حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تبدئة أهل الدم في القسامة

عن بشير بن يسار زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلًا، وقالوا للذي وُجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا وما علمنا قاتلًا، فانطلقوا إلى النَّبِيّ ﷺ فقالوا: يا رسول الله، انطلقنا إلى خيبر، فوجدنا أحدنا قتيلًا، فقال: «الكبر الكبر» فقال لهم: «تأتون بالبينة على من قتله؟» قالوا: ما لنا بينة، قال: «فيحلفون» قالوا: لا نرض بأيمان اليهود، فكره رسول الله ﷺ أن يُطلّ دمه، فوداه مائة من إبل الصّدقة.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الديات (٦٨٩٨) ومسلم في القسامة (٥: ١٦٦٩) من طريق سعيد بن عُبيد، حَدَّثَنَا بُشير بن يسار الأنصاري فذكره.

عن بشير بن يسار زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلًا، وقالوا للذي وُجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا وما علمنا قاتلًا، فانطلقوا إلى النَّبِيّ ﷺ فقالوا: يا رسول الله، انطلقنا إلى خيبر، فوجدنا أحدنا قتيلًا، فقال: «الكبر الكبر» فقال لهم: «تأتون بالبينة على من قتله؟» قالوا: ما لنا بينة، قال: «فيحلفون» قالوا: لا نرض بأيمان اليهود، فكره رسول الله ﷺ أن يُطلّ دمه، فوداه مائة من إبل الصّدقة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُعنى بأحكام القضاء والدماء، ويحتوي على فوائد جليلة وعبر عظيمة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● انطلقوا إلى خيبر: ذهبوا إلى أرض خيبر، وهي منطقة كانت تسكنها اليهود، وقد فتحها المسلمون.
● فتفرقوا فيها: تفرقوا في أرض خيبر لأغراض التجارة أو غيرها.
● قَتِيلًا: ميتًا مقتولاً.
● الكُبْر الكُبْر: قيل إن المعنى: الأمر الكبير، أو الدية الكبيرة، وقيل: هي كلمة تقال للتعجب من عظم الأمر.
● البَيِّنَة: الدليل أو الشهود الذين يُثبتون الحق.
● يُطلّ دمه: يَضيع دمه بلا قصاص ولا دية.
● وَدَاه: دفع ديته. والدية: المال الذي يُدفع لورثة القتيل إذا لم يُعرف القاتل أو لم يُثبت عليه القتل.


ثانياً. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة رجل من الأنصار ذهب مع نفر من قومه إلى خيبر، فلما تفرقوا فيها، وجدوا أحدهم مقتولاً. فاتهموا اليهود الذين في خيبر بقتله، لكن اليهود أنكروا ذلك، وقالوا: "ما قتلنا وما علمنا قاتلاً".
فحصل نزاع بين الطرفين، فذهبوا إلى النبي ﷺ ليفصل بينهم. فلما قصوا عليه القصة، قال: «الكُبْر الكُبْر» تعظيماً لشأن الدماء وأن أمرها عظيم.
ثم سألهم النبي ﷺ: هل عندكم بينة (شهود) على أن اليهود هم الذين قتلوه؟ فقالوا: لا بينة لنا.
فحينئذٍ عرض النبي ﷺ حلّاً آخر، وهو أن يحلف اليهود يميناً بأنهم لم يقتلوه (وهو ما يسمى في الفقه بـ "يمين المدعى عليهم")، لكن الأنصار رفضوا ذلك، وقالوا: "لا نرضى بأيمان اليهود"، لشكهم فيهم أو لعدم ثقتهم بأيمانهم.
فوجد النبي ﷺ نفسه في موقف صعب:
- لا بينة لإثبات القتل على اليهود.
- وورثة القتيل يرفضون حل اليمين.
- ولا يمكن ترك دم المسلم يضيع بلا قصاص ولا دية.
فاختار النبي ﷺ حلاً حكيماً يضمن حق المسلم ولا يظلم اليهود بغير بينة، فدفع من مال الصدقة (مال المسلمين العام) دية القتيل، وهي مائة من الإبل.


ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظم أمر الدماء في الإسلام: فقد قال النبي ﷺ: «الكُبْر الكُبْر» تعظيماً لشأن الدماء، وفي هذا تحذير من التهاون فيها.
2- أهمية البينة في إثبات الحقوق: فلا يقبل قول أحد بدون دليل، وهذا من عدل الإسلام.
3- رفض النبي ﷺ إهدار الدم: حتى لو لم توجد بينة، فإنه لم يترك دم المسلم يضيع، بل وجد حلاً يعوض أهله.
4- حكمة النبي ﷺ في حل النزاعات: فقد قدم حلولاً عملية توفق بين حقوق الأطراف وتحفظ العدل.
5- جواز دفع الدية من بيت المال: إذا لم يُعرف القاتل، أو كان القتل في دار الإسلام ولم يُعرف فاعله، جاز للإمام أن يدفع الدية من بيت المال صوناً للدماء.
6- رفض الظن والتهمة بدون دليل: فلم يقبل اتهام اليهود بدون بينة، حفظاً لحقوقهم.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- الدية في الإسلام محددة بمقدار معين، ومائة من الإبل هي الدية الكاملة في القتل الخطأ وشبه العمد.
- هذا الحديث أصل من أصول القضاء في الإسلام، وفيه تطبيق لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
- فيه أيضاً تطبيق للقاعدة الفقهية: "اليمين على المدعى عليه"، لكن النبي ﷺ احترم رفض الأنصار لأيمان اليهود، ووجد حلاً آخر.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الديات (٦٨٩٨) ومسلم في القسامة (٥: ١٦٦٩) من طريق سعيد بن عُبيد، حَدَّثَنَا بُشير بن يسار الأنصاري فذكره. واللّفظ للبخاريّ، وأمّا مسلم فاختصره.
هذا الحديث فيه اختصار من الرواة. وتفصيله أن النَّبِيّ ﷺ طلب أولا البينة من الأنصار. فقالوا: ما لنا بينة، فقال لهم: «إذا تحلفون وتستحقون دم صاحبكم» فقالوا: كيف نحلف؟ فقال: «فيحلفون» فبهذا استقام معنى الحديث ولم يخالف بعضه بعضًا.
وقد رواه مالك في القسامة (٢) عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار أنه أخبره أن عبد الله بن
سهل الأنصاري ومحيّصة بن مسعود خرجا إلى خيبر.
وجاء فيه: فقال لهم رسول الله ﷺ: «أتحلفون خمسين يمينًا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم؟» وهو موصول كما سبق، فبُشير بن يسار رُوي عنه يحيى بن سعيد مثل الجماعة. وروى عنه سعيد بن عبيد فاختصره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 136 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

  • 📜 حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب