حديث: من قتل عمدًا فهو قود

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ولي العمد مخير بين القتل أو العفو أو قبول الدية

عن ابن عباس أن النَّبِيّ ﷺ قال: «من قتل في عميّة، أو عصبية بحجر أو سوط أو عصا، فعليه عقل الخطأ، ومن قتل عمدًا فهو قود، ومن حال بينه وبينه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف، ولا عدْل».
وفي رواية: «من قتل عمدًا فقود يده».

حسن: رُوي موصولًا ومرسلا.

عن ابن عباس أن النَّبِيّ ﷺ قال: «من قتل في عميّة، أو عصبية بحجر أو سوط أو عصا، فعليه عقل الخطأ، ومن قتل عمدًا فهو قود، ومن حال بينه وبينه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف، ولا عدْل».
وفي رواية: «من قتل عمدًا فقود يده».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي تفضلتم بطلب شرحه هو حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين أحكام القتل وعقوباته، وهو من الأحاديث التي تحفظ الدماء وتصون المجتمع من الفوضى والعدوان. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين.
### أولاً. نص الحديث ورواته
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، والإمام النسائي، وغيرهم من أئمة الحديث، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو من المكثرين في رواية الحديث ومن أفقه الصحابة.
### ثانيًا. شرح المفردات
● عُمِيَّة: الجهالة والظلام، أي في حال غضب أو فتنة أو شغب لا يُدرى فيه من القاتل بالضبط.
● عصبية: التعصب للقبيلة أو العشيرة أو الجماعة دون حق.
● عقل الخطأ: الدية التي تُدفع في القتل الخطأ، وهي مائة من الإبل أو ما يعادلها.
● قود: القصاص، أي يُقتل القاتل عمدًا بالمثل.
● حال بينه وبينه: أي منَعَ القصاص من أن يُنفَّذ على القاتل.
● صرف: التوبة والنوافل من الأعمال.
● عدل: الفريضة والواجبات من الأعمال.
### ثالثًا. شرح الحديث
يقسم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القتل إلى ثلاثة أنواع، ويبين حكم كل نوع:
1- القتل في عُمِيَّة أو عصبية: أي القتل الذي يحدث في فتنة أو شغب أو تعصب قبلي، حيث يموت الشخص بسبب رمي حجر أو ضرب سوط أو عصا دون قصد القتل بالضرورة، ولكنها أدت إلى الموت. هذا يعتبر قتل خطأ، وحكمه: "فعليه عقل الخطأ" أي تجب الدية (مائة من الإبل) على عاقلة القاتل (أقاربه من الرجال)، ويجب على القاتل الكفارة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين.
2- القتل عمدًا: وهو القتل المتعمد بالسلاح أو ما يؤدي إلى الهلاك عادة. حكمه: "فهو قود" أي يجب القصاص، فيُقتل القاتل إن كان القتل بغير حق، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:179]. وفي الرواية الأخرى: "من قتل عمدًا فقود يده" تأكيد على أن القاتل يُقتل قصاصًا.
3- من حال بين القصاص وبين تنفيذه: أي من تعاطى أو تدخل ليمنع تنفيذ القصاص على القاتل العمد، رغم ثبوت الحق ووجوبه. هذا الشخص يُعتبر متعديًا على حد من حدود الله، وحكمه: "فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف ولا عدل". أي أنه ملعون من الله ومن ملائكته ومن الناس، ولا تقبل منه توبة (الصرف) ولا فريضة (العدل) على القول الصحيح عند أهل العلم؛ لأنه تعدى على حد من حدود الله، وهذا وعيد شديد يدل على عظم الجرم.
### رابعًا. الدروس المستفادة
1- الحفاظ على النفس البشرية: الإسلام يحرم الاعتداء على النفس ويشرع عقوبات رادعة للحفاظ على الحياة.
2- العدل والقصاص: القصاص حق لله وللعباد، ومنع تنفيذه من كبائر الذنوب.
3- خطورة التعصب والعصبية: القتل بدافع العصبية القبلية أو الحزبية من الأمور المهلكة.
4- وجوب الدية في القتل الخطأ: فيها تخفيف عن الأسرة المصابة وتأليف للقلوب.
5- الوعيد الشديد لمن يتجرأ على حدود الله: فمنع القصاص يعرض للعنة الله والناس.
### خامسًا. معلومات إضافية
- الدية في القتل الخطأ تجب على عاقلة القاتل (أقاربه) تخفيفًا عنه، وتكون مائة من الإبل، أو ما يعادلها من ذهب أو فضة أو مال.
- القصاص (القود) لا يُنفَّذ إلا بحكم القاضي بعد ثبوت الأدلة.
- هذا الحديث يدل على أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق العدل والرحمة، وليس التشدد والقسوة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من الحاميين لحدوده، والمقيمين لشرعه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رُوي موصولًا ومرسلا.
فأما الموصول فرواه أبو داود (٤٥٤٠) والنسائي (٤٧٨٩)، وابن ماجة (٢٦٣٥) والطحاوي في مشكله (٤٩٠٠) والدارقطني (٣/ ٩٤)، والبيهقي (٧/ ٢٥، ٥٣) كلّهم من طريق سليمان بن كثير، عن عمرو بن دينار عن طاوس، عن ابن عباس فذكره.
وقال ابن الملقن في الدر المنير (٨/ ٤٠٩): «رواية ابن ماجة على شرط الشّيخين». وقال في التنقيح (٤/ ٤٨١): «وإسناده جيد، لكن رُوي مرسلًا».
وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (١٠٠١) إسناده قويّ، وسكت في تعليقه على المشكاة (٣٤٠٨) فيكون حسنا كما صرَّح به في المقدمة: ما سكت عليه فهو حسن.
قال الأعظمي: ظاهر إسناده حسن فإن سلمان بن كثير مختلف فيه غير أنه حسن الحديث في غير الزّهريّ، وهذا ليس من حديث الزهري. وتابعه الحسن بن عمارة وإسماعيل بن مسلم كما قال البيهقيّ، ومن طريقهما رواه الدَّارقطنيّ في سننه (٣/ ٩٣ - ٩٤).
وأمّا المرسل: فرواه أبو داود (٤٥٣٩) من وجهين من حديث حمّاد وسفيان كلاهما عن عمرو، عن طاوس قال: قال رسول الله ﷺ فذكر الحديث نحوه.
وأشار إليه البيهقيّ بقوله: رواه حمّاد بن زيد في آخرين عن عمرو، عن طاوس مرسلًا. وقد صحَّ الدَّارقطنيّ في العلل (١١/ ٣٥ - ٣٦) الإرسال.
ومما لا شك فيه أن سفيان أقوى وأثبت من سليمان بن كثير ولكن قال الطحاويّ: «إنَّ سفيان قد كان يحدث به هكذا بآخره، وقد كان يحدث به قبل ذلك كما حدّث به سليمان بن كثير، ولو اختلفا لكان سليمان مقبول الرواية، ثبتا فيها ممن لو روى حديثًا فتفرد به لكان مقبولًا منه، وإذا كان كذلك كان فيما زاده على غيره في حديث مقبولة زيادتُه فيه عليه». انتهى.
قال الأعظمي: علاوة على ذلك فإن سليمان بن كثير لم ينفرد بوصلة كما سبق.
وأمّا معنى الحديث في قوله: «من قتل عمدًا فهو قود». أي أن الواجب هو القود، ولكن إذا
تنازل أولياء المقتول عن القود فلهم ذلك إما العفو وإما الدية، فلا تعارض بين القود وقبول الدية. وقوله: «لا يقبل منه صرف«أي توبة.
وقوله: «ولا عدل«أي فدية.
وفي الباب ما رُوي عن زيد بن ضُميرة قال: حَدَّثَنِي أبي وعمي، وكانا شهدا حنينًا مع رسول الله ﷺ، قالا: صلى النَّبِيّ ﷺ الظهر، ثمّ جلس تحت شجرة، فقام إليه الأقرع بن حابس، وهو سيد خِنْدِف، يردُ عن دم محلم بن جثّامة، وقام عيينة بن حصن يطلب بدم عامر بن الأضبط، وكان أشجعيا، فقال لهم النَّبِيّ ﷺ: «تقبلون الدية؟ «فأبوا، فقام رجل من بني ليث، يقال مُكَيِتل، فقال: يا رسول الله! والله! ما شبّهت هذا القتيل، في غرة الإسلام، إِلَّا كغنم وردت، فرميت فنفر آخرها، فقال النَّبِيّ ﷺ: لكم خمسون في سفرنا، وخمسون إذا رجعنا» فقبلوا الدية.
رواه ابن ماجة (٢٦٢٥) واللّفظ له، وأبو داود (٤٥٠٣) وابن الجارود (٧٧٧) وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٢١٠٨١) والبيهقي (٩/ ١١٦) كلّهم من حديث محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي محمد بن جعفر، عن زيد بن ضُميرة فذكروه مطوَّلًا وقال فيهم: إن أباه وجَدَّه شهدا حنينًا.
زيد بن ضُميرة ويقال: زياد بن سعد بن ضُميرة، ويقال: زياد بن ضُميرة بن سعد لم يرو عنه غير محمد بن جعفر، ولم يوثقه غير ابن حبَّان ولذا قال الحافظ في «التقريب»: «مقبول» أي عند المتابعة. ولم أقف على ذلك. وقد اختلف في إسناده أيضًا. فرواه أبو داود عن وهب بن بيان وأحمد بن سعيد الهمدانيّ، قالا: حَدَّثَنَا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزّناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر أنه سمع زياد بن سعد بن ضُميرة السلمي يُحدث عروة بن الزُّبير، عن أبيه. ولم يذكر فيه «وعن جده» ومن طريقه رواه البيهقيّ.
فمرة يحكي القصة عن أبيه وعمه الذين شهدا حنينًا، وأخرى عن أبيه وجده، وثالثة عن أبيه وحده.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 90 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قتل عمدًا فهو قود

  • 📜 حديث: من قتل عمدًا فهو قود

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من قتل عمدًا فهو قود

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من قتل عمدًا فهو قود

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من قتل عمدًا فهو قود

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب