حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب تبدئة أهل الدم في القسامة
متفق عليه: رواه البخاريّ في الديات (٦٨٩٨) ومسلم في القسامة (٥: ١٦٦٩) من طريق سعيد بن عُبيد، حَدَّثَنَا بُشير بن يسار الأنصاري فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُعنى بأحكام القضاء والدماء، ويحتوي على فوائد جليلة وعبر عظيمة.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● انطلقوا إلى خيبر: ذهبوا إلى أرض خيبر، وهي منطقة كانت تسكنها اليهود، وقد فتحها المسلمون.
● فتفرقوا فيها: تفرقوا في أرض خيبر لأغراض التجارة أو غيرها.
● قَتِيلًا: ميتًا مقتولاً.
● الكُبْر الكُبْر: قيل إن المعنى: الأمر الكبير، أو الدية الكبيرة، وقيل: هي كلمة تقال للتعجب من عظم الأمر.
● البَيِّنَة: الدليل أو الشهود الذين يُثبتون الحق.
● يُطلّ دمه: يَضيع دمه بلا قصاص ولا دية.
● وَدَاه: دفع ديته. والدية: المال الذي يُدفع لورثة القتيل إذا لم يُعرف القاتل أو لم يُثبت عليه القتل.
ثانياً. شرح الحديث:
يحكي هذا الحديث قصة رجل من الأنصار ذهب مع نفر من قومه إلى خيبر، فلما تفرقوا فيها، وجدوا أحدهم مقتولاً. فاتهموا اليهود الذين في خيبر بقتله، لكن اليهود أنكروا ذلك، وقالوا: "ما قتلنا وما علمنا قاتلاً".
فحصل نزاع بين الطرفين، فذهبوا إلى النبي ﷺ ليفصل بينهم. فلما قصوا عليه القصة، قال: «الكُبْر الكُبْر» تعظيماً لشأن الدماء وأن أمرها عظيم.
ثم سألهم النبي ﷺ: هل عندكم بينة (شهود) على أن اليهود هم الذين قتلوه؟ فقالوا: لا بينة لنا.
فحينئذٍ عرض النبي ﷺ حلّاً آخر، وهو أن يحلف اليهود يميناً بأنهم لم يقتلوه (وهو ما يسمى في الفقه بـ "يمين المدعى عليهم")، لكن الأنصار رفضوا ذلك، وقالوا: "لا نرضى بأيمان اليهود"، لشكهم فيهم أو لعدم ثقتهم بأيمانهم.
فوجد النبي ﷺ نفسه في موقف صعب:
- لا بينة لإثبات القتل على اليهود.
- وورثة القتيل يرفضون حل اليمين.
- ولا يمكن ترك دم المسلم يضيع بلا قصاص ولا دية.
فاختار النبي ﷺ حلاً حكيماً يضمن حق المسلم ولا يظلم اليهود بغير بينة، فدفع من مال الصدقة (مال المسلمين العام) دية القتيل، وهي مائة من الإبل.
ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:
1- عظم أمر الدماء في الإسلام: فقد قال النبي ﷺ: «الكُبْر الكُبْر» تعظيماً لشأن الدماء، وفي هذا تحذير من التهاون فيها.
2- أهمية البينة في إثبات الحقوق: فلا يقبل قول أحد بدون دليل، وهذا من عدل الإسلام.
3- رفض النبي ﷺ إهدار الدم: حتى لو لم توجد بينة، فإنه لم يترك دم المسلم يضيع، بل وجد حلاً يعوض أهله.
4- حكمة النبي ﷺ في حل النزاعات: فقد قدم حلولاً عملية توفق بين حقوق الأطراف وتحفظ العدل.
5- جواز دفع الدية من بيت المال: إذا لم يُعرف القاتل، أو كان القتل في دار الإسلام ولم يُعرف فاعله، جاز للإمام أن يدفع الدية من بيت المال صوناً للدماء.
6- رفض الظن والتهمة بدون دليل: فلم يقبل اتهام اليهود بدون بينة، حفظاً لحقوقهم.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- الدية في الإسلام محددة بمقدار معين، ومائة من الإبل هي الدية الكاملة في القتل الخطأ وشبه العمد.
- هذا الحديث أصل من أصول القضاء في الإسلام، وفيه تطبيق لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
- فيه أيضاً تطبيق للقاعدة الفقهية: "اليمين على المدعى عليه"، لكن النبي ﷺ احترم رفض الأنصار لأيمان اليهود، ووجد حلاً آخر.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
هذا الحديث فيه اختصار من الرواة. وتفصيله أن النَّبِيّ ﷺ طلب أولا البينة من الأنصار. فقالوا: ما لنا بينة، فقال لهم: «إذا تحلفون وتستحقون دم صاحبكم» فقالوا: كيف نحلف؟ فقال: «فيحلفون» فبهذا استقام معنى الحديث ولم يخالف بعضه بعضًا.
وقد رواه مالك في القسامة (٢) عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار أنه أخبره أن عبد الله بن
سهل الأنصاري ومحيّصة بن مسعود خرجا إلى خيبر.
وجاء فيه: فقال لهم رسول الله ﷺ: «أتحلفون خمسين يمينًا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم؟» وهو موصول كما سبق، فبُشير بن يسار رُوي عنه يحيى بن سعيد مثل الجماعة. وروى عنه سعيد بن عبيد فاختصره.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 136 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
- 135 قتل عبد الله بن سهل في خيبر ووداه النبي ﷺ
- 136 مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
- 137 ما تقولون في القسامة
- 138 تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم
- 139 من حلف على الغيب يا رسول الله؟
- 140 تُسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا
معلومات عن حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
📜 حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, December 18, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








