حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جرح العَجماء جبار
متفق عليه: رواه مالك في العقول (٤٢) عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث عظيم يتعلق بأحكام الضمان والمسؤولية في الإسلام، وقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
نص الحديث:
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والعدن جبار، وفي الركاز الخمس».
شرح المفردات:
● جبار: أي هدر لا ضمان فيه، أو هو شيء لا يضمن صاحبه، أي لا يلزمه تعويض أو دية.
● العجماء: هي كل حيوان لا نطق له، ويقصد بها هنا البهائم والحيوانات غير الناطقة.
● البئر: الحفرة العميقة في الأرض التي يحفرها الناس للاستقاء منها.
● العدن: هو الحفرة التي يحفرها الإنسان في ملكه ليجعل فيها متاعه، أو هي البئر القديمة المهجورة.
● الركاز: هو الكنز المدفون في الأرض من ذهب أو فضة من زمن الجاهلية، وقيل: هو المعادن كلها.
شرح الحديث:
هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنواعًا من الأضرار التي لا ضمان على صاحبها، أي لا يلزمه دفع تعويض إذا حصل ضرر منها، وذلك لأنها من الأمور المعتادة التي لا يمكن الاحتراز منها بالكلية، أو لأنها من صنع الإنسان لمصلحة عامة.
1- "جرح العجماء جبار": أي إذا أتلفت بهيمة أو حيوانًا شيئًا، أو جرحت إنسانًا، فلا ضمان على صاحبها، لأنها لا تعقل، فلا يمكن ضبطها تمامًا، وهذا من رحمة الإسلام وتيسيره، فلو أن بعيرًا رفس إنسانًا فمات، أو أتلف مالًا، فلا غرم على صاحبه، لأنه ليس بفعله تعمد الإتلاف.
2- "والبئر جبار": أي إذا سقط إنسان في بئر محفورة للانتفاع بها، ومات أو أصيب، فلا ضمان على صاحب البئر، لأن البئر محفورة للمصلحة، والناس يعرفونها، فإذا سقط فيها أحد بسبب إهماله أو عدم انتباهه، فلا ضمان على صاحبها.
3- "والعدن جبار": أي الحفرة التي يحفرها الإنسان في ملكه لوضع متاعه، أو البئر القديمة المهجورة، إذا سقط فيها أحد فلا ضمان على صاحبها، لأنها في ملكه، ولم يحفرها للإضرار بالغير.
4- "وفي الركاز الخمس": أي أن الكنز المدفون في الأرض من زمن الجاهلية، أو المعادن، يجب فيه الخمس، أي يُخرج خمس قيمته زكاة أو فيئًا لبيت مال المسلمين، والباقي لواجده.
الدروس المستفادة:
- يشرع هذا الحديث قواعد العدل والرحمة في المعاملات، ويراعي الظروف الطارئة التي لا يمكن للإنسان التحكم فيها.
- فيه تيسير على الناس ورفع للحرج عنهم في الأمور التي لا يمكنهم الاحتراز منها.
- بيان حكمة الإسلام في تشريع الأحكام التي توازن بين الحقوق والمسؤوليات.
- فيه تحذير من الإهمال والتقصير، فإذا كان صاحب البئر أو العدن قد قصر في سترها أو إنارتها ليلاً، فإنه يضمن، لأن الحديث في البئر والعدن المعتاد الذي لم يقصر صاحبه في اتخاذ الاحتياطات.
- بيان حكم الركاز وأن فيه الخمس، مما يدل على تشجيع الاستفادة من خيرات الأرض مع إخراج حق الله تعالى فيها.
معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار كثير من أحكام الضمان في الفقه الإسلامي.
- اختلف العلماء في بعض التفاصيل، مثل: هل العجماء تضمن إذا أتلفت في حال إهمال صاحبها؟ والصحيح أن الضمان يسقط إذا لم يكن هناك تقصير.
- الركاز فيه الخمس، سواء كان كنزًا أو معدنًا، وهذا رأي جمهور العلماء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البخاريّ (٦٩١٢) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن قُتَيبة بن سعيد كلاهما عن اللّيث، عن ابن شهاب بإسناد مثله.
وقد رواه عن أبي هريرة ابن سيرين ومحمد بن زياد والأعرج وأبو صالح وعروة بن الزُّبير وهمام وغيرهم وأحاديثهم مخرج في مصنف ابن أبي شيبة (٩/ ٢٧١ - ٢٧٢).
قال أبو داود (٤٥٩٣): «العجماء التي تكون منفلتة، ولا يكون معها أحد. وتكون بالنهار، ولا تكون بالليل». وقال الزهري: «يغرم قاتل البهيمة، ولا يغرم أهلها ما قتلت.
وعن إبراهيم أن بعيرًا افترس رجلًا فقتله. فجاء رجل فقتل البعير. فأبطل شريح دية الرّجل، وضمن الرّجل قيمة البهيمة. ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه.
وأمّا ما رواه أبو داود (٤٥٩٢) وابن أبي عاصم في الديات (١٩٣) والدارقطني (٣/ ١٥٢) والبيهقي (٨/ ٣٤٣) كلّهم من سفيان بن حسين، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «الرّجل جبار«فهو ضعيف.
قال أبو داود: الدابة تضرب برجلها وهو راكب.
قال الأعظمي: إسناده ضعيف من أجل سفيان بن حسين بن حسن أبو محمد الواسطي ثقة وثَّقه جماعة إِلَّا في الزهري فإنه ضعيف فيه. لأنه لا يتابع على الزّهريّ، وقد خالفه جماعة من الثّقات عن الزّهريّ، ولم يذكروا»الرّجل جبار».
قال الدَّارقطنيّ: «هذا وهم، لأن الثّقات الذين قدّمنا أحاديثهم خالفوه. ولم يذكروا ذلك. وكذلك رواه أبو صالح السمان وعبد الرحمن الأعرج ومحمد بن سيرين ومحمد بن زياد وغيرهم، عن أبي هريرة ولم يذكروا فيه: «الرّجل جبار».
وقال الخطّابي: «وقد تكلم الناس في هذا الحديث، وقيل: إنه غير محفوظ، وسفيان بن حسين معروف بسوء الحفظ».
وقالوا: وإنما هو «العجماء جرحها جبار» ولو صحَّ الحديث لكان القول به واجبا. وقد قال به أبو حنيفة وأصحابه، وذهبوا إلى أن الراكب إذا رمحت دابته إنسانا برجلها فهو هدر، فإن نفحته بيدها فهو ضامن. قالوا: وذلك أن الراكب يملك تصريفا من قدامها. ولا يملك منها فيما وراءها.
وقال الشافعي: «اليد والرجل سواء. لا فرق بينهما وهو ضامن». انتهى.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «النّار جبار».
رواه أبو داود (٤٥٩٤) وابن ماجة (٢٦٧٦) وابن أبي عاصم في الديات (١٩٢) كلّهم من حديث عبد الرزّاق، وقرنه أبو داود بعبد الملك الصنعانيّ، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة فذكره.
قال الدَّارقطنيّ (٣/ ١٥٣): «يقول أحمد بن حنبل في حديث عبد الرزّاق في حديث أبي هريرة: «والنار جبار».
ليس بشيء، لم يكن في الكتب، باطل ليس هو بصحيح، وقال أحمد أيضًا: أهل اليمن يكتبون النّار النير، ويكتبون البير مثل ذلك. وإنما لقن عبد الرزّاق: النّار جبار».
ولكن قال الخطّابي: «لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون: غلط فيه عبد الرزّاق، إنّما هو»البئر جبار«حتَّى وجدته لأبي داود عن عبد الملك الصنعاني عن معمر فدل أن الحديث لم ينفرد به عبد الرزّاق، ومن قال هو تصحيف»البئر«احتج في ذلك بأن أهل اليمن يميلون»النّار«ويكسرون النون فيها. فسمعه بعضهم على الإمالة، فكتبه بالباء، ثمّ نقله الرواة مصحفًا».
وأمّا معنى الحديث فقال بعض أهل العلم: النّار تطير بها الريح، فتحرق متاعا لقوم فإنه لا يلزم موقدها غرامة. وفرق قوم بين النّار التي يوقدها صاحبها ليشوي عليها لحمًا، وبين أن يوقدها عبثًا فقالوا: ما تجني هذه فيه الغرامة.
وأمّا ما رُوي عن عامر بن ربيعة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «العجماء جبار» فهو خطأ. رواه النسائيّ في الكبرى (٥٨٣٠) والطَّبرانيّ في الأوسط (٣٩٤٠) كلاهما من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن اللّيث بن سعد، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة فذكره.
قال النسائيّ: «خالفه قُتَيبة بن سعيد. فرواه عن اللّيث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وابن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.
وقال الطبرانيّ: لم يرو هذا الحديث عن ليث بن سعد إِلَّا يعقوب بن إبراهيم». فالصواب أنه من حديث أبي هريرة.
والعجماء: البهيمة، وسميت العجماء لأنها لا تتكلم.
وقوله: جبار أي هدر، لا دية فيه.
وقوله: البئر جبار: أي أن الإنسان لو حفر بئرًا في بلكهـ أو في موات فوقع فيها إنسان فلا ضمان عليه. وكذلك لو استأجره لحفرها فوقعتْ عليه فمات، فلا ضمان عليه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
- 135 قتل عبد الله بن سهل في خيبر ووداه النبي ﷺ
- 136 مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
- 137 ما تقولون في القسامة
- 138 تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم
- 139 من حلف على الغيب يا رسول الله؟
- 140 تُسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا
معلومات عن حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
📜 حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








