حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية الإلحاف في المسألة

عن رجل من بني أسد أنه قال: نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيع الْغَرْقَدِ فَقَالَ لِي أَهْلِي اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ، وَجَعَلُوَا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُول: «لا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ»، فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ! مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا».
قَالَ الأَسَدِيُّ: فَقُلْتُ: لَلَقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ ولَمْ أَسْأَلْهُ فَقُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانا اللهُ عز وجل.

صحيح: رواه مالك في الصّدقة (١١) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني
أسد، فذكره.

عن رجل من بني أسد أنه قال: نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيع الْغَرْقَدِ فَقَالَ لِي أَهْلِي اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ، وَجَعَلُوَا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُول: «لا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ»، فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ! مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا».
قَالَ الأَسَدِيُّ: فَقُلْتُ: لَلَقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ ولَمْ أَسْأَلْهُ فَقُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانا اللهُ ﷿.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يحمل دروسًا قيمة في الورع والاستغناء عن سؤال الناس، والتوكل على الله تعالى، وسأشرحه لكم وفق الخطوات المطلوبة:

1. شرح المفردات:


● بَقِيع الْغَرْقَدِ: مقبرة في المدينة المنورة كانت خارجها في ذلك الزمان، وكان الناس ينزلون حولها.
● يَسْأَلُهُ: يطلب منه مالًا أو عطاء.
● لا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ: ليس عندي ما أعطيك إياه.
● مُغْضَبٌ: غاضب.
● لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ: قسمًا بعمري إنك لتعطي من تشاء (تعني: أنت تعطي غيري وتمنعني).
● أُوقِيَّةٌ: وزن معروف يساوي أربعين درهمًا من الفضة، وهو مقدار لا بأس به من المال.
● عَدْلُهَا: ما يعادلها من المال.
● سَأَلَ إِلْحَافًا: سأل بإلحافٍ وهو الإكثار والإصرار في السؤال مع وجود الغنى.
● لَقْحَةٌ: ناقة ذات لبن.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يحدثنا الرجل الأسدي عن قصة نزوله مع أهله في بقيع الغرقد، وطلب أهله منه أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله شيئًا من الطعام أو المال لحاجتهم. فلما ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجد عنده رجلًا يطلب منه عطاءً، فلم يجد النبي ما يعطيه، فغضب الرجل واتهم النبي بأنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء. فرد النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يغضب لأنه لا يجد ما يعطيه، ثم بين أن من سأل وهو يملك أوقية أو ما يعادلها من المال فقد أسرف في السؤال وألح فيه. ففهم الأسدي أن ناقتهم التي تدر اللبن خير من الأوقية، فرجع دون أن يسأل، ثم بعد ذلك قدم للنبي صلى الله عليه وسلم شعير وزبيب فقسم له منه حتى أغنى الله أهله.

3. الدروس المستفادة منه:


● ذم الإلحاف في السؤال: الحديث يحذر من سؤال الناس مع وجود القدرة على الكسب والاستغناء، فمن كان عنده ما يكفيه فلا يجوز له أن يسأل الناس.
● فضل الصبر على الفاقة: الرجل الأسدي وأهله كانوا في حاجة، لكنه عندما سمع كلام النبي предпочел الصبر على السؤال.
● تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه: النبي لم يخف حقيقة حاله، بل صرح بأنه لا يجد ما يعطي، وهذا يدل على شدة أمانته وصدقه.
● التوكل على الله تعالى: вместо السؤال، فضل الأسدي الرجوع إلى الله، فكافأه الله بالعطاء الوافر من غير سؤال.
● الغضب على عدم الاستجابة للسؤال ليس مبررًا: الرجل الذي غضب على النبي لأنه لم يعطه كان مخطئًا، لأن النبي لا يمنع إلا لعدم القدرة على العطاء.
● الحث على الكسب والعمل: امتلاك الناقة التي تدر اللبن خير من السؤال، لأنها مصدر رزق دائم.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- الأوقية تعادل حوالي 40 درهمًا من الفضة، وهي قيمة معتبرة في ذلك الزمان، فمن يملكها لا يجوز له سؤال الناس.
- القصة تدل على أن الصبر على الحاجة والاستغناء عن سؤال الناس يورث الغنى، كما قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
- النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي من يسأله إذا وجد ما يعطيه، لكنه كان يمنع إذا لم يجد، وهذا من عدله وحكمته.
- الحديث يعلمنا أن السؤال مع الغنى من الكبائر، لأنه إلحاف وتكلف لما ليس للإنسان حق فيه.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا القناعة والاستغناء عن سؤال الناس، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا من هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصّدقة (١١) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني
أسد، فذكره.
ورواه أبو داود (١٦٢٧)، والنسائي (٢٥٧٩) كلاهما من طريق مالك، بإسناده، مثله. ورواه أحمد (١٦٤١١) من وجه آخر عن سفيان، عن زيد بن أسلم، مختصرًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 294 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

  • 📜 حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب