لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

عن قتادة قال: سألت أنسا عن نبيذ الجر، فقال: لم أسمع من رسول الله ﷺ فيه شيئًا. قال: وكان أنس يكرهه.

صحيح: رواه أحمد (١٣٩٣٧)، وأبو يعلى (٣٢٤١)، والبزار (٧١٦١) كلهم من طريق أبي داود هو الطيالسي، عن شعبة، عن قتادة .

عن قتادة قال: سألت أنسا عن نبيذ الجر، فقال: لم أسمع من رسول الله ﷺ فيه شيئًا. قال: وكان أنس يكرهه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النفيس:

الحديث:

عن قتادة قال: سألت أنسًا عن نبيذ الجر، فقال: لم أسمع من رسول الله ﷺ فيه شيئًا. قال: وكان أنس يكرهه.

شرح المفردات:

* نبيذ الجر: النبيذ في اللغة: ما نُبِذَ من الشراب، أي تركه حتى ينتفخ ويصير مسكرًا. والجر: هو الإناء المصنوع من الفخار (الخزف أو الطين المحروق). فـ "نبيذ الجر" هو الشراب الذي يُتَّخَذُ ويُنْقَعُ في الأواني الفخارية.
* يكرهه: الكراهة هنا في اصطلاح الفقهاء تعني: التحريم أو التنزيه، وسيأتي بيان المراد.

شرح الحديث:

1- سياق الحديث: يسأل التابعي الجليل قتادة بن دعامة السدوسي (رحمه الله) الصحابي الجليل أنس بن مالك (رضي الله عنه) -خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن حكم نبيذ الجر، أي الشراب المتخذ في الأواني الفخارية.
2- جواب أنس رضي الله عنه: يجيب أنس رضي الله عنه بأنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا صريحًا يذكر "نبيذ الجر" ويبين حكمه تحديدًا.
3- موقف أنس الشخصي: مع أن أنسًا لم يسمع نصًا مباشرًا من النبي في هذه المسألة بالذات، إلا أنه أفتى بكراهته، أي بحرمته أو بمنعه. وهذا من فقه الصحابي، حيث يستنبط الحكم من عمومات النصوص وقواعد الشريعة.

الدروس المستفادة منه:

1- الأصل في الأشياء الإباحة: قول أنس: "لم أسمع من رسول الله ﷺ فيه شيئًا" يشير إلى قاعدة أصولية مهمة، وهي أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل التحريم. فعدم سماعه للتحريم لا يعني الإباحة المطلقة، بل يحمل على الأصل.
2- اجتهاد الصحابة وفقههم: موقف أنس رضي الله عنه يظهر لنا كيف كان الصحابة يجتهدون في المسائل التي لم يرد فيها نص صريح. فقد كره نبيذ الجر لعلل منها:
* سد الذرائع: الخمر محرمة، والأواني الفخارية (الجر) تساعد على سرعة تخمر العصير وتحوله إلى مسكر، فكرهها سدًا لذريعة الوقوع في المحرم.
* القياس: ورد النهي عن النبيذ في الدباء (القرع) والحنتم (الجر الأخضر) والمزفت (المطلي بالقار) والنقير (أوعية النخيل). فقاس الفقهاء والصحابة على هذه الأوعية كل وعاء يساعد على التسريع في التخمر والإسكار.
* الورع: فقد كان الصحابة يتورعون عن كل ما يشبه المحرم أو يقرب منه.
3- الفرق بين عدم العلم والجهل: قول أنس "لم أسمع" لا يعني أنه لا يعلم حكمه، بل يعني أنه لم يسمع نصًا خاصًا، ولكنه استنبط الحكم من أصول الشريعة، وهذا من فقهه رضي الله عنه.
4- مراتب الكراهة: كراهة أنس له قد تكون للتحريم (الكراهة التحريمية) بناء على القياس على المنصوص عليه من الأوعية، أو للتنزيه (كراهة التنزيه) خروجًا من خلاف من أباحه. والراجح عند جمهور العلماء تحريم الانتباذ في الجر والأوعية المسامّة (التي فيها مسامات تساعد على التخمر)؛ لأنها من الذرائع الموصلة إلى شرب الخمر.

معلومات إضافية مفيدة:

* ورد النهي الصريح عن الانتباذ في أوعية معينة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَلا فِي الْحَنْتَمِ وَلا فِي الْمُزَفَّتِ، وَانْتَبِذُوا فِي الأَسْقِيَةِ». رواه البخاري ومسلم.
* اختلف الفقهاء في حكم الانتباذ في الجر (الفخار)، فمنهم من منعه (وهو قول الجمهور) قياسًا على المنصوص، ومنهم من أباحه إذا أمن من التخمر والإسكار.
* الفقه في الدين لا يكون بمجرد سماع النصوص، بل بفهمها والقياس عليها وسد الذرائع إلى المحرمات، وهذا ما فعله أنس رضي الله عنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٣٩٣٧)، وأبو يعلى (٣٢٤١)، والبزار (٧١٦١) كلهم من طريق أبي داود هو الطيالسي، عن شعبة، عن قتادة ... فذكره. وإسناده صحيح.
وعزاه الهيثمي في المجمع (٥/ ٦١) لأبي يعلى وحده، وقال: ورجاله رجال الصحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 99 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

📜 حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية