لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل».

صحيح: رواه مسلم في النذر (٥: ١٦٤٠)، عن قُتَيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد العزيز (يعني الدراوردي) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «لا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْءً، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ».

أولاً. شرح المفردات:

● تَنْذِرُوا: النذر هو إلزام المرء نفسه بعبادة أو طاعة لله تعالى لم تكن واجبة عليه أصلاً، كأن يقول: "لله عليَّ أن أصوم كذا إن شفى الله مريضي".
● لا يُغْنِي: لا يدفع ولا يمنع.
● الْقَدَرِ: ما قدّره الله تعالى وكتبه في اللوح المحفوظ من أحداث وأرزاق وآجال.
● يُسْتَخْرَجُ بِهِ: يُخرج ويستخلص به.
● الْبَخِيلِ: هو الذي يبخل بماله أو طاعته عن الله تعالى.

ثانيًا. شرح الحديث:

ينهى النبي ﷺ في هذا الحديث عن النذر، ويبيّن أن النذر لا فائدة منه في تغيير ما قدّره الله تعالى، فما كتبه الله واقع لا محالة، سواء نذر الإنسان أم لم ينذر. ثم يوضح ﷺ الحكمة من النذر، وهو أنه وسيلة يُستخرج بها من البخيل ما كان يبخل به من الطاعات والصدقات، فكأن النذر يحمله على فعل الخير الذي كان متكاسلاً عنه.
ومعنى ذلك: أن الإنسان إذا نذر نذراً لله عند حاجته لشيء (كشفاء مريض أو نجاح في أمر)، ثم تحقق ما نذر لأجله، وجب عليه الوفاء بنذره، فيكون ذلك سبباً في إخراج الطاعة من هذا البخيل الذي كان يبخل بماله أو عبادته عن الله.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- النذر مكروه ولا يُشرع ابتداءً: لأن النبي ﷺ نهى عنه، والأصل في النهي التحريم إلا إذا جاء ما يصرفه إلى الكراهة، وقد ذهب جمهور العلماء إلى كراهة النذر، وعدم الاستحباب.
2- إثبات القدر: وأنه لا يتغير بالنذر أو بغيره، فما قدّره الله كائن لا محالة.
3- النهي عن الاعتماد على النذر: لأنه لا يغير من القدر، فلا ينبغي للمسلم أن يتعلق بالنذر كوسيلة لجلب الخير أو دفع الشر، بل يتوكل على الله ويدعوه.
4- النذر يستخرج الطاعة من البخيل: فمن كان بخيلاً بالمال أو بالطاعة، فإن النذر يلزمه بما كان يتكاسل عنه.
5- وجوب الوفاء بالنذر إذا حصل: إذا نذر الإنسان نذراً ثم تحقق ما نذر لأجله، وجب عليه الوفاء به، لقوله تعالى: {يوفون بالنذر} [الإنسان:7]، وقوله ﷺ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (رواه البخاري).

رابعًا. تنبيهات مهمة:

- النذر ليس وسيلة للتقرب إلى الله ابتداء، بل هو مكروه كما بينا.
- إذا وقع النذر وجب الوفاء به ما لم يكن معصية.
- من نذر نذراً لله ثم لم يتحقق ما نذر لأجله، فلا شيء عليه.
- ينبغي للمسلم أن يجعل اعتماده على الله تعالى ودعائه، لا على النذر.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يجعلنا من المتقين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في النذر (٥: ١٦٤٠)، عن قُتَيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد العزيز (يعني الدراوردي) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه شعبة قال: سمعت العلاء بإسناده ولم يقل فيه: «لا تنذروا».
وقوله: «لا تنذروا» قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن النهي للتحريم فإن الناذر قد يقدر له ما نذر، فيظن أن ذلك من أجل النذر، فيكون من اعتقاده بأن النذر يغير القدر بخلاف إن كان معتقدًا بأن النذر لا يغير القدر، فالنذر في حقه مكروه.
ومعناه: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدره الله لكم، أو تصرفون عن أنفسكم شيئًا جرى القضاء به عليكم. وإذا فعلتم ذلك فأخرجوا عنه بالوفاء، فإن الذي نذرتموه لازم لكم.
انظر للمزيد: شرح السنة (١٠/ ٢٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 79 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

📜 حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية