حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إذا عضّ رجلًا فوقعت ثناياه فلا دية له

عن عمران بن حصين، أن رجلًا عضّ يد رجل، فانتزع يده فسقطت ثنيته أو ثناياه، فاستعدي رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: «ما تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل؟ ! ادفع يدك حتَّى بعضها ثمّ انتزِعْها».

صحيح: رواه مسلم في القسامة (٢١: ١٦٧٣) عن أحمد بن عثمان النوفليّ، حَدَّثَنَا قريش بن أنس، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، فذكره.

عن عمران بن حصين، أن رجلًا عضّ يد رجل، فانتزع يده فسقطت ثنيته أو ثناياه، فاستعدي رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: «ما تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل؟ ! ادفع يدك حتَّى بعضها ثمّ انتزِعْها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم فيه حكمة النبي ﷺ في القضاء وفهمه لأصول العدل والمصلحة. وإليك الشرح الوافي له على منهج أهل السنة والجماعة:

أولاً. شرح المفردات:


● عَضَّ: قبض بأسنانه على شيء.
● ثَنِيَّته: السن الأمامية، والثنايا جمعها.
● اسْتُعْدِيَ: طُلب منه أن يحكم أو يقضي في النزاع (من العدوى، أي القضاء).
● تَأْمُرُنِي: تستفتيني أو تطلب مني الحكم.
● تَقْضِمُهَا: تطحنها وتكسرها بأسنانها.
● الْفَحْل: الذكر من الإبل، وهو شديد العض.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه أن رجلاً عض يد رجل آخر، فلما شعر بالألم، انتزع يده بشدة، فنتج عن ذلك سقوط سن أو سنين للرجل المعضوض. فجاء المعضوض (صاحب السن المكسور) إلى رسول الله ﷺ يشتكي ويلتمس القصاص أو الدية.
فرد عليه النبي ﷺ رداً حكيماً يعلمه فيه أن القصاص ليس هو الحل المناسب في كل حال، بل يجب مراعاة الظروف والعدل. فقال له: «مَا تَأْمُرُنِي؟» أي: ماذا تريد مني أن أفعل بحقك؟ أتريد أن آمره أن يترك يده في فمك لتقضمها كما يقضم الفحل (أي بقوة وعنف) دون أن يدافع عن نفسه؟!
ثم بين له النبي ﷺ الحل العملي العادل الذي كان ينبغي عليه فعله، فقال: «ادْفَعْ يَدَكَ حَتَّى تَعَضَّهَا ثُمَّ انْتَزِعْهَا». أي: لو أنك دفعت يدك إلى فمه بعيداً عن أسنانه الأمامية (حتى تعضها بأضراسه التي لا تضر كثيراً)، ثم انتزعتها بروية دون حركة مفاجئة، لما كسرت سنه.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكمة النبي ﷺ في القضاء: لم ينكر حقه في المطالبة، لكنه بين له أن الحل الأمثل هو التحرز والاحتياط الذي كان يمكن أن يمنع الضرر من الأساس. فهو يعلمه درساً في التعامل مع المواقف بدلاً من إصدار حكم قضائي جاف.
2- مراعاة التسبب في الضرر: النبي ﷺ يلفت النظر إلى أن المعضوض شارك في زيادة الضرر بطريقة انتزاع يده بشدة، مما يعني أن عليه جزء من المسؤولية، ولا يحق له المطالبة بالقصاص الكامل.
3- مبدأ (الدِّفاعُ بِخِفَّةٍ): الإسلام يأمر بالدفاع عن النفس، ولكن دون إحداث ضرر غير مبرر للطرف الآخر. وكان الأجدر بالمعضوض أن يدفع يده بعمق في الفم (حتى لا تعض على الأسنان الأمامية القوية) ثم ينتزعها برفق.
4- رفض القصاص في غير موضعه: القصاص شرع لإقامة العدل، لا للانتقام. فلو أمر النبي ﷺ بالقصاص (كأن يكسر سن المعتدي) لكان ذلك ظلماً، لأن المعتدي لم يقصد كسر السن، بل كان الدافع الطبيعي للدفاع عن النفس هو سبب زيادة الضرر.
5- التعليم بالتمثيل: استخدم النبي ﷺ التشبيه بـ "الفحل" (والفحل معروف بشدة عضه) ليبين له صورة غير معقولة، فيقتنع بأن طلبه للقصاص مبالغ فيه.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الحكم الفقهي: ذهب الفقهاء إلى أن في هذه الحالة لا قصاص فيه، لأن كسر السن حصل بسبب فعل المعضوض نفسه (بانتزاعه يده بشدة). ولكن قد تكون عليه الدية إذا ثبت أن انتزاعه كان مفرطاً، أو يتحمل كل منهما جزء من المسؤولية.
● الحديث في الصحيح: رواه البخاري في صحيحه (رقم 6895) ومسلم (رقم 4491)، فهو حديث صحيح متفق عليه.
● العبرة الاجتماعية: الحديث يعلمنا التروي وضبط النفس في لحظات الغضب والألم، وعدم التسرع في رد الفعل الذي قد يزيد الموقف سوءاً.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بحكمته وشرعه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في القسامة (٢١: ١٦٧٣) عن أحمد بن عثمان النوفليّ، حَدَّثَنَا قريش بن أنس، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، فذكره.
في هذه الرواية أن النَّبِيّ ﷺ أمر الجاني بالاقتصاص منه، وفي رواية زرارة بن أوفىّ، عن عمران بن حصين أن النَّبِيّ ﷺ أبطله. وفي حديث يعلى بن أمية - الآتي - أن النَّبِيّ ﷺ أهدر ثنيه.
ورواية مسلم هذه أشار إليها الحافظ في الفتح (١٢/ ٢٢١) ثمّ قال: «كذا قال، وعند أبي نعيم في: المستخرج«من الوجه الذي أخرجه مسلم: «إنَّ شئت أمرناه فعض يدك ثمّ انتزعها أنت».
وهذه الرواية تدل على أن الأمر الوارد في رواية مسلم على التخيير وليس على الإلزام، ثمّ أهدر النَّبِيّ ﷺ ثنيته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 125 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

  • 📜 حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عضّ يدك ثم انتزعها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب