لا تقطع الأيدي في السفر

حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

عن جنادة بن أبي أمية، قال: كنا مع بسر بن أبي أرطاة في البحر، فأتي بسارق يقال له مِصْدر، قد سرق بُختيّة. فقال: قد سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تُقطع
الأيدي في السفر«ولولا ذلك لقطعته.

صحيح: رواه أبو داود (٤٤٠٨) والنسائي (٤٩٧٩) والبيهقي (٩/ ١٠٤) كلهم من حديث حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس القِتْباني، عن شِيَيْم بن بَيْتان ويزيد بن صُبح الأصبحي، عن جنادة بن أبي أمية فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

الحديث:

عن جنادة بن أبي أمية قال: كنا مع بُسْرِ بن أبي أرطاة في البحر، فأُتِيَ بسارق يقال له مِصْدَر، قد سرق بُخْتِيَّةً. فقال: قد سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تُقْطَعُ الأيدي في السَّفَرِ» ولولا ذلك لقطعته.

1. شرح المفردات:

● بُسْر بن أبي أرطاة: صحابي جليل، كان قائداً في جيش المسلمين.
● البحر: هنا يقصد به رحلة بحرية أو سفر عبر البحر.
● سارق: لص، من يسرق مالاً غيره.
● مِصْدَر: اسم السارق.
● بُخْتِيَّة: نوع من الدروع أو الأسلحة، وقيل هي فرس أو دابة.
● لا تُقْطَعُ الأيدي في السَّفَر: النهي عن تنفيذ حد القطع أثناء السفر.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث يروي قصة حدثت مع الصحابي بسر بن أبي أرطاة أثناء سفرهم في البحر، حيث أُحضِرَ إليه سارقٌ سرق "بختية" (وهي إما درع أو فرس)، فامتنع بسر عن قطع يده -مع أن السرقة بلغت النصاب الموجب للقطع- لأنه تذكر أن النبي ﷺ نهى عن قطع الأيدي في السفر.
والحكمة من النهي عن إقامة الحدود في السفر:
- السفر حالة طارئة يكون فيها الناس في ظروف غير مستقرة، وقد يدفع الجوع أو الحاجة إلى السرقة.
- قد يكون السارق مضطراً أو غريباً لا ملجأ له.
- إقامة الحد في السفر قد تسبب مشقة زائدة، كصعوبة تضميد الجرح أو الخوف من تلوثه.
- الحفاظ على تماسك الجماعة المسلمة في السفر وعدم إثارة الفوضى.

3. الدروس المستفادة:

● الرحمة والتيسير في الإسلام: الإسلام دين يسر، ويراعي الظروف الطارئة مثل السفر.
● الالتزام بسنة النبي ﷺ: بسر بن أبي أرطاة امتنع عن القطع امتثالاً لأمر النبي ﷺ، وهذا يدل على حرص الصحابة على تطبيق السنة.
● مراعاة الظروف الخاصة: الفقه الإسلامي يراعي أحوال الناس وظروفهم، فلا يُطبَّق الحد إلا في الظروف المناسبة.
● الحكمة في تطبيق الحدود: الحدود تُطبَّق للحفاظ على المجتمع، وليس للانتقام، لذا يُراعى فيها الظروف المخففة.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وحسَّنه بعض العلماء.
- الفقهاء اختلفوا في حكم إقامة الحد في السفر:
- الجمهور (الشافعية والحنابلة وبعض المالكية): لا يُقطَع السارق في السفر.
- الحنفية: يجوز قطع السارق في السفر إذا توفرت شروط القطع.
- والراجح هو ما دل عليه هذا الحديث من النهي، خاصة إذا كان السفر لضرورة أو جهاد.
- القاعدة الفقهية: "الحدود تُدرأ بالشبهات"، فإذا وجدت شبهة (مثل السفر أو الاضطرار) يُترك الحد.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويجعلنا من أهل السنة والجماعة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٤٠٨) والنسائي (٤٩٧٩) والبيهقي (٩/ ١٠٤) كلهم من حديث حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس القِتْباني، عن شِيَيْم بن بَيْتان ويزيد بن صُبح الأصبحي، عن جنادة بن أبي أمية فذكره.
والمراد بالسفر هنا هو الغزو كما جاء في الروايات عند الترمذي (١٤٥٠) وأحمد (١٧٦٢٦) معجم ابن قانع (١/ ٨٤) كلهم من حديث عبد الله بن لهيعة، حدثنا عباس بن عباس بإسناده عن جنادة بن أبي أمية أنه قال على المنبر برودس حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس. فقال: إنه لم يمنعني من قطعهما إلا أن بسر بن أرطاة وجد رجلا سرق في الغزو يقال له: مصدر. فجلده، ولم يقطع يده وقال: نهانا رسول الله ﷺ عن القطع في الغزو. واللفظ لأحمد ولفظ الترمذي مختصر. وقال: هذا حديث غريب. وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا. ويقال: بسر ابن أبي أرطاة أيضا».
وقال: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم الأوزاعي، لا يرون أن يقام الحد في الغزو بحضرة العدو مخافة أن يلحق من يُقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب. ورجع إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه. كذلك قال الأوزاعي». انتهى.
قال الأعظمي: لعل الترمذي لم يحكم على الحديث بالصحة أو الحسن من أجل الاختلاف في صحبة بسر بن أبي أرطاة. فقد نقل ابن سعد عن الواقدي أنه قال: ولد قبل وفاة النبي ﷺ بسنتين، وقبض النبي ﷺ وهو صغير. وأنكر أن يكون روي عن النبي ﷺ رواية أو سماعا. كذا في تهذيب الكمال.
وقال يحيى بن معين: «أهل المدينة ينكرون أن يكون سمع بسر بن أبي أرطاة من النبي، وأهل الشام يروون عنه، عن النبي ﷺ».
ولكن ذهب جمهور أهل العلم منهم: البخاري، والبغوي، وابن قانع، وابن حبّان، وابن منده، وغيرهم إلى إثبات الصحبة له. قال ابن حجر في التقريب: «من صغار الصحابة». وبهذا صح إسناد هذا الحديث.
وقوله: «بُخْتِيّة» الأنثى من الجمال البخت.
وأهل العلم مختلفون في إقامة الحد في دار الحرب. فمضى قول الأوزاعي أنه لا يقام في دار الحرب للعلة التي ذكرها وأيضا أمير الجيش ليس له صلاحية في إقامة الحدود التي فيها الإتلاف، فإن هذا راجع إلى الحاكم. وأكثر الفقهاء لا يفرقون بين أرض الحرب وغيرها ويرون إقامة الحد على من ارتكبها، كما يرون وجوب الفرائض والعبادات عليهم في دار الإسلام ودار الحرب سواء.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 87 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

📜 حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تقطع الأيدي في السفر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية