حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من تطبب ولم يُعلم منه طب
حسن: رواه أبو داود (٤٥٨٦) والنسائي (٤٨٣٠) وابن ماجة (٣٤٦٦) والدارقطني (٣/ ١٩٦) والحاكم (٤/ ٢١٢) والبيهقي (٨/ ١٤١) كلّهم من حديث الوليد بن مسلم، قال: حَدَّثَنَا ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه أبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ».
أولاً. شرح المفردات:
● تَطَبَّبَ: أي تعاطى صنعة الطب وادعى المعرفة به، ومارس معالجة المرضى.
● وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ: أي لم يكن معروفاً عنه أو مشهوراً بأنه من أهل الخبرة والدراية في الطب.
● فَهُوَ ضَامِنٌ: أي يضمن ما يترتب على فعله من ضرر، فيكون ملزماً بالتعويض (الدية أو الأرش) إذا تسبب في موت المريض أو إصابته بعاهة.
ثانياً. شرح الحديث:
يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد المسؤولية المدنية في الإسلام، والتي تحمي أرواح الناس وأبدانهم من العبث والجهل.
فالمعنى: أي شخص تجرأ على معالجة الناس والتطبب لهم، وهو ليس معروفاً بالكفاءة في هذا الفن، ولم يثبت عنه سابق علم أو خبرة في مجال الطب، ثم حدث بسبب علاجه ضررٌ للمريض (كموته أو إصابته بعاهة دائمة)، فإن هذا المُتطَبِّب يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الضرر، ويُطالب بالضمان (أي الدية أو التعويض المناسب).
والحديث لا يمنع من تقديم المساعدة أو الإسعافات الأولية ضمن المعرفة العامة، ولكنه يحذر من التجرؤ على ما هو أعلى من ذلك دون علم. وهو يشمل كل من مارس مهنة الطب بفروعه المختلفة (الطب البشري، البيطري، التجبير... إلخ) دون تأهيل.
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه المستنبط:
1- تحريم التعدي على الأبدان والأرواح: فجسد الإنسان وأرواحهم أمانة لا يجوز العبث بها، والجهل في مثل هذه الأمور يؤدي إلى كوارث.
2- إثبات مبدأ الضمان: وهو من القواعد الفقهية الكبرى: "الغرم بالغنم" (أي من يتحمل الخطر يتحمل أيضاً مسؤولية الخسارة)، و"من أتلف مال غيره فهو له ضامن".
3- وجوب التأهيل والكفاءة في المهن الخطيرة: يحث الإسلام على إتقان العمل والتأهيل له، خاصة ما يتعلق بحياة الناس. فلا يجوز للإنسان أن يمارس مهنة إلا بعد أن يتعلمها ويتقنها ويتأهل لها تأهيلاً معترفاً به.
4- الحفاظ على الصحة العامة: من مقاصد الشريعة العليا حفظ النفس، وهذا الحديث سياج يحمي المجتمع من الدخلاء على المهن الطبية الذين قد يتسببون في أضرار جسيمة.
5- الفرق بين الطبيب المتعلم والجاهل: الحديث يفرق بين من له علم بالطب (فهو غير ضامن إذا أخطأ خطأ غير متعمد مع اتخاذه للأسباب) وبين من لا علم له من الأساس (فهو ضامن حتى لو قصد المساعدة).
رابعاً. معلومات إضافية:
- اختلف الفقهاء في تضمين الطبيب الحاذق (الخبير) إذا أخطأ خطأ غير متعمد، والراجح عند كثير من العلماء أنه لا يضمن في هذه الحالة، لأن عمله مبني على اجتهاد وخبرة، والخطأ غير المتعمد معفوعنها. أما الحديث فهو خاص بمن ليس أهلاً للطب من الأساس.
- يدخل في عموم هذا الحديث في عصرنا: كل من يمارس المهن الطبية أو التمريضية أو الصيدلة دون ترخيص أو مؤهل علمي معترف به.
- هذا الحديث من أعظم الأدلة على سبق التشريع الإسلامي في تنظيم المهن والحرف ووضع ضوابط المسؤولية المهنية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
قال أبو داود: «هذا لم يروه إِلَّا الوليد، ولا يُدرى أصحيح هو أم لا؟».
وأعله الدَّارقطنيّ بقوله: «لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، وغيره يرويه عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب مرسلًا عن النَّبِيّ ﷺ».
وأعله البيهقيّ بعلة أخرى فقال: «ورواه حمود بن خالد، عن الوليد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن جده، عن النَّبِيّ ﷺ، ولم يذكر أباه».
كذا قال، مع أن النسائيّ (٤٨٣١) رواه بالإسناد الثاني عن محمود بن خالد قال: حَدَّثَنَا الوليد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مثله سواء». أي بذكر أبيه.
فانحصرت العلة في أمرين:
أحدهما: عنعنة ابن جريج.
والثاني: غير الوليد بن مسلم رواه عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب مرسلًا عن النَّبِيّ ﷺ كما قال الدَّارقطنيّ ولم أقف على هذا الإرسال. إِلَّا أن ابن حجر قال في بلوغ المرام (١٠١١): «أن من أرسله أقوى ممن وصله».
وفي الباب ما رواه أيضًا أبو داود (٤٥٨٧) عن محمد بن العلاء، حَدَّثَنَا حفص، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حَدَّثَنِي بعض الوفد الذين قدموا على أبي قال: قال رسول الله ﷺ: «أيما طبيب تطبّب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعْنَتَ فهو ضامن».
قال عبد العزيز: «أما إنا ليس بالنعت، إنّما هو قطع العروق والبط والكي».
وفيه جهالة الوفد، مع الإرسال فإن الغالب أن الوفد ليس من أصحاب النَّبِيّ ﷺ.
قال الخطّابي: «لا أعلم خلافًا في المعالج إذا تعدّى فتلف المريض كان ضامنًا. والمتعاطي علمًا أو عملًا لا يعرفه متعد. فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية. وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض. وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 121 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
- 135 قتل عبد الله بن سهل في خيبر ووداه النبي ﷺ
- 136 مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
- 137 ما تقولون في القسامة
- 138 تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم
- 139 من حلف على الغيب يا رسول الله؟
- 140 تُسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا
معلومات عن حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
📜 حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








