حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب دية الخطأ
حسن: رواه أبو داود (٤٥٤٢) عن يحيى بن حكيم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عثمان، حَدَّثَنَا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
شرح الحديث:
هذا الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يذكر لنا أمراً في غاية الأهمية، وهو تحديد قيمة الدية وكيفية تعامل الدولة الإسلامية مع غير المسلمين من أهل الذمة.
أولاً: شرح المفردات:
* قيمة الدية: المال الواجب دفعه لورثة القتيل خطأً أو شبه عمد.
* دينار: عملة ذهبية.
* درهم: عملة فضية.
* أهل الكتاب: اليهود والنصارى.
* غلت: غَلا سعرها، ارتفع ثمنها.
* فرضها: قدَّرها وحدد قيمتها.
* أهل الذهب: من يعتمد في تجارته ومعيشته على الذهب (أي الدنانير).
* أهل الورق: من يعتمد في تجارته ومعيشته على الفضة (أي الدراهم).
* الحلل: جمع حُلَّة، وهي ثوبان: إزار ورداء.
* أهل الذمة: غير المسلمين الذين يعيشون في دار الإسلام ويخضعون لسلطتها ويتمتعون بحمايتها (اليهود والنصارى).
ثانياً: شرح الحديث بإيجاز:
1- في عهد النبي ﷺ: كانت الدية للمسلم تُقدَّر بـ 800 دينار ذهبي أو ما يعادلها من الفضة وهو 8000 درهم (لأن الدينار يساوي 10 دراهم). أما دية غير المسلم من أهل الكتاب (الذمي) فكانت نصف دية المسلم، أي 400 دينار أو 4000 درهم.
2- في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لاحظ عمر رضي الله عنه تغير الأحوال الاقتصادية، حيث ارتفع سعر الإبل التي كانت إحدى وسائل دفع الدية (والتي كانت 100 بعير)، فخشي أن يؤدي هذا الارتفاع إلى مشقة على الناس أو ظلم لورثة القتيل.
3- اجتهاد عمر رضي الله عنه: قام الخليفة العادل وخطب في الناس، وأخبرهم بأنه سيعيد تقييم الدية نقداً وعيناً (مواد عينية) لمراعاة تغير الأسعار واختلاف حال الناس، ففرضها على أنواع خمسة حسب حال الناس وتجارتهم:
* ألف دينار لأهل الذهب.
* اثنا عشر ألف درهم لأهل الفضة.
* مائتا بقرة لأهل البقر.
* ألفا شاة لأهل الغنم.
* مائتا حلة (ثوبان لكل حلة) لأهل التجارة بالثياب.
4- حكمة عمر رضي الله عنه في دية الذمي: لم يرفع عمر رضي الله عنه دية أهل الذمة (اليهود والنصارى) وظلت على حالها نصف دية المسلم. وهذا من فقهه العميق؛ لأنه راعى جانبين:
* الجانب العقدي: فالمسلم يتميز بأعلى منزلة عند الله، وتمايزه في الدية هو من آثار هذا التكريم.
* الجانب الاجتماعي والسياسي: حيث إن عدم المساواة في الدية كان أمراً مقرراً ومعروفاً ومتقبلاً في العهد النبوي وعهد أبي بكر، فلم يغيره عمر حفظاً لاستقرار المجتمع وعدم إثارة الفتنة، مع مراعاة أن هذا الحكم خاص بأهل الذمة الذين قبلوا العيش تحت حكم الإسلام بشروطه.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- ثبات أصل الدية واختلاف تقدير قيمتها: أصل وجوب الدية ثابت بالنص (من القرآن والسنة)، ولكن تقدير قيمتها العينية أو النقدية يخضع للاجتهاد بحسب الزمان والمكان وحال الناس، وهذا ما فعله عمر رضي الله عنه. وهو دليل على مرونة التشريع الإسلامي وملاءمته لكل عصر.
2- فقه الواقع: يُعلّمنا هذا الحديث أن الحاكم المسلم يجب أن يكون فقيهاً في دينه وواقعه، ينظر في تغير الأحوال الاقتصادية والاجتماعية ويصدر الأحكام المناسبة التي تحقق العدل وترفع الحرج عن الناس، كما فعل سيدنا عمر.
3- العدل مع غير المسلمين: الحديث يدل على أن غير المسلمين (أهل الذمة) كانت لهم حقوق كاملة ومكفولة، ومنها حقهم في الدية، وإن كانت نصف دية المسلم. وهذا من عدل الإسلام حيث كفل لهم الحقوق وحمى أموالهم وأنفسهم.
4- حكمة التفريق في الدية بين المسلم والذمي: هذا التفريق based على المكانة الخاصة للمسلم في الإسلام، وهو تشريع حكيم يقره العقلاء. وقد ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن دية الذمي نصف دية المسلم.
5- شرعية الاجتهاد: اجتهاد عمر رضي الله عنه في تعديل قيمة الدية هو دليل قاطع على مشروعية الاجتهاد في المسائل التي لم يرد فيها نص قاطع، بل هو واجب على الحاكم لتحقيق مصالح الناس.
رابعاً: معلومات إضافية:
* الحديث رواه الإمام الشافعي في "الأم"، والإمام مالك في "الموطأ" بمعناه، والإمام أحمد في "المسند"، وهو حديث حسن بشواهده.
* الدية في الأصل كانت 100 من الإبل، كما في الحديث الصحيح، ثم قُومت قيمتها نقداً وعيناً لسهولة الدفع.
* الفقهاء اختلفوا في دية المرأة على أقوال، وأشهرها أنها نصف دية الرجل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ومن هذا الطريق رواه أيضًا البيهقيّ (٨/ ٧٧) وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب وهو حسن الحديث.
وفي الباب ما رواه أيضًا أبو داود (٤٥٤٣) عن موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حمّاد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله ﷺ قضى في الدية على أهل الإبل مئة من الإبل، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة، وعلى أهل القمح شيئًا لم يحفظه محمد (يعني ابن إسحاق) وهذا مرسل.
ثمّ وصله أبو داود (٤٥٤٤) فقال: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو تُميلة، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق قال: ذكر عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: فرض رسول الله ﷺ.
فذكر مثل حديث موسى. قال: وعلى أهل الطعام شيئًا لم أحفظه.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقي (٨/ ٧٨) وقال: كذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار، ورواية من رواه عن عمر أكثر وأشهر.
قال الأعظمي: ومحمد بن إسحاق مدلِّس، ولم يسمع هذا الحديث من عطاء، وبهذا قالت الحنابلة وبعض الحنفية.
وقال الشافعي: إن الواجب الأصلي في الدية هو مائة إبل إن وجدت، فإن انعدمت يرجع إلى القيمة من عملة البلد في حينه.
وفي الباب ما رُوي عن عبادة بن الصَّامت أن النَّبِيّ ﷺ قضى في دية الكبرى المغلظة ثلاثين ابنة لبون، وثلاثين حقة، وأربعين خلفة، وقضى في دية الصغرى: ثلاثين ابنة لبون، وثلاثين حقة، وعشرين ابنة مخاض، وعشرين بني مخاض ذكور.
ثمّ غلت الإبل بعد وفاة رسول الله ﷺ، وهانت الدراهم. فقوم عمر بن الخطّاب إبل الدية ستة آلاف درهم حساب أوقية لكل بعير، ثمّ غلت الإبل وهانت الورق، فزاد عمر بن الخطّاب ألفين حساب أوقيتين لكل بعير، ثمّ غلت الإبل، وهانت الدراهم فأتمها عمر اثني عشر ألفا حساب ثلاث أواق لكل بعير. قال: فزاد ثلث الدية في الشهر الحرام، وثلثا آخر في البلد الحرام. قال: فتمت دية الحرمين عشرين ألفا.
قال: فكان يقال: يؤخذ من أهل البادية من ماشيتهم لا يكلفون الورق ولا الذهب. ويؤخذ من كل قوم ما لهم قيمة العدل من أموالهم.
رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٢٢٧٧٨) وابن أبي عاصم في الديات (١٤١) والبيهقي (٨/ ٧٤) كلّهم من حديث الفُضيل بن سليمان، حَدَّثَنَا موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت قال: فذكره.
وإسحاق لم يلق جد أبيه عبادة بن الصَّامت فهو مرسل كما قال البيهقيّ ولم يرو عنه إِلَّا موسى بن عقبة فهو «مجهول» أيضًا، والفضيل بن سلمان ضعيف ضعَّفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم.
وقوله: «دية الكبرى»: أي إذا قتله عمدًا. وقوله: «دية الصغرى»: أي إذا قتله خطأ.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 110 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 85 العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
- 86 من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
- 87 دفع القاتل عمدًا إلى أولياء القتيل
- 88 من قتل له قتيل فأهله بين خيرين
- 89 من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين
- 90 من قتل عمدًا فهو قود
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
معلومات عن حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
📜 حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








