حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حد شارب الخمر
متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٧٧٨) ومسلم في الحدود (٣٩: ١٧٠٧) كلاهما من طريق سفيان الثوري، حدثنا أبو حصين، سمعت عمير بن سعيد النخعي قال: سمعت علي بن أبي
طالب قال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه:
نص الحديث:
عن علي بن أبي طالب قال: "ما كنت لأقيم حدًّا على أحد فيموت فأجد في نفسي، إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديتُه، وذلك أن رسول الله ﷺ لم يسُنْه".
1. شرح المفردات:
● حدًّا: عقوبة مقدرة شرعًا لمعصية معينة.
● أجد في نفسي: أندم أو أتحسر أو أشعر بوخز الضمير.
● صاحب الخمر: الذي شرب الخمر وحُدَّ بسببها.
● وديته: أدفع ديته (أي المال الواجب بسبب القتل الخطأ).
● لم يسنه: لم يضعه أو يشرعه كحدٍ مقدر بعقوبة معينة.
2. شرح الحديث:
يخبرنا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن موقفه من إقامة الحدود، فيقول إنه كان يقيم الحدود الشرعية (مثل حد الزنا أو القذف أو السرقة) بثقة تامة، فإذا مات المحكوم عليه أثناء تنفيذ الحد، فإنه لا يندم ولا يشعر بتأنيب ضمير، لأنه لم يقم إلا بحكم الله ورسوله.
إلا في حالة واحدة، وهي حد شارب الخمر. فلو أن شخصًا شرب الخمر فُعُوقب بالجلد (وهو الحد الذي كان يقيمه الخلفاء الراشدون على شارب الخمر) ومات أثناء العقوبة، فإن عليًا رضي الله عنه كان سيدفع ديته (كفالة مالية) لأهله، لأنه يعتبر أن عقوبة الخمر لم تُحدد من النبي ﷺ تحديدًا ثابتًا كباقي الحدود، بل كانت فيها تأديب وتعزير، وليست عقوبة مقدرة بنص قاطع كالسرقة أو الزنا.
فالفرق هنا أن باقي الحدود (مثل حد الزاني المحصن أو السارق) مقدرة بنص قرآني أو حديث متواتر، فأقامتها لا تثير شكًا، أما الخمر فلم يرد في القرآن عقوبة محددة لها، وإنما جاءت أحاديث في جلد شاربها، ولكن دون تحديد عدد الجلدات تحديدًا ثابتًا متفقًا عليه، بل وردت روايات مختلفة في عدد الضربات، فكان الصحابة رضوان الله عليهم يجلدون فيها بأعداد مختلفة (أربعين، ثمانين، etc.) بحسب رأيهم وتقديرهم للجريمة والجاني.
ولهذا شعر علي رضي الله بالحرج لو مات أحد تحت العقوبة، لأنه يرى أن هذا الحكم لم يُسنَّ بسنة ثابتة عن النبي ﷺ، بل هو من الاجتهاد والتعزير.
3. الدروس المستفادة:
1- الفرق بين الحد والتعزير: الحدود عقوبات مقدرة شرعًا بنص، والتعزير عقوبات غير مقدرة تترك للقاضي حسب الظرف. والخمر عند كثير من الفقهاء تدخل في باب التعزير لا الحدود المقدرة.
2- احترام النفس البشرية: حتى في تطبيق العقوبات، كان الصحابة يتحرون العدل ويتجنبون الإفراط، ويراعون حرمة الإنسان.
3- الاجتهاد في отсут النص: الصحابة كانوا يجتهدون في الأمور التي لم يرد فيها نص صريح ثابت، ولكنهم يتحرون الحذر.
4- مسؤولية الحاكم: الحاكم مسؤول عن قراراته، وإذا أخطأ في تقدير العقوبة وقد يؤدي إلى ضرر، فإنه يتحمل تبعات ذلك (كالدية هنا).
5- الاستناد إلى السنة النبوية: يؤكد الحديث على أهمية التثبت من السنة، وعدم إضافة ما ليس منها في الدين.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بأحكام الحدود.
- اختلف الفقهاء في حد الخمر: فمنهم من جعله حدًا مقدرًا (كأبي حنيفة والشافعي)، ومنهم من رأى أنه تعزير (كبعض المالكية والحنابلة).
- الدية هنا تدفع كضمان للخطأ المحتمل في التقدير، لا لأن الحد نفسه خطأ.
- الحديث لا يعني ترك عقوبة شارب الخمر، بل يعني مراعاة التقدير وعدم المغالاة فيها.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إليه ردًا جميلاً.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
طالب قال فذكره. قوله: «لأن رسول الله ﷺ لم يسنّه«أي لم يقدر فيه حدًّا مقدرًا.
قال النووي: «واختلف العلماء في قدر حدّ الخمر، فقال الشافعي وأبو ثور وداود وأهل الظاهر وآخرون: حده أربعون ....
ونقل القاضي (يعني عياضًا) عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم: مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق أنهم قالوا: حدّه ثمانون.
واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وأن فعل النبي ﷺ لم يكن للتحديد، ولهذا قال في الرواية الأولى: «نحو أربعين».
وحجة الشافعي وموافقيه أن النبي ﷺ إنما جلد أربعين، كما صرح به في الرواية الثانية.
وأما زيادة عمر فهي تعزيرات، والتعزير إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركهـ بحسب المصلحة في فعله وتركهـ .. «اهـ شرح النووي (١١/ ٢١٦).
وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. فقال في: منهاج السنة النبوية (٦/ ٨٣): وقد تنازع علماء المسلمين في الزائد عن الأربعين إلى الثمانين هل هو حد يجب إقامته أو تعزير يختلف باختلاف الأحوال على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد أحدهما: أنه حد لأن أقل الحدود ثمانون وهو حد القذف، وادعى أصحاب هذا القول أن الصحابة أجمعت على ذلك، وأن ما نقل من الضرب أربعين كان بسوط له طرفان فكانت الأربعون قائمة مقام الثمانين وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما.
والثاني: أن الزائد على الأربعين جائز فليس بحد واجب وهو قول الشافعي واختاره أبو بكر وأبو محمد وغيرهما وهذا القول أقوى. ثم استدل لذلك بحديث علي في صحيح مسلم، وحديث أنس في الصحيحين» انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 105 من أصل 121 حديثاً له شرح
- 72 تُقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا
- 73 اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من...
- 74 لم تقطع يد سارق في أقل من ثمن المجن
- 75 قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم
- 76 قطع يد السارق في تُرس ثمنه ثلاثة دراهم
- 77 لا قطع في ثمر ولا كثر
- 78 من أصاب بفيه من ثمر معلق فلا شيء عليه
- 79 ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع
- 80 ليس على المختلس قطع
- 81 ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطعه
- 82 هلا قبل أن تأتيني به
- 83 من حالت شفاعته دون حد من حدود الله
- 84 تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب
- 85 أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود.
- 86 قطع يد امرأة سرقت ثم حسنت توبتها
- 87 لا تقطع الأيدي في السفر
- 88 اقتلوه قالوا يا رسول الله إنما سرق
- 89 إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف
- 90 أمر النبي ﷺ السارق بالاستغفار بعد القطع.
- 91 اقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به
- 92 بع العبد إذا سرق ولو بنش
- 93 قطعت يد السارق في سرقة الجمل
- 94 ألا هل بلغت؟ ثلاثا
- 95 قذف المحصنات المؤمنات من السبع الموبقات
- 96 البينة وإلا حد في ظهرك
- 97 ضرب الحد على رجلين وامرأة بعد نزول آية الإفك
- 98 من وقع على ذات محرم فاقتلوه
- 99 عوقبة شرب الخمر بلا توبة في الآخرة
- 100 إن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من...
- 101 عقوبة شرب الخمر وعدم قبول الصلاة اربعين يوما
- 102 جلد شارب الخمر أربعين جلدة
- 103 عن عثمان بن عفان في إقامة الحد على الوليد بن...
- 104 صلّى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم
- 105 من لم يسنه رسول الله ﷺ
- 106 ضرب الشارب بالنعال وأمر النبي بالرفع
- 107 اضربوه ولا تقولوا أخزاك الله ولا تعينوا عليه الشيطان
- 108 من عنوان الحديث: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله...
- 109 عبد الله الذي كان يلقب حمارًا ويحب الله ورسوله
- 110 من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه
- 111 إذا سكر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه
- 112 من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه
- 113 من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن...
- 114 إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه
- 115 عن النبي ﷺ: أيسكر؟ فلا تشربوه، فإن لم يصبروا عنه...
- 116 الخمر إذا شربوها فاجلدوهم ثم إذا شربوها فاقتلوهم
- 117 لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود...
- 118 لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود...
- 119 يضربون إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانهم
- 120 ما خُيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا أخذ أيسرهما
- 121 من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر
معلومات عن حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
📜 حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من لم يسنه رسول الله ﷺ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








