حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب القسامة في الجاهليّة

عن عبد الله بن عباس قال: إن أولَ قسامة كانت في الجاهليّة لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذٍ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمرَّ رجلٌ به من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال: أغثني بعقال أشدُّ به عروة جوالقي لا تنفر الإبل. فأعطاه عقالا، فشد به عروة جوالقه، فلمّا نزلوا عقلت الإبل إِلَّا بعيرا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عقاله؟ قال: فحذفه بعصا كان فيها أجلُه، فمرَّ به رجلٌ من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد، وربما شهدته. قال هل أنت مبلغ عني رسالة مرةً من الدَّهر قال: نعم.
قال: فكتب إذا أنت شهدت الموسم فناد يا آل قريش، فإذا أجابوك، فناد يا آل بني هاشم. فإن أجابوك فسل عن أبي طالب، فأخبره أن فلانًا قتلني في عقال، ومات المستأجر، فلمّا قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض، فأحسنتُ القيام عليه، فولِيتُ دفنه. قال: قد كان أهلَ ذاك منك. فمكث حينًا، ثمّ إن الرّجل الذي أوصى إليه أن يُبلغ عنه وافى الموسم فقال: يا آل قريش. قالوا: هذه قريش. قال: يا آل بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم. قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانًا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث، إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل، فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به فأتى قومه، فقالوا: نحلف. فأتته امرأةٌ من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له. فقالت: يا أبا طالب! أُحِبُّ أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تُصبر يمينه حيث تُصبر الأيمان. ففعل فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب، أردتَ خمسين رجلًا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران فاقبلْهما عني ولا تصبر يميني حيث نصبر الأيمان. فقبِلَهما، وجاء ثمانيةٌ وأربعون فحلفوا. قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين
عينٌ تطرِفُ.

صحيح: رواه البخاريّ في مناقب الأنصار (٣٨٤٥) عن أبي معمر، حَدَّثَنَا عبد الوارث، حَدَّثَنَا قطن أبو الهيثم، حَدَّثَنَا أبو يزيد المدنيّ، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن عبد الله بن عباس قال: إن أولَ قسامة كانت في الجاهليّة لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذٍ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمرَّ رجلٌ به من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال: أغثني بعقال أشدُّ به عروة جوالقي لا تنفر الإبل. فأعطاه عقالا، فشد به عروة جوالقه، فلمّا نزلوا عقلت الإبل إِلَّا بعيرا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عقاله؟ قال: فحذفه بعصا كان فيها أجلُه، فمرَّ به رجلٌ من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد، وربما شهدته. قال هل أنت مبلغ عني رسالة مرةً من الدَّهر قال: نعم.
قال: فكتب إذا أنت شهدت الموسم فناد يا آل قريش، فإذا أجابوك، فناد يا آل بني هاشم. فإن أجابوك فسل عن أبي طالب، فأخبره أن فلانًا قتلني في عقال، ومات المستأجر، فلمّا قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض، فأحسنتُ القيام عليه، فولِيتُ دفنه. قال: قد كان أهلَ ذاك منك. فمكث حينًا، ثمّ إن الرّجل الذي أوصى إليه أن يُبلغ عنه وافى الموسم فقال: يا آل قريش. قالوا: هذه قريش. قال: يا آل بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم. قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانًا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث، إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل، فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به فأتى قومه، فقالوا: نحلف. فأتته امرأةٌ من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له. فقالت: يا أبا طالب! أُحِبُّ أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تُصبر يمينه حيث تُصبر الأيمان. ففعل فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب، أردتَ خمسين رجلًا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران فاقبلْهما عني ولا تصبر يميني حيث نصبر الأيمان. فقبِلَهما، وجاء ثمانيةٌ وأربعون فحلفوا. قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين
عينٌ تطرِفُ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تحكي قصة من قصص الجاهلية التي أقرها الإسلام فيما يتعلق بالقسامة، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● القَسَامَة: هي أيمان يُحلفها أولياء الدم على المتهم بالقتل عند عدم وجود بينة كافية.
● الجَاهِلِيَّة: الزمن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
● بَنِي هَاشِم: قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي فرع من قريش.
● اسْتَأجَرَهُ: كلفه بالعمل مقابل أجر.
● جِوَالِقِهِ: وعاء من الجلد يحمل فيه المتاع.
● عُرْوَةٌ: الحلقة أو العقدة التي يربط بها.
● عِقَال: الحبل الذي يُعقل به البعير ليربط.
● حَذَفَهُ: ضربه بعصا.
● أَجَلُهُ: موته، أي كانت الضربة سببًا لوفاته.
● المَوْسِم: موسم الحج في الجاهلية، حيث يجتمع الناس.
● أَحسَنْتُ القِيَامَ عَلَيْهِ: اعتنيت به أثناء مرضه.
● وَلِيتُ دَفْنَهُ: توليت أمر دفنه.
● اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاث: اختر واحدة من ثلاث خيارات.
● تُصْبِرُ يَمِينَهُ: تطلب منه الحلف وتلزمه به.
● مَا حَالَ الحَوْلُ: ما مرت سنة كاملة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي ابن عباس رضي الله عنهما قصة حدثت في الجاهلية، حيث كان رجل من بني هاشم يعمل أجيرًا لرجل من قريش من فخذ أخرى (أي من عشيرة أخرى غير بني هاشم).
وبينما هما في الطريق مع الإبل، مر عليهما رجل آخر من بني هاشم وكانت عروة جوالقه (حقيبته) قد انقطعت، فطلب من الأجير أن يعطيه عقالاً (حبلًا) ليربط به حقيبته حتى لا تنفر الإبل، فأعطاه العقال.
وعندما نزلوا ليربطوا الإبل، وجدوا أن كل الإبل قد ربطت إلا بعيرًا واحدًا، فسأله صاحب العمل: لماذا لم تربط هذا البعير؟ فأجاب الأجير: لأنه ليس له عقال. فسأله: أين عقاله؟ فاعترف الأجير أنه أعطاه للرجل الذي مر بهم.
فظن صاحب العمل أن الأجير قد فرط في ماله، فضربه بعصا كانت معه ضربة قاتلة، فأرداه قتيلاً.
وقبل أن يموت الأجير، مر به رجل من أهل اليمن، فطلب منه أن يبلغ رسالة لأبي طالب (عم النبي صلى الله عليه وسلم وزعيم بني هاشم آنذاك) في موسم الحج، يخبره بأن فلانًا (صاحب العمل) قتله بسبب العقال.
وبعد مقتله، عاد صاحب العمل إلى مكة، فسأله أبو طالب عن الأجير، فكذب عليه وقال: إنه مرض واعتنيت به ثم مت ودفنته. فظن أبو طالب أنه صادق.
ولكن بعد مدة، جاء الرجل اليمني إلى الموسم (موسم الحج) ونادى كما أوصاه القتيل: "يا آل قريش"، ثم "يا آل بني هاشم"، ثم سأل عن أبي طالب، وأبلغه الرسالة.
عندها ذهب أبو طالب إلى القاتل واتهمه، وقدم له ثلاثة خيارات:
1. أن يدفع دية مائة من الإبل (وهي الدية الكاملة في القتل خطأً أو شبه عمد).
2. أن يحلف خمسون رجلاً من قومه أنهم بريئون من القتل (أي أنهم يشهدون بعدم علمهم بقتله، وهذا نوع من البراءة الجماعية).
3. إن أبى الخيارين السابقين، فسيقتله به (أي القصاص).
فذهب القاتل إلى قومه فاختاروا أن يحلفوا الخمسين يمينًا.
ولكن حدثت موقفان:
- جاءت امرأة من بني هاشم كانت متزوجة من رجل من قوم القاتل، وطلبت من أبي طالب أن يعفي زوجها من الحلف ويقبل مكانه ابنها (أي أن يحلف الابن بدلاً من الأب).
- وجاء رجل آخر وعرض أن يدفع بعيرين (قيمة حصة رجلين من الخمسين) بدلاً من الحلف.
فقبل أبو طالب ذلك، فحلف 48 رجلاً فقط بدلاً من الخمسين.
وينتهي ابن عباس رضي الله عنهما بقسمه بالله: "ما حال الحول (أي ما مرت سنة) ومن الثمانية وأربعين عين تَطْرِفُ" (أي لم يمت منهم أحد خلال السنة)، إشارة إلى أنهم حلفوا يمينًا كاذبة فعاقبهم الله بأن ماتوا جميعًا في خلال سنة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- إقرار الإسلام لبعض أحكام الجاهلية الصحيحة: فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم القسامة في الإسلام كما كانت في الجاهلية إذا توافرت شروطها.
2- خطورة اليمين الكاذبة: فإن الذين حلفوا كذبًا لم يعش منهم أحد سنة كاملة، وهذا وعيد شديد على من يحلف كاذبًا متعمدًا.
3- الحكمة في حل النزاعات: حيث عرض أبو طالب خيارات متعددة للصلح وتجنب القتال.
4- التثبت في الأخبار وعدم التسرع في الحكم: حيث لم يبادر أبو طالب إلى القصاص مباشرة، بل أعطى فرصة للبراءة أو الدية.
5- فضل الصدق والأمانة: فإن الأجير كان ص
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في مناقب الأنصار (٣٨٤٥) عن أبي معمر، حَدَّثَنَا عبد الوارث، حَدَّثَنَا قطن أبو الهيثم، حَدَّثَنَا أبو يزيد المدنيّ، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 132 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

  • 📜 حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب