لا يمين في قطيعة رحم

حديث: لا يمين في قطيعة رحم

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا نذر إِلَّا فيما ابتُغي به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم».

حسن: رواه أبو داود (٢٣٧٣) وأحمد (٦٧٣٢) كلاهما من حديث عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا نذر إِلَّا فيما ابتُغي به وجه الله ﷿، ولا يمين في قطيعة رحم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

أولاً. شرح المفردات:

● نذر: هو أن يلزم الإنسان نفسه بعمل طاعة لله تعالى لم يكن واجباً عليه بأصل الشرع، كأن يقول: "لله عليَّ أن أصوم يوم كذا" أو "أن أتصدق بكذا".
● إِلَّا فيما ابتُغي به وجه الله: أي أن النذر لا يصح ولا يُلتزم به إلا إذا كان قصد صاحبه من ورائه التقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته، لا للمفاخرة أو الرياء.
● يمين: هي القَسَم والحلف، كأن يحلف الإنسان بالله على فعل شيء أو تركه.
● قطيعة رحم: هي أن يحلف الإنسان على قطع صلة أرحامه وعدم صلتهم، أو الإضرار بهم.

ثانياً. شرح الحديث:

يحتوي هذا الحديث على حكمين عظيمين:
1- شرط صحة النذر: يبين النبي ﷺ أن النذر عبادة من العبادات، وشأنها شأن سائر العبادات، أنها لا تصح ولا تقبل إلا إذا خَلُصت فيها النية لله تعالى وحده، ولم يُراد بها غير وجهه الكريم من رياء أو سمعة أو غرض دنيوي. فإذا نذر الإنسان شيئاً يقصد به التظاهر أو المفاخرة بين الناس، فإن هذا النذر لا يجوز الوفاء به؛ لأنه بُنِي على نية فاسدة. والعبادات مبناها على الإخلاص لله تعالى.
2- تحريم الحلف على قطيعة الرحم: ينهى النبي ﷺ عن الحلف على فعل معصية، ويضرب مثالاً بواحدة من أعظم المعاصي وأكبر الذنوب، وهي قطيعة الرحم. فإذا حلف إنسان بالله أن يقطع رحمه (كأمه، أو أبيه، أو أخوته، أو عماته... إلخ) ويَهجرهم ولا يصلهم، فإن هذه اليمين حرام ولا تجوز، بل يجب عليه أن يحنث فيها (أي ألا يفعل ما حلف عليه) ويُكَفِّر عن يمينه. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز الوفاء بيمين تقتضي عصيان الله وقطع ما أمر الله به أن يوصل.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الإخلاص شرط لقبول العمل: يذكرنا هذا الحديث بأن أساس قبول أي عمل عند الله تعالى هو إخلاص النية له سبحانه. فالنذر عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله.
2- تحذير من الرياء: يحذر الحديث من خطر الرياء والسمعة في الأعمال الصالحة، فهي تحبط العمل وتذهب بأجره.
3- عظم حق الرحم: يؤكد على عظم حق الأرحام وتحريم قطيعتها بأي حال من الأحوال، حتى لو حلف الإنسان على ذلك. بل يجب عليه أن يكفر عن يمينه ويواصل رحمه.
4- أن اليمين لا يجب الوفاء بها إذا كانت في معصية: هذه قاعدة فقهية عظيمة مستفادة من الحديث، وهي أن من حلف على فعل معصية، فإنه لا يحل له الوفاء بيمينه، بل يجب عليه ترك هذا الفعل المحرم وتكفير اليمين (بكفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام).
5- الحكمة من النهي عن النذر أصلًا: وعلى الرغم من أن الحديث يبين شرط صحة النذر إذا وقع، إلا أن الأصل في النذر أنه مكروه، كما في أحاديث أخرى، لأن الناذر يجبر نفسه على شيء لم يوجبه الله عليه، وقد يعجز عن الوفاء به. والأفضل للمسلم أن يفعل الخير بدون نذر.

رابعاً. معلومات إضافية:

- كفارة اليمين لمن حلف على معصية ثم لم يفعلها (أي حنث فيها خيراً) هي نفس كفارة اليمين العادية، وهي مُقدَّرة في القرآن في سورة المائدة: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}.
- الصلة الواجبة للرحم هي بالسلام، والسؤال، وزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والإحسان إليهم حسب الاستطاعة، وعدم هجرهم أو إيذائهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يصلح ذات بيننا ويجمعنا على طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣٧٣) وأحمد (٦٧٣٢) كلاهما من حديث عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره. وإسناده حسن من أجل عمرو فإنه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 102 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يمين في قطيعة رحم

📜 حديث: لا يمين في قطيعة رحم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا يمين في قطيعة رحم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا يمين في قطيعة رحم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا يمين في قطيعة رحم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية