حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ذكر الأوعية التي نهي أن ينتبذ فيها

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن الجرار، والدباء، والظروف المزفتة.

صحيح: رواه النسائي (٥٦٣٥)، وابن ماجه (٣٤٠٨)، وأحمد (١٠٩٧١) كلهم من طرق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال .

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن الجرار، والدباء، والظروف المزفتة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله ﷺ عن الجرار، والدباء، والظروف المزفتة".
(متفق عليه: أخرجه البخاري ومسلم)


1. شرح المفردات:


* نهى: أي حَرَّمَ أو منع منعاً شديداً، والنهي هنا للتحريم أو للكراهة التنزيهية، والأظهر التحريم؛ لأن الأصل في النهي التحريم.
* الجرار: (مفردها جَرَّة) وهي الأواني الفخارية الكبيرة المصنوعة من الطين، التي تُستعمل لحفظ السوائل كالتمر والزيت وغيرهما.
* الدباء: (مفردها دُبَّاء) وهو القرع أو اليقطين، والمقصود هنا الأواني المصنوعة من قشوره بعد تجفيفها، وكانت تستخدم كوعاء للسوائل.
* الظروف المزفتة: الظروف جمع ظرف، وهو كل وعاء يُحفظ فيه الشيء- المزفتة: أي المطلية بالقار أو الزفت (مادة سوداء تشبه القطران تُستخرج من النفط أو القار) لسد مسامها ومنع تسرب السوائل منها.


2. شرح الحديث:


نهى النبي ﷺ عن تخزين النبيذ (الخمر) والمسكرات في هذه الأوعية الثلاثة (الجرار، والدباء، الظروف المزفتة) وليس النهي عن استعمالها مطلقاً في غير الخمر.
الحكمة من النهي:
هذه الأوعية لها خاصية مشتركة، وهي أنها مسامية (الجرار الفخارية) أو صعبة التنظيف (الدباء والظروف المزفتة)، مما يجعل بقايا السائل المخزَّن فيها تتخمر بسرعة وتتحول إلى خمر، حتى لو كان أصله مباحاً مثل عصير العنب أو التمر. فالنهي وقائي؛ لمنع الوسائل التي تؤدي إلى الوقوع في المحرم (شرب الخمر).
* الجرار الفخارية: مسامها دقيقة تحتفظ ببقايا السوائل التي تتخمر بفعل الخمائر الموجودة في الهواء، فإذا وضع فيها عصير طاهر، فإنه يتحول سريعاً إلى خمر.
* الدباء (القرع المجفف): سطحه الداخلي خشن ويصعب تنظيفه جيداً من بقايا السوائل العالقة، مما يجعله وسطاً مثالياً للتخمر.
* الظروف المزفتة: الطلاء (الزفت) نفسه قد يذوب أو يتفاعل مع السائل المخزَّن، فيفسده أو يجعله ضاراً، كما أن تنظيفها صعب فلا تُزال جميع البقايا.
إذن، النهي ليس عن عين هذه الأوعية، بل عن اتخاذها خزانات للمسكرات أو لما يمكن أن يتحول إلى مسكر. وكان هذا النهي جزءاً من الخطة النبوية الحكيمة لمحاربة الخمر والقضاء عليها من المجتمع الإسلامي، وذلك بسد كل الذرائع المؤدية إليها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- سد الذرائع: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية سد الذرائع الموصلة إلى المحرمات. فما يؤدي إلى الحرام فهو حرام. وهذا الحديث نموذج عملي رائع لهذا المبدأ العظيم.
2- الحكمة في التشريع: لم يأتِ النهي عن الخمر فقط، بل شمل الوسائل التي تساعد على إنتاجها أو حفظها، مما يدل على عمق التشريع الإسلامي وشموليته.
3- الوقاية خير من العلاج: الإسلام يحرص على وقاية الإنسان قبل وقوعه في المعصية، لا معاقبته بعدها فحسب. فمنع تخزين العصير في هذه الأوعية يقطع الطريق على تكون الخمر من الأساس.
4- مراعاة الأسباب المادية: الشرع الحكيم يراعي طبيعة المواد والأوعية، ويأمر بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد بناء على هذه الطبيعة.
5- تحريم المسكر وكل ما يؤدي إليه: النهي يشمل كل ما أسكر كثيره، وكل طريق يوصل إليه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* يجوز استعمال هذه الأوعية لما لا يمكن أن يتحول إلى خمر، كحفظ الماء، أو اللبن، أو الزيت، أو الحبوب الجافة، بشرط أن تكون طاهرة ولا ضرر منها.
* إذا تطهرت هذه الأوعية وتغيرت طبيعتها (مثلاً: الجرة أصبحت مطلية طلاءً حديثاً يمنع المسامية ويجعلها قابلة للتنظيف التام) فإن الحكم يتغير تبعاً لذلك.
* الفقهاء قاسوا على هذه الأوعية كل وعاء له نفس الخاصية (صعوبة التنظيف أو التسريب أو التخمر)، فيدخل في النهي أي وعاء حديث له نفس المواصفات.
* هذا الحديث يدل على عظمة النبي ﷺ الذي أُوتي جوامع الكلم، حيث جمع في كلمات قليلة حكماً عظيماً يحمي الأمة من شر عظيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٥٦٣٥)، وابن ماجه (٣٤٠٨)، وأحمد (١٠٩٧١) كلهم من طرق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال .. فذكره. واللفظ للنسائي، وزاد أحمد: «وعن الظروف كلها». واقتصر ابن ماجه على «نبيذ الجر».
وإسناده صحيح، وأبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 98 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

  • 📜 حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب