حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب دية الخطأ

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كانت قيمة الدية في عهد رسول الله ﷺ ثمانمائة دينار، أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين. قال: فكان ذلك كذلك حتَّى استخلف عمر رضي الله عنه فقام خطيبًا فقال: ألا إن الإبل قد غلتْ، ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.

حسن: رواه أبو داود (٤٥٤٢) عن يحيى بن حكيم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عثمان، حَدَّثَنَا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كانت قيمة الدية في عهد رسول الله ﷺ ثمانمائة دينار، أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين. قال: فكان ذلك كذلك حتَّى استخلف عمر ﵁ فقام خطيبًا فقال: ألا إن الإبل قد غلتْ، ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
شرح الحديث:
هذا الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يذكر لنا أمراً في غاية الأهمية، وهو تحديد قيمة الدية وكيفية تعامل الدولة الإسلامية مع غير المسلمين من أهل الذمة.
أولاً: شرح المفردات:
* قيمة الدية: المال الواجب دفعه لورثة القتيل خطأً أو شبه عمد.
* دينار: عملة ذهبية.
* درهم: عملة فضية.
* أهل الكتاب: اليهود والنصارى.
* غلت: غَلا سعرها، ارتفع ثمنها.
* فرضها: قدَّرها وحدد قيمتها.
* أهل الذهب: من يعتمد في تجارته ومعيشته على الذهب (أي الدنانير).
* أهل الورق: من يعتمد في تجارته ومعيشته على الفضة (أي الدراهم).
* الحلل: جمع حُلَّة، وهي ثوبان: إزار ورداء.
* أهل الذمة: غير المسلمين الذين يعيشون في دار الإسلام ويخضعون لسلطتها ويتمتعون بحمايتها (اليهود والنصارى).
ثانياً: شرح الحديث بإيجاز:
1- في عهد النبي ﷺ: كانت الدية للمسلم تُقدَّر بـ 800 دينار ذهبي أو ما يعادلها من الفضة وهو 8000 درهم (لأن الدينار يساوي 10 دراهم). أما دية غير المسلم من أهل الكتاب (الذمي) فكانت نصف دية المسلم، أي 400 دينار أو 4000 درهم.
2- في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لاحظ عمر رضي الله عنه تغير الأحوال الاقتصادية، حيث ارتفع سعر الإبل التي كانت إحدى وسائل دفع الدية (والتي كانت 100 بعير)، فخشي أن يؤدي هذا الارتفاع إلى مشقة على الناس أو ظلم لورثة القتيل.
3- اجتهاد عمر رضي الله عنه: قام الخليفة العادل وخطب في الناس، وأخبرهم بأنه سيعيد تقييم الدية نقداً وعيناً (مواد عينية) لمراعاة تغير الأسعار واختلاف حال الناس، ففرضها على أنواع خمسة حسب حال الناس وتجارتهم:
* ألف دينار لأهل الذهب.
* اثنا عشر ألف درهم لأهل الفضة.
* مائتا بقرة لأهل البقر.
* ألفا شاة لأهل الغنم.
* مائتا حلة (ثوبان لكل حلة) لأهل التجارة بالثياب.
4- حكمة عمر رضي الله عنه في دية الذمي: لم يرفع عمر رضي الله عنه دية أهل الذمة (اليهود والنصارى) وظلت على حالها نصف دية المسلم. وهذا من فقهه العميق؛ لأنه راعى جانبين:
* الجانب العقدي: فالمسلم يتميز بأعلى منزلة عند الله، وتمايزه في الدية هو من آثار هذا التكريم.
* الجانب الاجتماعي والسياسي: حيث إن عدم المساواة في الدية كان أمراً مقرراً ومعروفاً ومتقبلاً في العهد النبوي وعهد أبي بكر، فلم يغيره عمر حفظاً لاستقرار المجتمع وعدم إثارة الفتنة، مع مراعاة أن هذا الحكم خاص بأهل الذمة الذين قبلوا العيش تحت حكم الإسلام بشروطه.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- ثبات أصل الدية واختلاف تقدير قيمتها: أصل وجوب الدية ثابت بالنص (من القرآن والسنة)، ولكن تقدير قيمتها العينية أو النقدية يخضع للاجتهاد بحسب الزمان والمكان وحال الناس، وهذا ما فعله عمر رضي الله عنه. وهو دليل على مرونة التشريع الإسلامي وملاءمته لكل عصر.
2- فقه الواقع: يُعلّمنا هذا الحديث أن الحاكم المسلم يجب أن يكون فقيهاً في دينه وواقعه، ينظر في تغير الأحوال الاقتصادية والاجتماعية ويصدر الأحكام المناسبة التي تحقق العدل وترفع الحرج عن الناس، كما فعل سيدنا عمر.
3- العدل مع غير المسلمين: الحديث يدل على أن غير المسلمين (أهل الذمة) كانت لهم حقوق كاملة ومكفولة، ومنها حقهم في الدية، وإن كانت نصف دية المسلم. وهذا من عدل الإسلام حيث كفل لهم الحقوق وحمى أموالهم وأنفسهم.
4- حكمة التفريق في الدية بين المسلم والذمي: هذا التفريق based على المكانة الخاصة للمسلم في الإسلام، وهو تشريع حكيم يقره العقلاء. وقد ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن دية الذمي نصف دية المسلم.
5- شرعية الاجتهاد: اجتهاد عمر رضي الله عنه في تعديل قيمة الدية هو دليل قاطع على مشروعية الاجتهاد في المسائل التي لم يرد فيها نص قاطع، بل هو واجب على الحاكم لتحقيق مصالح الناس.
رابعاً: معلومات إضافية:
* الحديث رواه الإمام الشافعي في "الأم"، والإمام مالك في "الموطأ" بمعناه، والإمام أحمد في "المسند"، وهو حديث حسن بشواهده.
* الدية في الأصل كانت 100 من الإبل، كما في الحديث الصحيح، ثم قُومت قيمتها نقداً وعيناً لسهولة الدفع.
* الفقهاء اختلفوا في دية المرأة على أقوال، وأشهرها أنها نصف دية الرجل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٥٤٢) عن يحيى بن حكيم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عثمان، حَدَّثَنَا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب فذكره.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا البيهقيّ (٨/ ٧٧) وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب وهو حسن الحديث.
وفي الباب ما رواه أيضًا أبو داود (٤٥٤٣) عن موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حمّاد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله ﷺ قضى في الدية على أهل الإبل مئة من الإبل، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة، وعلى أهل القمح شيئًا لم يحفظه محمد (يعني ابن إسحاق) وهذا مرسل.
ثمّ وصله أبو داود (٤٥٤٤) فقال: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو تُميلة، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق قال: ذكر عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: فرض رسول الله ﷺ.
فذكر مثل حديث موسى. قال: وعلى أهل الطعام شيئًا لم أحفظه.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقي (٨/ ٧٨) وقال: كذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار، ورواية من رواه عن عمر أكثر وأشهر.
قال الأعظمي: ومحمد بن إسحاق مدلِّس، ولم يسمع هذا الحديث من عطاء، وبهذا قالت الحنابلة وبعض الحنفية.
وقال الشافعي: إن الواجب الأصلي في الدية هو مائة إبل إن وجدت، فإن انعدمت يرجع إلى القيمة من عملة البلد في حينه.
وفي الباب ما رُوي عن عبادة بن الصَّامت أن النَّبِيّ ﷺ قضى في دية الكبرى المغلظة ثلاثين ابنة لبون، وثلاثين حقة، وأربعين خلفة، وقضى في دية الصغرى: ثلاثين ابنة لبون، وثلاثين حقة، وعشرين ابنة مخاض، وعشرين بني مخاض ذكور.
ثمّ غلت الإبل بعد وفاة رسول الله ﷺ، وهانت الدراهم. فقوم عمر بن الخطّاب إبل الدية ستة آلاف درهم حساب أوقية لكل بعير، ثمّ غلت الإبل وهانت الورق، فزاد عمر بن الخطّاب ألفين حساب أوقيتين لكل بعير، ثمّ غلت الإبل، وهانت الدراهم فأتمها عمر اثني عشر ألفا حساب ثلاث أواق لكل بعير. قال: فزاد ثلث الدية في الشهر الحرام، وثلثا آخر في البلد الحرام. قال: فتمت دية الحرمين عشرين ألفا.
قال: فكان يقال: يؤخذ من أهل البادية من ماشيتهم لا يكلفون الورق ولا الذهب. ويؤخذ من كل قوم ما لهم قيمة العدل من أموالهم.
رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٢٢٧٧٨) وابن أبي عاصم في الديات (١٤١) والبيهقي (٨/ ٧٤) كلّهم من حديث الفُضيل بن سليمان، حَدَّثَنَا موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت قال: فذكره.
وإسحاق لم يلق جد أبيه عبادة بن الصَّامت فهو مرسل كما قال البيهقيّ ولم يرو عنه إِلَّا موسى بن عقبة فهو «مجهول» أيضًا، والفضيل بن سلمان ضعيف ضعَّفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم.
وقوله: «دية الكبرى»: أي إذا قتله عمدًا. وقوله: «دية الصغرى»: أي إذا قتله خطأ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 110 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

  • 📜 حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب