حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما لا قطع فيه

عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: «ليس على منتهب، ولا مختلس، ولا خائن قطعه.

صحيح: رواه الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين ٢٤٦٦) حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور، ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، قال: أملى عليّ عبد الله بن وهب من حفظه، عن يونس، عن الزهري، عن أنس بن مالك فذكره.

عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: «ليس على منتهب، ولا مختلس، ولا خائن قطعه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يتعلق بأحكام الحدود والعقوبات في الإسلام، ويظهر فيه رحمة الإسلام وعدله. وإليك الشرح المفصل:

نص الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ، وَلَا خَائِنٍ قَطْعٌ».
(رواه أبو داود في سننه، والترمذي في جامعه، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني).


أولاً. شرح المفردات:


* مُنْتَهِبٍ: هو الذي يأخذ المال المنهوب، أي المغصوب غصباً بالقوة والجبروت، أمام أعين الناس، دون أن يخفي نفسه. وهو أشد أنواع السرقة جرأةً وعلناً.
* مُخْتَلِسٍ: هو الذي يأخذ المال اختلاساً، أي يأخذه خفيةً وسرعةً من مكانه ثم يهرب، كأن يختلس المحفظة من جيب شخص في زحام.
* خَائِنٍ: هو من خان الأمانة، كخادم أو وكيل أو مستأمن على مال، فخان وخذان وأخذ منه سراً.
* قَطْعٌ: أي قطع اليد، وهي العقوبة الشرعية (الحد) المفروضة على السارق التي ذكرها الله تعالى في قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38].


ثانياً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:


معنى الحديث النبوي الشريف أن هذه الصفات الثلاث (المنتهب، والمختلس، والخائن) إذا سرقوا، فلا يقام عليهم حد القطع في أيديهم، وذلك على خلاف السارق العادي الذي تستوفى فيه شروط القطع.
فالحديث يوضح أن عقوبة القطع تختص بـ "السارق" الذي يأتي سرقته بصفة معينة (وهي أن يأخذ المال من حرز المثل له خفيةً وبدون علم صاحبه)، أما من كانت سرقته علنية أو بالقوة أو من خلال خيانة الأمانة، فلا يشمله حد القطع، وإن كان آثماً وعاصياً ويستحق عقوبة تعزيرية أخرى.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- دقة التشريع الإسلامي وعدله: يظهر هذا الحديث الدقة البالغة في التشريع الإسلامي، حيث ميز بين أنواع الجرائم التي قد تشترك في أخذ مال الغير بغير حق، وفرق بين عقوباتها. فليس كل أخذ لمال الغير يسمى "سرقة" بالمعنى الشرعي الموجب للقطع.
2- الفرق بين "الحد" و "التعزير":
* الحد: هو عقوبة مقدرة شرعاً لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان، كقطع يد السارق.
* التعزير: هو عقوبة غير مقدرة ترجع للقاضي يوقعها على الجاني بما يراه مناسباً من الزجر والردع، كالحبس أو الضرب أو الغرامة المالية، حسب جسامة الجريمة وظروفها.
فالمنتهب والمختلس والخائن يعاقبون تعزيراً لا حداً.
3- حكمة إسقاط حد القطع عن هؤلاء:
* المنتهب (صاحب القوة): سرقته علنية وشبهة فيها، لأنه يأخذ المال غصباً وقهراً، وقد يظن البعض أنه يأخذ حقه، أو أن له سلطة، فتسقط عنه عقوبة القطع لوجود الشبهة.
* المختلس: يأخذ المال بسرعة وخفة، ولم تتوفر فيه شروط القطع الكاملة، كأن يكون المال ليس في حرز (مكان محفظ ومحروس).
* الخائن: أصله أمين، فخيانته مختلفة عن السرقة المحضة، ولأنه قد يكون له نوع ولاية على المال فتكون جريمته خيانة ولاية لا سرقة محضة.
4- رحمة الإسلام وسعة عفوه: المقصود الأعظم من الحدود هو زجر الناس عن الجريمة وحماية الأموال والأعراض. وإسقاط الحد في هذه الحالات يظهر رحمة الإسلام ومراعاته للظروف والشبهات، حتى لا يتساهل الناس في إقامة أقسى العقوبات.
5- تحريم جميع هذه الصفات: على الرغم من إسقاط حد القطع، فإن الحديث لا يعني إباحة هذه الأفعال، بل هي محرمة وكبيرة من كبائر الذنوب، ويستحق فاعلها الوعيد الشديد والعقاب التعزيري من الحاكم.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* اتفق الفقهاء على أن شروط إقامة حد القطع على السارق تشمل أن يكون المال المسروق قد بلغ النصاب (ربع دينار ذهب أو ما يعادله)، وأن يكون مأخوذًا من "حرز" (أي مكان محفظ ومغلق كخزانة أو صندوق)، وأن تكون السرقة خفية، وأن يكون السارق بالغاً عاقلاً، وأن لا توجد شبهة تمنع إقامة الحد.
* أفعال المنتهب والمختلس والخائن لا تستوفي بعض هذه الشروط، ولهذا سقط عنهم الحد.
* هذا الحديث من الأدلة التي يستند إليها الفقهاء في كتب الفقه عند باب الحدود لبيان أنواع السرقة التي لا يقتطع فيها اليد.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العمل بسنّة نبيه ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين ٢٤٦٦) حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور، ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، قال: أملى عليّ عبد الله بن وهب من حفظه، عن يونس، عن الزهري، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الطبراني: لم يرو عن الزهري إلا يونس، ولا عنه إلا ابن وهب، تفرد به أبو معمر. انتهى.
قال الأعظمي: رجاله ثقات، ولا تضر تفرد بعضهم عن بعض.
وكذا قال الحافظ في الدراية (٦٨١) رجاله ثقات.
والخلسة - ما يؤخذ سلبًا ومكابرة.
والخائن: هو من يأخذ المال بالغش والخيانة، ويظهر النصح للمالك.
يقول الخطابي: «أجمع عامة أهل العلم على أن المختلس، والخائن لا يقطعان، وذلك أن الله سبحانه وتعالى إنما أوجب القطع على السارق».
وكذلك ادعى ابن عبد البر إجماع أهل العلم على أن الخلسة لا قطع فيها إلا إياس بن معاوية.
انظر: الاستذكار (٢٤/ ٢٣٦).
قال الأعظمي: داود الظاهري، وأحمد في رواية أوجبا القطع في الخلسة، والخيانة، لأن فيهما الاستعلاء على مال الغير بغير الحق، فالقضية تعود إلى حكم الحاكم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

  • 📜 حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب