حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما لا قطع فيه

عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا قطع في ثمر، ولا كثَرٍ».

صحيح: رواه الترمذي (١٤٤٩) والنسائي (٤٩٦٧) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن عمه واسع بن حبان، عن رافع بن خديج فذكره.

عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا قطع في ثمر، ولا كثَرٍ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النفيس الذي رواه الإمام أبو داود في سننه وغيره عن الصحابي الجليل رافع بن خديج رضي الله عنه، حيث قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا قطع في ثمر، ولا كثَرٍ».

أولاً. شرح المفردات:


● "لا قطع": أي لا قطع ليد السارق، وهي عقوبة محددة في الشريعة للسرقة التي بلغت النصاب وتحققت شروطها.
● "ثمر": هو ما على الشجر من الثمار كالتمر والعنب والرمان وغيرها قبل أن يُجنى ويُجمع.
● "كثَر": بكسر الكاف وتسكين الثاء، وهو ما يُترك في الزرع بعد الحصاد، أو البقل والزرع الذي لم يحصد بعد، وقيل هو ما سقط من السنبل أثناء الحصاد.

ثانياً. شرح الحديث:


معنى الحديث أن رسول الله ﷺ نفى إقامة حد القطع (قطع اليد) على من سرق من الثمار التيまだ على الأشجار، أو سرق من الكثر الذي في الزرع والمزروعات. وهذا من رحمة الشريعة الإسلامية وعدلها، حيث راعت ظروف الناس وحاجاتهم، فمن سرق شيئاً يسيراً من الطعام الذي لم يُجمع ويُخزن بعد، دفعاً للجوع أو الحاجة، لا تقام عليه عقوبة القطع التي هي من أشد العقوبات.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الرحمة والتيسير في الشريعة: يظهر هذا الحديث سماحة الإسلام ومراعاته للظروف الإنسانية، حيث لم يشرع أقسى العقوبات إلا في حالات محدودة بشروط صارمة، حفظاً للمجتمع وردعاً للمجرمين، مع مراعاة ظروف الفقر والحاجة.
2- مراعاة المقاصد الشرعية: الشريعة تهدف إلى حفظ المال، ولكنها أيضاً تراعي الظروف التي قد تدفع الإنسان للسرقة، كالجوع الشديد أو العوز، فلا تقيم عليه الحد في مثل هذه الحالات.
3- الفقه في تطبيق الحدود: الحديث يدل على أن عقوبة القطع لا تطبق على كل سرقة، بل هناك سرقات تستوجب عقوبات أخرى أو تعزيراً حسب الظروف ونوع المسروق وقيمته.
4- حماية المجتمع من التشدد: نهى النبي ﷺ عن التشدد في إقامة الحدود مما قد يؤدي إلى ظلم الناس، خاصة في الأمور التي تكون محل حاجة أو ضرورة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تسمى "أحاديث العفو"، التي فيها تيسير ورفع للحرج في أمور المعيشة والضرورات.
- اتفق الفقهاء على أن من سرق من الثمار أو الزرع ما دون النصاب (وهو ربع دينار ذهب أو ما يعادله) فلا قطع عليه، وإنما يعزر بما يراه القاضي.
- من الحكم في هذا الحديث منع إقامة الحد في حالات الاضطرار أو الحاجة التي تدفع للإخذ من هذه الأموال غير المخزونة.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العمل بكتابه وسنة نبيه ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٤٤٩) والنسائي (٤٩٦٧) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن عمه واسع بن حبان، عن رافع بن خديج فذكره. قال النسائي: والكثير الجمّار.
وإسناده صحيح، ولكن اختلف على يحيى بن سعيد، فرواه عنه الليث بن سعد هكذا، وتابعه سفيان الثوري، ومن طريقه رواه النسائي (٤٩٦٦) وابن ماجه (٢٥٩٣) وابن الجارود (٨٢٦) وصحّحه ابن حبان (٤٤٩٦) والبيهقي (٨/ ٢٦٣) كلهم عنه عن يحيى بن سعيد بإسناده موصولا.
وكذلك رواه سفيان بن عينة. ومن طريقه رواه الحميدي في مسنده (١/ ١٩٩) وقال الحميدي: فقيل لسفيان: ليس يقول أحد في هذا الحديث عن عمه، فقال: هكذا حفظي، قال الحميدي: فقال لي أبو زيد المدائني: حماد بن دليل أثبت عنيه. فإن شعبة كذا حدثنا عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه.
هذا الكلام ذكر ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٣/ ٣٠٥) ولم أجده في النسخة المطبوعة للحميدي ثم ساق ابن عبد البر الروايات المذكورة.
وخالفهم مالك في الحدود (٣٥) فرواه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، أن عبدًا سرق وديا من حائط رجل، فغرسه في حائط سيده. فخرج صاحب الودي يلتمس وديّه فوجده. فاستعدى على العبد مروان بن الحكم. فسجن مروانُ العبدَ.
وأراد قطع يده. فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج، فسأله عن ذلك. فأخبره أنه سمع رسول الله ﷺ بقول: «لا قطع في تمر ولا كثر» والكثر الجمّار. فقال الرجل: إن مروان بن الحكم أخذ غلامًا لي وهو يريد قطعه، وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبر بالذي سمعت من رسول الله ﷺ. فمشى مع رافع بن خديج إلى مروان بن الحكم. فقال: أخذت غلامًا لهذا؟ فقال: نعم. فقال: فما أنت صانع به، قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: سمعت رسول الله
ﷺ يقول ﷺ: «لا قطع في ثمر ولا كثر«فأمر مروان بالعبد فأرسل.
ومن طريقه رواه أبو داود (٤٣٨٨) وقال: الكثر: الجمار، ورواه من وجه آخر عن حماد، حدثنا يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبّان بهذا الحديث قال: فجلده مروان جلدات، وخلّى سبيله. ورواه أيضا الإمام أحمد (١٥٨٠٤) عن يزيد بن هارون، عن يحيى، عن محمد بن يحيى، عن رافع بن خديج فذكره. وهي كلها منقطعة.
وإلى هذا يشير الترمذي بعد أن رواه من طريق الليث كما سبق: «هكذا روى بعضهم عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن عمه واسع بن حبّان، عن رافع بن خديج، عن النبي ﷺ نحو رواية الليث بن سعد.
وروى مالك بن أنس وغير واحد هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن رافع بن خديج، عن النبي ﷺ ولم يذكروا فيه عن واسع بن حبّان».
وهو كما قال، فقد رواه جمعٌ من الرواة عن يحيى بن سعيد الأنصاري موصولًا، منهم من ذكرتهم، كما رواه جمع من الرواة عنه ولم يذكروا بين محمد بن يحيى بن حبّان وبين رافع بن خديج»واسع بن حبّان«وساق بعض هذه الأسانيد النسائي في سننه، والحكم لمن زاد.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلى ظاهر هذا الحديث فلم يوجب القطع في سرقة شيء من الفواكه الرطبة. سواء كانت محرزة أو غير محرزة، وقاس عليه اللحوم والألبان والأشربة والجبون.
وقال الشافعي كما ذكره البيهقي (٨/ ٢٦٣): وبهذا نقول في تمر معلق، لأنه غير محرز، ولا جمار لأنه غير محرز، وهو يشبه حديث عمرو بن شعيب». وهو الآتي.
وقوله: «كثر»: بفتحتين - الجُمار - وهو قلب النخل وشحمها.
وله شاهد ضعيف وهو ما رواه ابن ماجه (٢٥٩٤) عن هشام بن عمار، قال: حدثنا سعد بن سعيد المقبري، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قطع في ثمر ولا كثَر».
وسعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال فيه ابن عدي: «رواياته عن أخيه، عن أبيه، عن أبي هريرة عامتها لا يتابعه أحد عليها». الكامل (٣/ ١١٩)، وأما أخوه فهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري أشد ضعفًا منه وفي «التقريب»: متروك.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 77 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

  • 📜 حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا قطع في ثمر ولا كثر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب