حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التعزير

عن عبد الرحمن بن جابر، عمن سمع النبي ﷺ يقول: «لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله».

متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٨٤٩) عن عمرو بن علي، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا مسلم بن أبي مريم، حدثني عبد الرحمن بن جابر فذكره.

عن عبد الرحمن بن جابر، عمن سمع النبي ﷺ يقول: «لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف:
الحديث:
عن عبد الرحمن بن جابر، عمن سمع النبي ﷺ يقول: «لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله».
مصدر الحديث:
رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، والإمام النسائي، وغيرهم.
شرح المفردات:
● عقوبة: أي تأديب وتعزير من ولي الأمر أو الحاكم على ذنب ليس فيه حد مقدر شرعًا.
● عشر ضربات: أي عشرة أسواط أو جلدات.
● حد من حدود الله: هي العقوبات المقدرة شرعًا على جرائم معينة، كحد الزنا، وحد السرقة، وحد القذف، وحد شرب الخمر.
شرح الحديث:
يُرشدنا هذا الحديث النبوي إلى مبدأ مهم في التشريع الإسلامي، وهو التمييز بين نوعين من العقوبات:
1- العقوبات التعزيرية (التأديبية): وهي التي تكون على المعاصي التي لم يرد فيها حد مقدر من الله تعالى. يبين النبي ﷺ أن هذه العقوبة التأديبية لا يجوز أن تتجاوز عشر ضربات. هذا تقييد حكيم من الشارع؛ لئلا يتحول التأديب إلى تعذيب أو انتقام، وحمايةً لكرامة الإنسان، ومراعاة لحقوقه حتى وهو يُعاقب.
2- حدود الله تعالى: وهي العقوبات المقدرة بنص شرعي ثابت في القرآن الكريم أو السنة النبوية على جرائم محددة لها خطورتها على المجتمع وقيمه. هذه الحدود لها مقاديرها الخاصة التي بينها الشرع، وقد تكون أكثر من عشر ضربات بكثير، كحد الزنا للبكر (100 جَلدة) أو للثيب (الرجم حتى الموت)، وحد السرقة (قطع اليد)، وحد القذف (80 جَلدة). فالاستثناء في الحديث إلا في حد من حدود الله») يعني أن هذه الحدود تسير وفق ما شرعه الله تعالى وليس لها هذا القيد.
الدروس المستفادة والعبر:
1- الرحمة في التشريع: يظهر الحديث رحمة الإسلام وعدالته، حيث يضع ضوابط صارمة حتى في حال العقاب، فلا إفراط ولا تفريط.
2- الحكمة من تقليل التعزير: تحديد التعزير بعشر ضربات يحقق الهدف منه، وهو الزجر والردع، دون مبالغة تفضي إلى الهلاك أو القسوة المفرطة.
3- احترام الكرامة الإنسانية: حتى المجرم الذي يستحق التأديب، فإن له حرمة وحقوقًا، فلا يجوز تجاوز القدر الكافي لإصلاحه وردعه.
4- الفرق بين الحقوق: يفرق الحديث بوضوح بين حق الله تعالى الذي هو الحدود المقدرة، والتي لا مدخل للعفو فيها إلا بشروطها، وبين حق الآدمي أو الحق العام الذي يمكن للولاة التأديب فيه ضمن هذه الضوابط.
5- ضبط سلطة ولي الأمر: هذا الحديث توجيه للحكام والقضاة، يحد من سلطتهم التعزيرية ويضبطها بضابط شرعي، preventing them from using excessive force under the pretext of punishment.
خلاصة:
الحديث قاعدة أصولية عظيمة تنظم أمر العقوبات في الإسلام. فما كان من باب التأديب على معصية ليس فيها حد مقدر فلا يجوز تجاوز عشر ضربات، حفظًا للأنفس والكرامات. وما كان من باب حدود الله التي شرعها لجرائم عظيمة، فلها أحكامها الخاصة المنصوص عليها.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحدود (٦٨٤٩) عن عمرو بن علي، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا مسلم بن أبي مريم، حدثني عبد الرحمن بن جابر فذكره. هذا الحديث رُوي من ثلاثة أوجه:
الأول: إن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله رواه عن أبيه، عن أبي بردة الأنصاري، كما رواه مسلم في الحدود (١٧٠٨/ ٤٠).
والثاني: إن عبد الرحمن بن جابر سمع هذا الحديث من أبي بردة الأنصاري مباشرة.
والثالث: إن عبد الرحمن بن جابر يحدث بهذا الحديث عمن سمع النبي ﷺ فأبهم اسم الصحابي.
ولا منافاة بين الوجه الثاني والثالث فإن عبد الرحمن بن جابر سمع هذا الحديث بدون واسطة أبيه إلا أنه مرة صرح باسم الصحابي وهو أبو بردة الأنصاري، وأخرى أبهمه.
والجمع بين الوجه الأول والوجهين الآخرين أنه سمع أولا من أبيه، عن أبي بردة، ثم تيسر له السماع من أبي بردة مباشرة. وهذا له أمثلة كثيرة في كتب الحديث.
فإذا أمكن الجمع فلا يلتفت إلى قول من قال: في إسناده اضطراب. لأن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله ثقة فإذا صرّح بالسماع يُقبل قوله. وإبهام الصحابي لا يضر كما هو معروف في هذا العلم.
وقد اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح. إنما الخلاف في الترجيح فرجح الدارقطني رواية الليث، ورجح غيره رواية عمرو بن الحارث الذي ذكر الواسطة بين عبد الرحمن بن جابر وبين أبي بردة. وكله صحيح. وصحّحه أيضا الدارقطني بعد وقوفه على الاختلاف، وجنح إلى ما جنح إليه صاحبا الصحيح والحمد لله رب العالمين.
وله شاهد ضعيف وهو ما روي عن أبي هريرة مرفوعا: «لا تعزروا فوق عشرة أسواط» رواه ابن ماجه (٢٦٠٢) عن هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا عبّاد بن كثير، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وعبّاد بن كثير هو الثقفي البصري ضعيف باتفاق أهل العلم حتى قال أحمد: «روى أحاديث كذب».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 118 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

  • 📜 حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب