حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من شرب الخمر مرارًا

عن ابن عمر، ونفر من أصحاب النبي ﷺ قالوا: قال رسول الله ﷺ: «من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه».

حسن: رواه النسائي (٥٦٦١) عن إسحاق بن إبراهيم، (ابن راهويه) قال: أنبأنا جرير، عن مغيرة الضبي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن ابن عمر فذكره.

عن ابن عمر، ونفر من أصحاب النبي ﷺ قالوا: قال رسول الله ﷺ: «من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا الحديث الذي سألت عنه حديث عظيم، رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً: شرح المفردات:
* الخمر: كل ما خامر العقل وغطاه من المشروبات المسكرة، سواء كان مصنوعاً من العنب أو التمر أو الشعير أو غيرها.
* فاجلدوه: أي اضربوه بالجَلد عقوبةً له على شربه.
* فاقتلوه: أي ائتوا به إلى الحاكم أو الوالي ليُقيم عليه حدَّ القتل بعد المرة الرابعة.
ثانياً: شرح الحديث:
يبيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المنهج الشرعي في التعامل مع مدمن الخمر الذي يُصر على معصية الله تعالى ولا ينزجر بالعقوبات الأولية.
1- المرحلة الأولى والثانية والثالثة: إذا شرب الخمر للمرة الأولى، يُقام عليه حد الشرب، وهو الجلد. واختلف الفقهاء في عدد جلدات الحد، فقيل أربعون جلدة، وقيل ثمانون، والراجح – والله أعلم – أنه أربعون كما في حديث أنس رضي الله عنه، وأن عمر رضي الله عنه هو الذي زادها إلى ثمانين تشديداً على من انتشر في زمنه.
2- المرحلة الرابعة: إذا عاد وشرب للمرة الرابعة، يُجلد مرة أخرى. وهذا يدل على الصبر على المعاصي والتدرج في العلاج، وإعطاء الفرصة للتائب ليندم ويعود إلى رشده.
3- المرحلة الخامسة (القتل): إذا استمر في الإصرار والعناد وشرب للمرة الخامسة، فالعقوبة هنا تكون بالقتل. وهذا القتل هو حد من حدود الله، يُطبقه ولي الأمر (الحاكم أو القاضي) بعد ثبوت الإدانة، وليس للأفراد أن يقتلوه بأيديهم.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم الخمر وعظم جرمها: الحديث دليل صريح على تحريم شرب الخمر وتحريم الإقدام على هذه المعصية الكبيرة التي تُذهب العقل وتُهدر الكرامة.
2- حكمة التشريع الإسلامي: يظهر في هذا الحديث التدرج في العقوبة، فالعقوبة تتصاعد مع تكرار الجريمة واستمرار المعصية. فالعقوبة الأولى والثانية والثالثة والرابعة هي الجلد، وهي عقوبة رادعة لكنها لا تسلب الحياة، لإعطاء الفرصة للتوبة والإقلاع. فإذا لم ينفع ذلك، جاءت العقوبة الأخيرة (القتل) لحماية المجتمع من شره وحمايته هو من الاستمرار في الإثم.
3- المقصد من الحدود: المقصد الرئيسي من إقامة الحدود في الإسلام هو الزجر والردع، وحماية المجتمع من الفساد والجرائم، وليس التشفي أو إهدار الدماء. فلو أن كل شارب للخمر يُقتل من أول مرة، لَفُقدت فرصة التوبة لكثيرين، ولَكان في ذلك تشديد عظيم.
4- الرحمة في التشريع: حتى عقوبة القتل في المرة الخامسة هي رحمة بالمجتمع ككل، لقطع دابر الفساد، وهي في نفسها رحمة بالشخص المُصر على المعصية لئلا يموت على معصيته وهو مُصرّ عليها.
5- اختصاص ولي الأمر: تنبيه مهم على أن إقامة الحدود، وخاصة حد القتل، هي من اختصاص ولي الأمر (الحاكم المسلم) أو من ينوب عنه من القضاة، بعد التحقق من ثبوت الجريمة بشروطها، وليس للأفراد أو الجماعات أن يقتلوا بآرائهم.
رابعاً: معلومات إضافية مهمة:
* اختلف العلماء في العمل بهذا الحديث:
* فذهب جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) إلى أن حد الشارب هو الجلد فقط (أربعون أو ثمانون) ولا يقتل ولو تكرر منه الشرب، وقالوا: إن حديث القتل منسوخ (أي أُلغِي حكمه) بحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين". وقالوا إن عقوبة القتل كانت في بداية الإسلام ثم نُسخت بالجلد.
* وذهب الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري وبعض السلف إلى القول بظاهر الحديث وعدم نسخه، وأن المُصر على شرب الخمر بعد الجلد أربع مرات يُقتل في المرة الخامسة. وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
* الذي عليه الفتوى والعمل في معظم البلاد الإسلامية هو قول الجمهور، وهو إقامة حد الجلد فقط وعدم القتل.
والحكمة في هذا الاختلاف هو اجتهاد العلماء في الجمع بين نصوص الوحيين، فمن رأى أن نصوص الجلد لاحقاً (أحدث) حمَل حديث القتل عليها وعدّه منسوخاً، ومن رأى إمكانية الجمع قال بأن الجلد للشارب العادي، والقتل للمُصر المعاند الذي لا تنفع فيه العقوبات الأخف.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٥٦٦١) عن إسحاق بن إبراهيم، (ابن راهويه) قال: أنبأنا جرير، عن مغيرة الضبي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن ابن عمر فذكره.
وصحّحه الحاكم (٤/ ٣٧١) ورواه من طريق جرير بإسناده عن ابن عمر وحده وقال: «صحيح على شرط الشيخين».
وعبد الرحمن بن أبي نُعم البجلي من رجال الصحيح، وهو كوفي تابعي مشهور، وكان من أولياء الثقات كما قال الذهبي في الميزان (٢/ ٥٩٥) وقال: وقال أحمد بن أبي خيثمة: عن ابن معين: قال: ابن أبي نُعم ضعيف. كذا نقل ابن القطان. وهذا لم يتابعه عليه أحد». انتهى.
فهو لا ينزل عن درجة «صدوق».
وقد أشار أبو داود إلى حديث ابن عمر مع غيره بأن القتل كان في الرابعة، بدون شك.
وأما ما رواه هو (٤٤٨٣) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد بن يزيد، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال بهذا المعنى (يعني حديث معاوية بن أبي سفيان) قال: وأحسبه في الخامسة قال: «إن شربها فاقتلوه» فهو ضعيف.
فإن حُميد بن يزيد وهو أبي الخطاب لم يرو عنه غير حماد بن سلمة فهو «مجهول الحال» كما في «التقريب» ومن طريقه رواه الإمام أحمد (٦١٩٧).
قال ابن حجر: «قرأت بخط الذهبي يقول: لا يدري من هو؟».
وقال ابن القطان: «مجهول الحال».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

  • 📜 حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب