حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تبدئة أهل الدم في القسامة

عن سهل بن أبي حثمة، أنه أخبره رجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل ومُحيصة خرجا إلى خيبر من جَهْدٍ أصابهم. فأُتي محيصةُ. فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر أو عين، فأتي يهود. فقال: أنتم والله قتلتموه. فقالوا: والله ما قتلناه. فأقبل حتَّى قدم على قومه. فذكر لهم ذلك. ثمّ أقبل هو وأخوه حويصة، وهو أكبر منه، وعبد الرحمن. فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر. فقال له رسول الله: «كبر، كبر» يريد السن. فتكلم حويصة. ثمّ تكلم محيصة. فقال رسول الله ﷺ: «إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب» فكتب إليهم رسول الله ﷺ في ذلك فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله ﷺ لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟» فقالوا: لا، قال: «أفتحلف لكم يهود؟» قالوا: ليسوا بمسلمين. فوداه رسول الله ﷺ من عنده. فبعث إليهم بمائة ناقة حتَّى أدخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء، قال مالك: الفقير هو البئر.

متفق عليه: رواه مالك في القسامة (١) عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة فذكره.

عن سهل بن أبي حثمة، أنه أخبره رجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل ومُحيصة خرجا إلى خيبر من جَهْدٍ أصابهم. فأُتي محيصةُ. فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر أو عين، فأتي يهود. فقال: أنتم والله قتلتموه. فقالوا: والله ما قتلناه. فأقبل حتَّى قدم على قومه. فذكر لهم ذلك. ثمّ أقبل هو وأخوه حويصة، وهو أكبر منه، وعبد الرحمن. فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر. فقال له رسول الله: «كبر، كبر» يريد السن. فتكلم حويصة. ثمّ تكلم محيصة. فقال رسول الله ﷺ: «إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب» فكتب إليهم رسول الله ﷺ في ذلك فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله ﷺ لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟» فقالوا: لا، قال: «أفتحلف لكم يهود؟» قالوا: ليسوا بمسلمين. فوداه رسول الله ﷺ من عنده. فبعث إليهم بمائة ناقة حتَّى أدخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء، قال مالك: الفقير هو البئر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي تفضلت بذكره حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه دروس جليلة في أحكام القضاء والشهادة والقصاص. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● جَهْدٍ: شدة وفقر وحاجة.
● فُقِير: (كما بين الإمام مالك في الموطأ) هو البئر القديمة المهجورة التي لا ماء فيها، أو هي القليب.
● يُدُوا: من الدية، أي يدفعوا دية القتيل.
● يُؤْذَنُوا بِحَرْب: يُخْبَروا بأنهم أعداء يحل قتالهم.
● وَدَاهُ: دفع ديته.
● رَكَضَتْنِي: نطحتني أو رفستني.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر سهل بن أبي حثمة أن رجالاً من أكابر قومه (وهم الأنصار) أخبروه بقصة مقتل عبد الله بن سهل رضي الله عنه. خرج عبد الله ومحيصة إلى خيبر (وهي أرض كان يسكنها يهود، وكان بينهم وبين المسلمين عهد) بسبب شدة الفقر والحاجة التي أصابتهم لطلب الرزق.
فوجد محيصة أن عبد الله قد قُتِل وأُلقي جسده في بئر مهجورة. فذهب إلى يهود خيبر واتهمهم بالقتل، فأنكروا ذلك. فعاد محيصة إلى المدينة المنورة وأخبر قومه بما حدث.
ثم ذهب محيصة وأخوه الأكبر حويصة (وهو أكبر منه سناً) وعبد الرحمن بن سهل (أخو القتيل) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشتكوا أمرهم. فلما هم محيصة (وهو الشاهد الذي كان في خيبر ورأى الأمر) بالكلام، أدبه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بتكريم الكبير وإعطائه حق التقديم في الكلام، فقال له: «كَبِّرْ، كَبِّرْ» أي قدِّم الأكبر سناً، فتكلم حويصة أولاً ثم تكلم محيصة.
فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى شكواهم، أرسل إلى يهود خيبر (الذين بينهم وبين المسلمين عهد) وخيرهم بين أحد أمرين:
1- أن يُدُوا صاحبكم: أي يدفعوا دية القتيل عبد الله بن سهل، اعترافاً بمسؤوليتهم عن قتله أو بسبب وقوعه في ديارهم.
2- أو أن يُؤْذَنُوا بحرب: أي ينقض العهد معهم ويُعلَن أنهم أعداء يحل قتالهم.
فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بذلك، فكتبوا يهود رداً ينكرون فيه القتل بشدة ويحلفون بالله أنهم لم يفعلوه.
عندها التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقارب القتيل (حويصة، محيصة، وعبد الرحمن) وسألهم سؤالين في غاية الأهمية في باب القضاء:
1- «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟»: أي هل أنتم مستعدون أن تحلفوا خمسين يميناً (وهي "يمين القسامة" في الإسلام) لتثبتوا قتله على قوم معينين، فتستحقون بذلك ديتهم؟
فقالوا: لا. لأنهم لم يروا القاتل بعينه، ولم يكن لهم بينة قاطعة، فامتنعوا عن الحلف وهذا من دينهم وأمانتهم.
2- «أَفَتَحْلَفُ لَكُمْ يَهُودُ؟»: أي هل تقبلون من اليهود أن يحلفوا خمسين يميناً لينكروا التهمة عنهم، فيبرأوا من دية القتيل؟
فقالوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ. أي كيف نقبل أيمان قوم ليسوا على ديننا، وقد يحلفون كذباً؟!
وهنا ظهرت الحكمة النبوية العظيمة. لما تعذر إثبات القتل بالبينة أو باليمين، ولم يكن من مصلحة المسلمين نقض العهد وإشهار الحرب من أجل قضية غير مقطوع بها، تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بنفسه فودى القتيل، أي دفع ديته من عنده صلى الله عليه وسلم من مال المسلمين (بيت المال) تصدقاً وتحنناً على أصحابه، وإطفاءً للفتنة، وصيانة للعهد. فبعث إليهم بمائة ناقة (وهي الدية الكاملة في ذلك الوقت) حتى أدخلت دارهم. وانتهت القضية بهذه الصورة الحكيمة.
وتختتم الرواية بلمسة واقعية، حيث يقول سهل بن أبي حثمة (الراوي): "لقد ركضتني منها ناقة حمراء"، أي أن إحدى تلك النوق نطحته أو رفسته حين أدخلت الدار، مما يدل على صدق الرواية وتفصيلها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر من الحديث:


1- الحكمة في القضاء والفصل في الخصومات: بين النبي صلى الله عليه وسلم كيف يحكم الحاكم عند انعدام البينات، وقدم حلاً عملياً يحفظ الحقوق ويصون العلاقات العامة.
2- احترام الكبير وتقديمه في المجالس والكلام: وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم «كَبِّرْ، كَبِّرْ».
3- العدل مع غير المسلمين والوفاء بالعهود: لم يحكم النبي على اليهود بالقتل بدون بينة، ولم يشهر الحرب عليهم إلا بعد إنذار وإعذار، وحافظ على العهد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
4- رفع الحرج عن الأمة وسد ذرائع الفتنة: بدفع
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في القسامة (١) عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة فذكره.
ورواه البخاريّ في الأحكام (٧١٩٢) ومسلم في القسامة (٦: ١٦٦٩) كلاهما من طريق مالك.
وأبو ليلى بن عبد الله هكذا قاله غير واحد عن مالك.
وقيل: عن مالك، عن أبي ليلى عبد الله بن سهل. هكذا قاله بشر بن عمر عن مالك عند مسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 134 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

  • 📜 حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب