حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية الإلحاف في المسألة

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَهُوَ المُلْحِفُ».

حسن: رواه النسائيّ (٢٥٩٥) عن أحمد بن سليمان، قال: أخبرنا يحيى بن آدم، عن سفيان ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَهُوَ المُلْحِفُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَهُوَ المُلْحِفُ».

أولاً. شرح المفردات:


● سَأَلَ: طلب المال أو العطية من الناس.
● أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا: الدرهم هو العملة الفضية المتداولة في ذلك الزمن، وكانت لها قيمتها الشرائية المعتبرة. والأربعون درهماً مقدار معين من المال يبلغ به الإنسان حد الكفاية أو النصاب الذي يجعله غنياً عن السؤال.
● المُلْحِفُ: من الإلحاف، وهو الإلحاح في الطلب والإكثار منه والتشدد فيه. وقيل: هو الذي يلحف في سؤاله، أي يكثر منه ويبالغ حتى كأنه يلحف نفسه بذلك، أي يلفها ويغطيها. والمقصود هنا الذم والتحذير من هذا الفعل.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حال من يطلب المال من الناس مع وجود ما يكفيه عنده. فمن كان يملك أربعين درهماً – وهو المقدار الذي كان يعتبر في ذلك الوقت مالاً يكفي حاجة صاحبه – ومع هذا يلح في سؤال الناس ويتكففهم، فإنه قد ارتكب أمراً مذموماً واستحق هذه الصفة الذميمة "المُلْحِف"، لأنه بذلك يجمع بين أمرين: وجود ما يغنيه، والتعدي على أموال الناس وحرماتهم بغير حق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- ذم سؤال الناس مع الغنى: الحديث تحذير صريح من التكفف والتسول مع القدرة على الكسب والاكتفاء بما لدى الإنسان. وهو من أبواب حفظ المال وصيانة كرامة المسلم.
2- حد الكفاية المالية: بين النبي صلى الله عليه وسلم بمقدار معين (أربعون درهماً) أن هناك حداً للكفاية، فمن بلغه فهو مستغنٍ عن السؤال، وعليه أن يشكر الله ويستعفف عن الناس. وهذا المقدار يختلف باختلاف الزمان والمكان وقيمة النقود، فالمعيار هو بلوغ حد الكفاية وليس العدد نفسه، فمقصد الحديث هو نفي الحاجة لا تحديد مبلغ بعينه.
3- الحث على الاستعفاف والعفة: يدعو الحديث إلى فضيلة العفة والاستغناء عن الناس، وهي من صفات المؤمن القوي الذي يأكل من عمل يده، كما جاء في الحديث: «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ».
4- تحريم التعدي على أموال الناس: سؤال الناس مع الغنى هو تعدٍ على أموالهم بغير حق، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
5- التنبيه على آفات السؤال: من يكثر من السؤال مع قدرته على الكسب يعرّض نفسه للمذلة بين الناس، ويُضعف همته، ويعتاد على الكسل والاتكالية، وقد يحرمه الله بركة ماله.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم الحديث: صححه عدد من أهل العلم كالحاكم ووافقه الذهبي، وهو حسن لغيره.
● الفرق بين الحاجة الحقيقية والسؤال مع الغنى: الإسلام لا يمنع سؤال من احتاج حقاً وعجز عن سد حاجته، بل يحث على مساعدته. الذم والتحذير إنما هو موجه لمن يسأل وهو قادر على الاكتساب، أو لديه ما يكفيه.
● توجيه للمجتمع: على المجتمع وأهل الخير أن يفرقوا بين المحتاج حقاً، والذي ينبغي مساعدته وإعانته، وبين المتسولين المحترفين الذين يسألون الناس وهم أغنياء، وذلك حتى لا تذهب الصدقات إلى غير مستحقيها.
نسأل الله أن يرزقنا القناعة والعفة، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٢٥٩٥) عن أحمد بن سليمان، قال: أخبرنا يحيى بن آدم، عن سفيان ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٤٤٨)، ورواه من وجه آخر عن سفيان بإسناده وزاد في آخر الحديث: «وهو مثل سفّ المسألة» يعني الرّمل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 296 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

  • 📜 حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب