا: نذر أن يمشي! قال: «إنَّ الله عن تعذيب هذا نفسه لغني» وأمره أن يركب.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأيمان والنذور (٦٧٠١)، ومسلم في النذر (١٦٤٢) كلاهما من طريق حميد، حَدَّثَنِي ثابت، عن أنس، فذكره.

عن أنس أن النَّبِيّ ﷺ رأى شيخًا يهادى بين ابنه. فقال: «ما بال هذا؟» قالوا: نذر أن يمشي! قال: «إنَّ الله عن تعذيب هذا نفسه لغني» وأمره أن يركب.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ».
(رواه البخاري ومسلم)


١. شرح المفردات:


● يُهَادَى: يُساعَدُ ويُؤْخَذُ بيديه من الجانبين ليعتمد عليهما في المشي بسبب الضعف أو الكِبَر.
● بَيْنَ ابْنَيْهِ: أي أن ولديه يسندانه ويمسكان به من جانبيه.
● نَذَرَ أن يَمْشِيَ: أي ألزم نفسه بنذر (عهد لله) بأن يمشي إلى مكان معين (كالحج أو غيره) مشيًا على قدميه.
● عَن تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ: أي أن الله تعالى غنيٌّ ومستغنٍ تمامًا عن أن يعذب هذا الرجل نفسه بهذا المشقّة.
● أَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ: أمره النبي ﷺ أن يترك المشي ويركب دابة أو مركوبًا ليخفف عن نفسه.


٢. شرح الحديث:


كان النبي ﷺ يمتاز برحمة قلبه وشفقته على أمته، وفي هذا الموقف يرى رجلاً طاعنًا في السنّ، لا يقوى على المشي، وقد التزم بنذرٍ بأن يمشي إلى مكان ما (كأن يكون إلى المسجد الحرام للحج أو إلى المسجد النبوي)، فكان ولداه يساعدانه على المشي وهو في غاية المشقة والتعب.
فسأل النبي ﷺ عن حاله ليعرف السبب، فأخبروه أنه نذر أن يمشي، أي التزم بذلك عبادةً لله.
فأنكر النبي ﷺ هذا الفعل، وبيّن أن الله تعالى غنيٌ عن أن يُتعَبّد العبدُ بهذه المشقّة والعذاب الذي لا طاقة له به، خاصة وهو شيخ كبير. ثم أمره النبي ﷺ بأن يركب دابةً أو أي مركوب ليخفف عن نفسه، وأسقط عنه هذا النذر الذي فيه مشقة شديدة غير معتادة.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة الإسلام ويسره: يظهر من هذا الحديث يسر الشريعة الإسلامية ورفعها للحرج والمشقة عن الناس، فالله تعالى لا يريد لعباده العنت والمشقة، بل يريد بهم اليسر والسهولة. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
2- تحريم إلزام النفس بما يشق عليها من العبادات: النذر المشروط بالمشقة الشديدة غير المشروعة مرفوض في الإسلام، لأن المقصود بالعبادة التقرب إلى الله، لا تعذيب النفس.
3- الحكمة في النصح والأمر بالمعروف: لم يكتفِ النبي ﷺ بالإنكار فقط، بل قدم الحل العملي الميسر وهو الركوب، مما يدل على أن النصح يجب أن يكون مقرونًا بالتيسير ورفع المشقة.
4- برّ الأولاد بوالديهم: من الدروس الجانبية في الحديث برّ الابنين بأبيهما وسعيهما لمساعدته على الوفاء بنذره، مما يدل على أهمية بر الوالدين حتى في أمور العبادة.
5- أن النذر لا يجب الوفاء به إذا كان في معصية أو مشقة غير معتادة: ذهب جمهور العلماء إلى أن النذر الذي فيه معصية أو إلزام للنفس بما لا تطيق لا يجوز الوفاء به، بل يجب كفارته (كفارة يمين).


٤. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم النذر: الأصل في النذر أنه مكروه، لقول النبي ﷺ: «إِنَّ النَّذْرَ لا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلا يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». (متفق عليه). أي أنه لا يغير من قدر الله شيئًا، وإنما هو وسيلة لإلزام البخيل بالإنفاق.
● كفارة النذر الذي لا يُوفى به: من نذر نذرًا ثم لم يستطع الوفاء به لمشقة أو غير ذلك، فإن عليه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89].
وفي الختام، هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، الذي جمع بين بيان الحكم الشرعي، والرحمة بالعباد، ورفع الحرج عنهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأيمان والنذور (٦٧٠١)، ومسلم في النذر (١٦٤٢) كلاهما من طريق حميد، حَدَّثَنِي ثابت، عن أنس، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 87 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

  • 📜 حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الله غني عن تعذيب هذا نفسه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب