حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّصاب الذي تقطع فيه يد السّارق

عن ابن عمر أن النبي ﷺ قطع يد رجل سرق تُرسًا من صُفّة النساء، ثمنه ثلاثة دراهم.

صحيح: رواه أحمد (٦٣١٧) عن عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، أن نافعا مولى عبد الله حدثه فذكره.

عن ابن عمر أن النبي ﷺ قطع يد رجل سرق تُرسًا من صُفّة النساء، ثمنه ثلاثة دراهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه حكم عظيم من أحكام الشريعة الإسلامية.

أولاً. نص الحديث وروايته:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ، ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ".

ثانياً. شرح المفردات:


● قَطَعَ يَدَ: أي أمر بقطع يده اليمنى عقوبة له على جريمة السرقة.
● تُرْسًا: التُّرْس هو جلد يُدَبغ ويتخذ كترس للحرب، أو هو ما يُتَّقى به من السلاح، كالدرع الصغير.
● صُفَّةِ النِّسَاءِ: الصفة هي مكان مظلل في المسجد كان يأوي إليه الضعفاء والمساكين والغرباء. و"صفة النساء" هي جزء مخصص للنساء في المسجد أو مكان مجاور له.
● ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ: الدرهم هو عملة فضية كانت متداولة، وقيمتها تعادل تقريباً (2.975 جراماً من الفضة).

ثالثاً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سرق ترساً (درعاً صغيراً أو شيئاً له قيمة) من المكان المخصص للنساء في المسجد أو بجواره. وكانت قيمة هذا الترس ثلاثة دراهم، وهي قيمة قليلة. ومع ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع يده تطبيقاً لحد الله تعالى في السرقة.

رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- إثبات حد السرقة: الحديث دليل واضح على وجوب إقامة حد السرقة، وهو قطع اليد، على من سرق مالاً بلغ النصاب الشرعي، وهو ربع دينار ذهب فصاعداً (أو ما يعادله من الفضة أو قيمته)، وكان ثلاثة دراهم في ذلك الزمان تساوي هذا النصاب أو تزيد قليلاً.
2- النصاب الشرعي للسرقة: اختلف الفقهاء في تحديد النصاب بالدقة، ولكن الجمهور على أن النصاب ربع دينار ذهبي (أي ما يعادل 2.975 جراماً من الذهب) أو ثلاثة دراهم فضية (ما يعادل تقريباً 8.925 جراماً من الفضة) أو ما يعادل قيمتهما. وهذا المقدار كان متوفراً في الترس المسروق.
3- مكان السرقة لا يمنع القطع: السرقة كانت من "صفة النساء" في المسجد، وهو مكان عام له حرمته، مما يدل على أن السرقة من الأماكن العامة أو حتى المساجد لا تمنع إقامة الحد إذا توفرت شروطه.
4- القطع على السرقة اليسيرة: قطع النبي صلى الله عليه وسلم يد السارق مع أن المسروق له قيمة مادية ليست عالية، مما يدل على أن الجريمة ليست في قيمة المسروق فقط، بل في انتهاك حرمة المال والعرض والأمانة.
5- العدل والمساواة في تطبيق الحدود: النبي صلى الله عليه وسلم طبق الحد على السارق دون النظر إلى شخصيته أو وضعه الاجتماعي، تحقيقاً للعدل الذي أمر الله به.
6- زجر النفوس عن الجريمة: في إقامة الحدود عبرة وزجر للناس عن ارتكاب الجرائم، وحماية للمجتمع من انتشار الفساد.

خامساً:

تنبيهات مهمة:
- يشترط لإقامة حد السرقة شروط كثيرة ودقيقة، منها: بلوغ النصاب، وأن يكون المال المسروق محرزاً في حرز (مكان محفظ فيه)، وألا يكون للسارق شبهة تملك في المسروق، وغير ذلك من الشروط التي يجب أن تتوفر حتى لا يقع القاضي في الخطأ.
- المقصود من الحدود في الإسلام ليس التشفي أو التعذيب، بل هو ردع وزجر، وإقامة العدل، وتطهير للمجتمع من الجريمة، وتطهير للجاني من ذنبه في الدنيا حتى لا يعاقب عليه في الآخرة.
نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا أمننا وديننا وأموالنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٣١٧) عن عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، أن نافعا مولى عبد الله حدثه فذكره. ومن هذا الطريق رواه أبو داود (٤٣٨٦). ورواه النسائي (٤٩٠٩) من وجه آخر عن ابن جريج به مثله. وإسناده صحيح. والحديث في الصحيحين دون ذكر الصّفة.
وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، وجعلوا الحد فيما يجب فيه القطع ثلاثة دراهم، أو ربع
دينار، أو قيمة ثلاثة دراهم من العروض والأثمان. إلا أن الشافعي جعل قيمة العروض ربع دينار.
وأما ما رواه النسائي (٤٩٠٦) عن عبد الحميد بن محمد قال: ثنا مخلد، قال: ثنا حنظلة، قال: سمعت نافعًا قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قطع رسول الله ﷺ في مجن قيمته خمسة دراهم كذا قال.
فقال النسائي بعد أن روي من وجه آخر عن ابن وهب: حدثنا حنظلة أن نافعًا حدثهم أن عبد الله بن عمر قال: قطع رسول الله ﷺ في مجن ثمنه ثلاثة دراهم قال: هذا الصواب.
أي أن ذكر خمسة دراهم وهم من بعض الرواة، والصواب هو ثلاثة دراهم كما رواه مالك وغيره.
وقال أبو حنيفة وأصحابه أن قدر النصاب هو عشرة دراهم، أو دينار، أو قيمة أحدهما من العروض.
ورُوي عن أيمن بن أم أيمن، عن أمه أم أيمن قالت: قال رسول الله ﷺ: «لا تُقطع يد السارق إلا في حجفة، وقوّمت يومئذ على عهد رسول الله ﷺ دينارًا، أو عشرة دراهم، إلا أنه مرسل.
ورواه النسائي (٤٩٤٨) والطحاوي في شرحه (٢/ ٩٣) كلاهما من حديث شريك، عن منصور، عن عطاء، عن أيمن بن أم أيمن فذكره.
قال البيهقي في المعرفة (١٢/ ٣٨٩): قوله في هذا الإسناد: «عن أم أيمن خطأ، إنما قاله شريك بن عبد الله القاضي، وخلط في إسناده، وشريك ممن لا يحتج به فيما يخالف فيه أهل الحفظ والثقة لما ظهر من سوء حفظه».
رواه الحاكم (٤/ ٣٧٩) من حديث سفيان، عن منصور، عن الحكم، عن مجاهد، عن أيمن قال: لم تقطع اليد على عهد رسول الله ﷺ إلا بثمن المجن، وثمنه يومئذ دينار.
وقال: سمعت أبا العباس يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: أيمن هذا هو ابن امرأة كعب، وليس بابن أم أيمن، ولم يدرك النبي ﷺ. ووافقه الحاكم على ذلك.
وقال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (٤٢): أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إلي قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثني محمد بن إدريس الشافعي ﵀ قال: قال لي محمد بن الحسن: فقد روى شريك حديثا عن أيمن بن أم أيمن: أخي أسامة بن زيد لأمه. قلت: «لا علم لك بأصحابنا، أيمن أخو أسامة بن زيد قتل مع رسول الله ﷺ يوم حنين قبل أن يولد مجاهد، ولم يبق بعد النبي ﷺ، فيحدث به».
قال ابن أبي حاتم: «سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن صالح، عن منصور، عن الحكم، عن عطاء ومجاهد، عن أيمن - وكان فقيهًا قال: يقطع السارق في ثمن المجن، وكان ثمن المجن على عهد رسول الله ﷺ دينارًا. قال أبي: هو مرسل، وأرى أنه والد عبد الواحد بن أيمن، وليست اله صحبة». انتهى.
وكذا ذكره ابن حبان والدارقطني وغيرهم بأنه تابعي، لا صحة له.
وأما أيمن عن ابن أم أيمن فهو صحابي كما ذكر البغوي وأبو نعيم وابن منده وابن قانع وغيرهم، واستشهد مع النبي ﷺ يوم حنين.
والحاصل فيه كما قال الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٣٥٨): «الحديث معلول، فإن كان أيمن صحابيًّا فعطاء ومجاهد ثم يدركاه، فهو منقطع، وإن كان تابعيًا فالحديث مرسل».
ثم قال: ولكنه يتقوى بغيره من الأحاديث المرفوعة والموقوفة ثم ذكر هذه الأحاديث. منها: ما روي عن ابن عباس قال: قطع رسول الله ﷺ يد رجل في مجن قيمته دينار، أو عشرة دراهم.
رواه أبو داود (٤٣٨٧) والنسائي (٤٩٥١) كلاهما من حديث محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس فذكره.
ورواه النسائي من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء مرسلًا.
ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، كما أنه اضطرب فيه فمرة رواه موصولا، وأخرى مرسلًا.
وثالثة رواه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان ثمن المجن على عهد رسول الله ﷺ عشرة دراهم.
رواه النسائي (٤٩٥٦) عن خلاد بن أسلم، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب بإسناده.
وكذلك رواه أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٨٦٨٨) عن عبد الأعلى وعبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق بإسناده إلا أنه لم يذكر فيه «عهد رسول الله ﷺ».
وأما ما نقله الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٣٥٩) من طريق ابن أبي شيبة وفيه: قال رسول الله ﷺ: لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن«فهو سبق النظر، فإن هذا المتن الحديث عبد الله بن عباس السابق. ولكن رواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٧٢) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «القطع في ثمن المجن».
ورواه الإمام أحمد (٦٩٠٠) عن نصر بن باب، عن الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب به مرفوعا: «لا قطع فيما دون عشرة دراهم».
ونصر بن باب قال البخاري: «يرمونه بالكذب، وقال النسائي: «متروك» والحجاج بن أرطاة مدلس، ولم يسمع هذا الحديث من عمرو.
هذه الأحاديث فيها ضعف وشذوذ واضطراب تخالف الأحاديث الصحيحة التي ذكرت في أول الباب بأن ثمن المجن في عهد النبي ﷺ كان ثلاثة دراهم.
وأما كونه قطع يد رجل في مجن قيمته دينار، أو عشرة دراهم، فعلى تقدير صحته فليس فيه موضع التحديد، وإنما فيه ذكر حكم التنفيذ، لأنه إذا كان السارق يقطع في ربع دينار فكونه يقطع
في دينار أولى كما قال أنس: قطع أبو بكر في مجن قيمته خمسة دراهم. أخرجه النسائي (٤٩١٣) وروي مرفوعا. والصواب أنه موقوف. وقد اتفق ابن عمر وعائشة على أن ثمن المجن في عهد رسول الله ﷺ ثلاثة دراهم، وهي تساوي ربع دينار، لأن الصرف في عهد النبي ﷺ كان اثنا عشر درهما بدينار. وخالفهما في ذلك ابن عباس فيرى ثمن المجن عشرة دراهم، وكذلك عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال الشافعي: «المجان قديمًا وحديثًا سلع يكون ثمنه عشرة ومائة ودرهمين، فإذا قطع رسول الله ﷺ في ربع دينار، قطع في أكثر منه». انظر: البيهقي (٨/ ٢٥٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 76 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

  • 📜 حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب