حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب دية أهل الذمة
وفي رواية: «دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن».
حسن: رواه أبو داود (٢٧٥١) واللّفظ له والتِّرمذيّ (١٤١٣) والنسائي (٤٨٠٦) وابن ماجة (٢٦٥٩) وأحمد (٦٦٩٢) وابن الجارود (١٠٥٢) واليهقي (٨/ ٢٩) والبغوي (٢٥٤٢) كلّهم من طرق عن عمرو بن شعيب به مثله، وهو جزء من خطبة النَّبِيّ ﷺ: عام الفتح ذكره أحمد وابن الجارود والبيهقي والبغوي مطولة، وستأتي كاملة في موضعه.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يبين فيه أسس التكافل والتضامن بين المسلمين، ويوضح بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالدماء والعهود. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.
أولاً. شرح المفردات:
● تتكافأ دماؤهم: أي تتساوى في الحرمة والقصاص والدية، فلا فضل لشريف على وضيع في ذلك.
● يسعى بذمتهم أدناهم: الذمة هي العهد والأمان، وأدناهم أي أقلهم شأنًا في المجتمع.
● ويجير عليه أقصاهم: أي أن أقصاهم (أبعدهم مكانة أو منزلة) يمكن أن يعطي الأمان لشخص فيلزم المسلمين جميعًا احترام هذا الأمان.
● وهم يد على من سواهم: أي أن المسلمين كالجسد الواحد، يتعاونون ويحمي بعضهم بعضًا ضد من عداهم.
● يرد مشدهم على مُضْعفهم: المشد هو القوي، والمضعف هو الضعيف، أي أن القوي يساعد الضعيف وينصره.
● ومتسريهم على قاعدهم: المتسري هو المسافر أو المجاهد، والقاعد هو المقيم في البيت، أي أن المسافر أو المجاهد يعود بغنائمه ونفعه على المقيمين.
● لا يُقتل مؤمن بكافر: أي لا يقتل المسلم بالكافر إذا قتله.
● ولا ذو عهد في عهده: أي لا يُقتل من له عهد مع المسلمين (كالمستأمن أو الذمي) ما دام في عهده.
● دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن: أي أن دية الكافر (إذا قتل خطأ) نصف دية المسلم.
ثانيًا. شرح الحديث:
هذا الحديث يرسخ مبدأ الوحدة والتكافل بين المسلمين، حيث يؤكد أن دماء المسلمين متساوية في الحرمة، فلا يُقتل شريف بوضيع، ولا غني بفقير، بل الجميع سواء في القصاص والدية. وهذا من مبادئ العدالة في الإسلام.
وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" يعني أن أقل المسلمين مكانة يمكن أن يعطي الأمان لشخص (كأن يستأمنه كافر أو حربي)، فيكون هذا الأمان ملزمًا لجميع المسلمين، فلا يتعرض له أحد بسوء. وهذا يدل على عظم شأن الأمان في الإسلام، وأنه يجب احترامه حتى لو كان من أدنى المسلمين.
وقوله: "ويجير عليه أقصاهم" يعني أن أبعد المسلمين (مكانًا أو منزلة) يمكن أن يجير شخصًا فيلزم المسلمين جميعًا قبول جواره وأمانه. وهذا يعزز مبدأ أن الأمان ليس حكرًا على الكبار أو القادة، بل حتى البعيد أو الضعيف يمكن أن يعطي الأمان فيجب احترامه.
وقوله: "وهم يد على من سواهم" يعني أن المسلمين كالجسد الواحد، يتحدون ضد أعدائهم، ويحمي بعضهم بعضًا، فلا يتركوا ضعيفهم ولا يتخاذلوا عن نصرتهم. وهذا من مبادئ الأخوة الإسلامية.
وقوله: "يرد مشدهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم" يعني أن القوي يساعد الضعيف، والمسافر أو المجاهد يعود بنفعه وغنائمه على المقيمين، مما يدل على التكافل الاجتماعي والتعاون في الخير.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمًا مهمًا وهو: "لا يُقتل مؤمن بكافر" أي إذا قتل مسلم كافرًا (غير معاهد) عمدًا، فلا يقاد به (لا يقتل به)، لأن المسلم أعلى درجة عند الله من الكافر، ولكن تجب عليه الدية أو الكفارة إذا كان القتل خطأ. وهذا الحكم خاص بالكافر الحربي الذي ليس له عهد مع المسلمين.
وقوله: "ولا ذو عهد في عهده" أي أن من له عهد مع المسلمين (كالمستأمن أو الذمي) لا يُقتل ما دام في عهده، وإذا قتل خطأ فديته نصف دية المسلم كما في الرواية الأخرى.
والرواية الأخرى توضح أن دية الكافر (الذمي أو المستأمن) إذا قتل خطأ هي نصف دية المسلم، وهذا من خصائص المسلمين التي فضلهم الله بها.
ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:
1. تساوي المسلمين في الدماء والحقوق، فلا فضل لأحد على آخر في القصاص والدية.
2. احترام العهود والأمانات، حتى لو كان من أعطاها ضعيفًا أو بعيدًا، مما يدل على عظم الأمان في الإسلام.
3. وحدة المسلمين وتعاونهم كالجسد الواحد، وقوة ارتباطهم بعضهم ببعض.
4. التكافل الاجتماعي بين المسلمين، حيث يساعد القوي الضعيف، ويعود المسافر والمجاهد بالنفع على المقيم.
5. تفاضل الناس عند الله بالإيمان، فالمسلم لا يقتل بالكافر، ودية الكافر نصف دية المسلم.
6. وجوب الوفاء بالعهود، فلا يُقتل من له عهد مع المسلمين ما دام في عهده.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه العديد من أهل العلم.
- المقصود بالكافر في قوله "لا يُقتل مؤمن بكافر" هو الكافر الحربي الذي ليس له عهد، أما الذمي أو المستأمن فله أحكام أخرى كما في الحديث.
- دية المسلم المقدرة في الشرع هي مائة من الإبل، أو ما يعادلها من ذهب أو فضة أو غيرها، ودية الكافر نصف ذلك.
- هذه الأحكام تدل على عدالة الإسلام ومراعاته للفروق بين الناس في الإيمان والكفر، مع الحفاظ على الحقوق والوفاء بالعهود.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، وأن يحفظ بلاد المسلمين ويلحم شعوبهم.
والله أعلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل عمرو وأبيه.
والرّواية الثانية عند الترمذيّ وقال: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن». قلت: وهو كما قال.
رُوي عن مُجَّاعَةَ أنه أتى النَّبِيّ ﷺ: يطلب دية أخيه - قتلته بنو سدوس من بني ذهل - فقال النَّبِيّ ﷺ: «لو كنت جاعلا لمشرك دية جعلتها لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبي«فكتب له النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفة منها، وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مجاعة إلى أبي بكر، وأتاه بكتاب النَّبِيّ ﷺ، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة: أربعة آلاف بر، وأربعة آلاف شعير، وأربعة آلاف تمر، وكان في كتاب النَّبِيّ ﷺ لمجاعة: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا كتاب من محمد النَّبِيّ، لمجاعة بن مرارة من بني سلمى، إني أعطيته مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل عقبةً من أخيه».
رواه أبو داود (٢٩٩٠) وابن قانع في مُعْجَمُ الصّحابة (٣/ ١١٢ - ١١٣) من طريق عنبسة بن عبد الواحد القرشيّ، حَدَّثَنِي الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة، عن هلال بن سراج بن مجاعة، عن أبيه، عن جده مجاعة، فذكره.
وفي إسناده الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة، لم يؤثر توثيقه عن أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في ثقاته، ولم يتابع. وفيه أيضًا سراج بن مجاعة، قيل: إن له صحبة. لكن لم تثبت له من وجه معتبر، ولذا ذكره البخاريّ وابن أبي حاتم في جملة التابعين، ولم يؤثر توثيقه عن أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في ثقات التابعين، ولم يتابع أيضًا.
قال الترمذيّ: «واختلف أهل العلم في دية اليهودي والنصراني».
فذهب بعض أهل العلم في دية اليهودية والنصراني إلى ما رُوي عن النَّبِيّ ﷺ. وقال عمر بن عبد العزيز: دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم. وبهذا يقول أحمد بن حنبل.
ورُوي عن عمر بن الخطّاب أنه قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمانمائة درهم. وبهذا يقول مالك بن أنس والشافعي وإسحاق وقال بعض أهل العلم: «دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة». انتهى.
وأمّا الإمام أحمد فذهب إلى نصف الدية إن كان القتل خطأ، فإن كان عمدا لم يقد به، ويضاعف عليه باثني عشر ألفًا.
روى عبد الرزّاق (١٨٤٩٢) عن معمر، عن الزّهريّ، عن سالم، عن ابن عمر أن رجلًا مسلما قتل رجلًا من أهل الذمة عمدًا. فرفع إلى عثمان فلم يقتل به، وغلّظ عليه الدية مثل قتل المسلم.
وكذلك قاله ابن مسعود وعلي والشعبي والنخعي على أن يكون ذميا أو معاهدًا.
وأمّا من رُوي عن ابن عباس أن النَّبِيّ ﷺ ودى العامريّين بدية المسلمين. وكان لهما عهد من رسول الله ﷺ. فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (١٤٠٤) والبيهقي (٨/ ١٠٢) كلاهما من حديث أبي بكر بن عَيَّاش، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من هذا الوجه، وأبو سعد البقال اسمه: سعيد بن المرزبان».
قال الأعظمي: سعيد بن مرزبان العبسي مولاهم، الكوفي الأعور ضعيف باتفاق أهل العلم حتَّى قال البخاريّ: منكر الحديث.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 114 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 89 من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين
- 90 من قتل عمدًا فهو قود
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
- 135 قتل عبد الله بن سهل في خيبر ووداه النبي ﷺ
- 136 مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
- 137 ما تقولون في القسامة
- 138 تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم
معلومات عن حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
📜 حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








