اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

روي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: أتي النبي ﷺ بسارق سرق شملة فقال: «ما إخالك سرقته» قال: بلى، قد فعلت. قال: «اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه، ثم ائتوني به»، فذهبوا به، فقطعوه، ثم حسموه، ثم أتوه به، فقال: «تُب إلى الله»، قال: قد تُبت إلى الله. قال: «اللَّهم تب عليه».

حسن: رواه أبو داود في المراسيل (٢٣٥) وابن أبي شيبة (٢٩١٩٥) كلاهما من حديث سفيان، عن يزيد بن خُصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان فذكره واللفظ لأبي داود ورواه الحاكم (8218).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة، معتمدًا على كبار شروح الحديث.

الحديث:

1. شرح المفردات:

● شملة: ثوب من الصوف يُلتحف به، وقيمتها قليلة.
● ما إخالك سرقته: أي ما أظنك سرقتها. قالها النبي ﷺ تأنيسًا له وتلطفًا، وربما ليعطيه فرصة للتراجع أو لأن السرقة لم تثبت بعد.
● فاقطعوه: أي قطعوا يده حدًا للسرقة.
● ثم احسموه: الحسم هو كي الجرح بعد القطع بالنار أو بغيره ليمنع نزف الدم ويسرع الشفاء.
● تُب إلى الله: أي ارجع عن ذنبك إلى طاعة الله نادمًا عازمًا على عدم العودة.
● اللَّهم تب عليه: أي اقبل توبته واغفر ذنبه.

2. شرح الحديث:

يُروى هذا الحديث من طرق مختلفة، وهو يدل على عدة أمور:
● ثبوت السرقة وإقامة الحد: أقر السارق بالسرقة طواعية دون إنكار، فثبتت عليه الجريمة، فأمر النبي ﷺ بإقامة حد السرقة عليه، وهو قطع اليد.
● الرحمة حتى مع إقامة الحد: قول النبي ﷺ: «ما إخالك سرقته» فيه تلطف وتأنيس للسارق، وإعطاؤه فرصة، وهو من رحمة النبي ﷺ حتى مع المجرم.
● الإحسان في تنفيذ الحد: أمر النبي ﷺ بـ «احسموه» بعد القطع، وهذا من الإحسان في تنفيذ العقوبة، فالكي يوقف النزيف ويقي من التلوث، مما يخفف الألم ويسرع الشفاء. وهذا من كمال الشريعة ومراعاتها للصحة البدنية حتى لمن يقام عليه الحد.
● التوبة بعد إقامة الحد: بعد تنفيذ العقوبة الدنيوية، وجهه النبي ﷺ إلى التوبة والاستغفار، ليكفر الله عنه ذنبه ويمحو إثمه. فالحدود في الإسلام كفارات لأصحابها إذا أقيمت عليهم.
● دعاء النبي ﷺ له: دعا النبي ﷺ له بقبول التوبة، وهذا من رحمته ﷺ وشفقته على أمته، حتى على من أذنب.

3. الدروس المستفادة منه:

1- إقامة حدود الله: يجب إقامة الحدود الشرعية على من ارتكبها، صيانة للمجتمع وردعًا للمجرمين، وتحقيقًا للعدل.
2- الرحمة في الإسلام: حتى عند إقامة أقسى العقوبات، تكون الرحمة والشفقة حاضرة، كما في تلطف النبي ﷺ وأمره بالحسم.
3- أن الحد كفارة: من أقيم عليه حد في الدنيا فهو كفارة لذنبه، إذا تاب وأناب، فلا يعاقب عليه في الآخرة.
4- الحث على التوبة: التوبة باب مفتوح لكل عبد، مهما عظم ذنبه، وهي مقبولة إذا صدق فيها.
5- فضل الدعاء للمذنب التائب: ينبغي للمسلم أن يدعو لأخيه بالتوبة والقبول، اقتداءً بالنبي ﷺ.
6- الإقرار بالذنب: إقرار الرجل بذنبه دون جحود أو مماطلة دليل على صدق قد يخفف في التعامل معه، ويُرجى له القبول.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب حد السرقة، وشروط إقامته، ومنها أن تبلغ القطعة المسروقة نصابًا (وهو ربع دينار ذهب أو ما يعادله)، وأن تكون من حرز، وغيرها من الشروط. والشملة قد لا تبلغ النصاب، ولكن يحتمل أن تكون ثمينة في عرفهم، أو أن الحديث ورد قبل تحديد النصاب، أو أن النبي ﷺ أقام الحد لكونه إقرارًا منه وطلبه للتكفير.
- الحديث يدل على أن التوبة تكون بعد إقامة الحد، فالعقوبة الدنيوية لا تسقط التوبة، بل التوبة واجبة بعدها لمحو الإثم.
- فيه دليل على مشروعية الحسم (الكي) بعد قطع اليد لوقف النزيف، وهو من التداوي المشروع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود في المراسيل (٢٣٥) وابن أبي شيبة (٢٩١٩٥) كلاهما من حديث سفيان، عن يزيد بن خُصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان فذكره واللفظ لأبي داود ورواه الحاكم (8218).
وتابعه ابن جريج فرواه عن يزيد بن خصيفة نحوه رواه عبد الرزاق (٧/ ٣٨٩). وكذلك رواه عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن خصيفة عن ابن ثوبان مرسلًا، وهو عند البيهقي (٧/ ٢٧١)، وقال البيهقي: «وبلغني أن محمد بن إسحاق رواه عن يزيد بن خصيفة، عن ابن ثوبان، عن أبي هريرة. وقال: ولا أراه حفظه وقال: وروي فيه أيضا مرسلًا. انتهى.
قال الأعظمي: ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يزيد بن خصيفة ولكن اختلف عليه. فرواه
يعقوب بن إبراهيم عنه بذكر أبي هريرة. وأرسله عنه علي بن المديني. ذكره البيهقي.
والصواب أنه مرسل، وإن كان ذهب بعض أهل العلم إلى تصحيح الموصول لما فيه من زيادة علم، انظر «التلخيص» (٤/ ١٦).
وإن ابن الزبير أتي بسارق فقطعه، فقال له أبان بن عثمان: احسمه. فقال: إنك به رحيم. قال: لا، ولكنه من السنة. رواه ابن أبي شيبة (٢٩١٩٧) عن وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن أبي سفيان أن ابن الزبير أتي بسارق فذكره.
وكذلك كان علي بن أبي طالب إذا قطع اللصوص يحسم ويحبسهم ويداويهم. رواه أيضا ابن أبي شيبة (٢٩١٩٩).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 91 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

📜 حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية