ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

عن جابر، عن النبي ﷺ قال: «ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع».

صحيح: رواه أبو داود (٤٣٩١، ٤٣٩٢، ٤٣٩٣) والترمذي (١٤٤٨) وابن ماجه (٢٥٩١) والنسائي (٤٩٧٣) وصحّحه ابن حبان (٤٤٥١) والبيهقي (٨/ ٢٨٩) كلهم من طرق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن جابر، عن النبي ﷺ قال: «ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ».

تخريج الحديث:

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، وغيرهم. وحسنه بعض أهل العلم، وضعفه آخرون، ولكن معناه صحيح ومقبول عند الفقهاء.

1. شرح المفردات:

● خائن: هو من يخون الأمانة، كالوكيل أو الأمين الذي يُؤتمن على مال ثم يخونه ويأخذه خلسة أو غيلة.
● منتهب: هو الذي يأخذ المال غصبًا وجهرة بالقوة والعدوان، كالذي ينتزع المتاع من يد صاحبه بعنف.
● مختلس: هو الذي يأخذ المال خفية وسرقة لكنه بحضرة صاحبه أو بمحضر منه، كأن يمد يده إلى جيب إنسان أو إلى متاع بين يديه ويأخذه خفية.
● قطع: أي قطع اليد، وهي عقوبة السرقة الشرعية المشروطة بشروط معينة.

2. شرح الحديث:

معنى الحديث أن هذه الأنواع الثلاثة من الآخذين للمال بغير حق — الخائن، والمنتهب، والمختلس — لا تُقام عليهم عقوبة قطع اليد التي شرعت للسرقة، وذلك لعدم تحقق شروط القطع فيها، أو لوجود مانع يمنع إقامة الحد.
التفصيل في الأسباب:
● الخائن: كالوكيل أو العامل الذي يستولي على المال الذي اؤتمن عليه، فهذا لا قطع عليه لأنه أخذ مالًا هو تحت يده بأمانة، فلم تتحقق فيه شروط السرقة التي تستوجب القطع، وهي أخذ المال من حرز المثله بخفية وسرقة.
● المنتهب: الذي يأخذ المال غصبًا وجهرة بالقوة، وهذا أشبه بالغاصب، والغصب لا قطع فيه لأنه أخذ المال علانية وبالقوة، لا سرقة وخفة.
● المختلس: وهو الذي يأخذ المال خفية لكن بحضرة صاحبه، كأن يسرق من جيب إنسان وهو يعلم، فهذا أيضًا لا قطع عليه عند كثير من الفقهاء لأنه أخذ المال من غير حرز (أي لم يكن محفوظًا في مكان محرز كخزانة أو صندوق)، أو لأنه أخذ بحضرة صاحبه فلم تتحقق الخفية التامة للسرقة.

3. الدروس المستفادة منه:

● دقة الشريعة وعدلها: فالشريعة الإسلامية دقيقة في تحديد العقوبات، فلا تقام الحدود إلا عند تحقق شروطها وانتفاء موانعها، حفظًا للحقوق ودرءًا للعقوبات بالشبهات.
● الفرق بين الجرائم والعقوبات: ليس كل أخذ للمال بغير حق يوجب القطع، بل لكل جريمة عقوبتها المناسبة، فبعضها فيه حد القطع، وبعضها فيه التعزير، وبعضها فيه الضمان والغرم.
● الحكمة من اشتراط الحرز في السرقة: اشتراط أن يكون المال في حرز (مكان محفظ) ليقام حد القطع؛ لأن ذلك يدل على تعمد السرقة وتحدي حفظ المالك، بخلاف ما إذا كان المال معروضًا أو في متناول اليد.
● الرحمة في التشريع: حيث رفع القطع عن هذه الصور رحمة بالأمة ودرءًا للحدود بالشبهات.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذه الصور (الخيانة، الانتهاب، الاختلاس)رغم أن لا قطع فيها، لكنها إثم ومعصية، ويترتب عليها الضمان (أي ضمان المال بأداء مثله أو قيمته)، والتعزير (عقوبة تعزيرية من الحاكم حسب الحالة).
- الفقهاء يذكرون شروط القطع في السرقة، ومنها: أن يكون المال مسروقًا من حرز، وأن يبلغ النصاب (ربع دينار ذهب أو ما يعادله)، وأن يكون المال مملوكًا للغير، وأن يكون السارق بالغًا عاقلًا، وغيرها.
- الحديث يدل على أن الحدود تدرأ بالشبهات، كما هو مقرر في قواعد الشريعة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعيننا على طاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٩١، ٤٣٩٢، ٤٣٩٣) والترمذي (١٤٤٨) وابن ماجه (٢٥٩١) والنسائي (٤٩٧٣) وصحّحه ابن حبان (٤٤٥١) والبيهقي (٨/ ٢٨٩) كلهم من طرق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره. واللفظ للترمذي، ومنهم من فرق متن الحديث.
قال الترمذي: «حسن صحيح» ولكن نازعه أهل العلم في صحة هذا الحديث.
فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن جريج، عن أبي الزبير .. فقالا: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير، يقال: إنه سمعه من ياسين، أنا حدثت به ابن جريج، عن أبي الزبير. فقلت لهما: ما حال ياسين؟ فقالا: ليس بقوي». انتهى.
وقال أبو داود بعد أن فرق متنه في حديثين: «وهذان الحديثان لم يسمعهما ابن جريج، من أبي الزبير، وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنما سمعهما ابن جريج من ياسين الزيات، قال أبو داود: وقد رواهما المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ﷺ. انتهى.
وفيه رد على إعلال الحديث بابن جريج لمتابعة المغيرة لابن جريج.
وحديث المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير رواه النسائي (٤٩٧٥) إلا أنه قال في «الكبرى» (٤/ ٣٤٨): «والمغيرة بن مسلم ليس بالقوي في أبي الزبير، وعنده غير حديث منكر».
وقال أيضا: «روى هذا الحديث عن ابن جريج: عيسى بن يونس، والفضل بن موسى، وابن وهب، ومحمد بن ربيعة، ومخلد بن يزيد، وسلمة بن سعيد بصري ثقة، - قال ابن أبي صفوان:
وكان خير أهل زمانه - فلم يقل أحد منهم فيه: حدثني أبو الزبير، ولا أحبه سمعه من أبي الزبير. هكذا قال رحمه الله تعالى.
وقد رواه هو في «السنن الكبرى» فقال: أخبرنا محمد بن حاتم، قال: أنا سويد، قال: أنا عبد الله، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابر فذكر الحديث. ولكنه قال أيضا: «ما حمل شيئا، ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير عندنا».
ورواه عبد الرزاق (١٨٨٤٤) عن ابن جريج قال: قال لي أبو الزبير: قال جابر بن عبد الله فذكر الحديث. وفيه تصريح من ابن جريج بالسماع من أبي الزبير.
وأما حديث ياسين بن الزيات فرواه عبد الرزاق، عنه، أنه سمع أبا الزبير، يحدث عن جابر، عن رسول الله ﷺ فذكر الحديث. وفيه تصريح من أبي الزبير أنه سمع من جابر بن عبد الله، ورواه الدارمي (٢٣٥٦) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، قال: أنبأنا أبو الزبير، قال جابر: قال رسول الله ﷺ فذكر الحديث.
ورواية أبي عاصم عن ابن جريج لم يقف عليها النسائي وفيها التصريح من ابن جريج في سماع هذا الحديث من أبي الزبير.
وخلاصة القول أنه حديث صحيح، صحّحه ابن حبان، وسكت عنه عبد الحق في أحكامه، وابن القطان بعده فهو صحيح عندهما كما قال الزيلعي (٣/ ٣١٤) وقال: وتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقق إيصاله. ثم ذكر له شاهدين من حديث عبد الرحمن بن عوف، ومن حديث أنس الآتيان.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 79 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

📜 حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية