حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا يؤخذ أحدٌ من جناية أحدٍ ولو كان من أبيه أو أخيه
صحيح: رواه النسائيّ (٤٨٣٣) عن محمود بن غيلان قال: حَدَّثَنَا بشر بن السري، قال: حَدَّثَنَا سفيان (وهو الثوري) عن أشعث، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وله شواهد في الصحيحين وغيرهما. وفي شرحه نقول وبالله التوفيق:
أولاً. شرح المفردات:
● يخطب: أي يخاطبهم ويتكلم معهم.
● الأنصار: هم أهل المدينة المنورة الذين نصروا رسول الله ﷺ وآووه.
● بنو ثعلبة بن يربوع: هي قبيلة من قبائل الأنصار.
● في الجاهلية: أي قبل الإسلام.
● وهتف: رفع صوته عليه الصلاة والسلام ليُسمع الجميع ويؤكد المعنى.
● «لا تجني نفس على الأخرى»: الجرم والإثم، أي لا يُحمل إثم شخص على شخص آخر.
ثانيًا. شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي ثعلبة بن زهدم رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان يخاطب مجموعة من الأنصار، فذكروا له أن بنو ثعلبة بن يربوع (وهي قبيلة منهم) كانوا قد قتلوا رجلاً في الجاهلية (أي قبل الإسلام)، وكأنهم يريدون أن يُحاسَبوا على ذلك الفعل أو أن تُؤخذ منهم الدية مثلاً.
فرد عليهم النبي ﷺ ردًا حاسمًا، ورفع صوته ليؤكد على أهمية هذا المبدأ العظيم، فقال: «أَلا لا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى الأُخْرَى»، أي: اعلموا أنه لا يتحمل إثم جريمة أو ذنب إنسانٌ غيره، فكل إنسان مسئول عن عمله فقط.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- العدل المطلق في الشريعة الإسلامية: فالإسلام يقطع دابر الظلم والتحامل، ويؤسس لمجتمع يقوم على المسئولية الفردية، فلا تزر وازرة وزر أخرى.
2- العهد الجاهلي ذهب بذهابه: ما كان في الجاهلية من حروب وثأرات ودماء، فإن الإسلام قد طواه ولم يُبقِ له أثرًا، فلا يُعاقب أحد على ما فعله آباؤه أو قبيلته قبل الإسلام.
3- رفع الصوت في مواطن التأكيد: من هديه ﷺ أنه كان يرفع صوته عند الكلام المهم ليفهمه الجميع ويُعليه، وهذا من باب التأكيد على أهمية المبدأ.
4- التساوي بين الناس في الحقوق والواجبات: فالجميع أمام الشرع سواء، لا فرق بين قبيلة وأخرى، ولا بين كبير وصغير، إلا بالتقوى.
5- التناصح والتذكير في المجالس: فإن الصحابة رضوان الله عليهم لما التبس عليهم أمر من أمور الجاهلية، سألوا النبي ﷺ للاستيضاح، وهذا دليل على حرصهم على فهم دينهم.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل عظيم في إسقاط التبعات عن الأعمال في الجاهلية، وهو متفق عليه بين العلماء.
- فيه دليل على أن الإنسان لا يحمل وزر غيره، كما قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].
- هذه القاعدة الشرعية تسري على جميع الجرائم والذنوب، في الدنيا والآخرة، إلا ما استثناه الشرع بنص خاص، كالإعانة على الإثم مثلاً.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح إن صحَّ صحبةُ ثعلبة بن زهدم. - والكلام فيه كما يأتي - وإن لم تصحّ صحبتُه فهو يرُوي عن أناس من بني ثعلبة أدركوا النَّبِيّ ﷺ كما رواه شعبة، عن أشْعث بن أبي الشعثاء، قال: سمعت الأسود بن هلال، يحدث عن رجل من بني ثعلبة بن يربوع أن ناسًا من بني ثعلبة أتوا النَّبِيّ ﷺ فذكر نحوه.
رواه أيضًا النسائيّ (٤٨٣٥) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود قال: أنبأنا شعبة.
ورواه أبو عوانة ومن طريقه النسائيّ وأحمد (١٦٦١٣)، وأبو الأحوص عند النسائيّ، كلاهما من حديث أشعث، عن أبيه (وهو سليم أبو الشعثاء المحاربي) عن رجل من بني ثعلبة بن يربوع قال: أتيت النَّبِيّ ﷺ وهو يتكلم فقال رجل: يا رسول الله! هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذين أصابوا فلانًا فقال رسول الله ﷺ: «لا، يعني لا تجني نفس على نفس».
والإسنادان صحيحان، وأشعث وهو ابن أبي الشعثاء ثقة، له شيخان: الأسود بن هلال، وأبوه أبو الشعثاء إِلَّا أن ثعلبة بن زهدم مختلف في صحبته.
ففي «التهذيب» قال ابن حجر: جزم بصحة صحبته ابن حبَّان وابن السكن وأبو محمد بن حزم وجماعة ممن صنّف في الصّحابة بطول تعدادهم. وذكره البخاريّ في التاريخ الكبير وقال: قال الثوري: له صحبة، ولا يصح، وقال الترمذيّ في تاريخه: أدرك النَّبِيّ ﷺ، وعامة روايته عن الصّحابة. وقال العجلي: تابعي ثقة، ذكره مسلم في الطبقة الأوّلى من التابعين». انتهى قول الحافظ ابن حجر.
قال الأعظمي: فإن صحت صحبتُه فذاك، وإلَّا فإبهام الصحابي في رواية أبي عوانة وأبي الأحوص لا يضر كما هو معلوم.
وفي الباب عن عمرو بن الأحوص قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول في حجّة الوداع: «ألا لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده».
رواه ابن ماجة (٢٦٦٩) والتِّرمذيّ (١١٦٣، ٢١٥٩) وأحمد (١٦٠٦٤) وابن أبي عاصم في الديات (٣١٢) كلّهم من حديث شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه
فذكره. قال الترمذيّ: حسن صحيح.
قال الأعظمي: فيه سليمان بن عمرو لم يرو عنه سوى شبيب بن غرقدة، ولم يوثقه غير ابن حبَّان. ولذا قال الحافظ: «مقبول«أي عند المتابعة ولم أجد له متابعًا. وجهله ابن القطان.
وهذا جزء من خطب النَّبِيّ ﷺ في حجّة الوداع، انظر كتاب الحجّ.
وأمّا ما رُوي عن عاصم بن لقيط أن لقيطا خرج وافدًا إلى رسول الله ﷺ ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق فذكر الحديث بطوله. وجاء فيه: «ولا يجني عليك إِلَّا نفسك«، فهو ضعيف جدًّا.
رواه عبد الله بن أحمد (١٦٢٠٦) قال: كتب إليّ إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزُّبير الزُّبيري: كتبتُ إليك بهذا الحديث، وقد عرضته وسمعتُه على ما كتبت به إليك. فحدّث بذلك عني قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن المغيرة الحزاميّ، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عَيَّاش السمعي الأنصاري القبائي من بني عمرو بن عوف، عن دَلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيليّ، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر قال دلْهم: وحدثنيه أبي الأسود، عن عاصم بن لقيط أن لقيطة خرج وافدًا فذكره.
أورده الهيثميّ في: المجمع (١٠/ ٣٣٨ - ٣٤٠) وقال: رواه عبد الله (ابن أحمد) والطَّبرانيّ نحوه، وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل، ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبرانيّ مرسل عن عاصم بن لقيط، أن لقيطًا». انتهى.
وقال ابن حجر في «تهذيبه» في ترجمة (عاصم بن لقيط بن عامر) رواه أبو القاسم الطبرانيّ مطوَّلًا وهو حديث غريب جدًّا.
قال الأعظمي: أخرجه أبو داود (٣٢٦٦) مختصرًا بقوله: «لعمر إلهك» من طريق إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد الملك بن عباس السمعي الأنصاري عن دلْهم بن الأسود بإسناده.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
- 106 العنوان: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل
- 107 الأسنان سواء والأصابع سواء
- 108 دية الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل
- 109 من قتل خطأ فديته مائة من الإبل
- 110 دية أهل الكتاب النصف من دية المسلمين
- 111 دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض
- 112 ديته اثني عشر ألفا
- 113 المكاتب يرث بحساب ما عتق منه ويؤدي بحصة ما أدى
- 114 المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 115 بعث النبي أبا جهم مصدقا فلاجه رجل فضربه فشجه
- 116 ابنك هذا؟ إي ورب الكعبة
- 117 ابنك هذا لا يجني عليك ولا تجني عليه
- 118 لا تجني أم على ولد مرتين
- 119 لا تجني نفس على أخرى
- 120 لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
- 121 من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن
- 122 قطع غلام أذن غلام فلم يجعل النبي عليه شيئًا
- 123 جرح العجماء جبار والبئر جبار والعدن جبار
- 124 يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له
- 125 عضّ يدك ثم انتزعها
- 126 أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل
- 127 اطَّلع رجل في حُجرة النبي فقام إليه بمشقص
- 128 لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك
- 129 من اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه فلا جناح عليك
- 130 معنى إذا دخل البصر فلا إذن
- 131 من كشف سترًا فأدخل بصره في البيت قبل أن يؤذن...
- 132 أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم
- 133 أقر رسول الله القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية
- 134 إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب
- 135 قتل عبد الله بن سهل في خيبر ووداه النبي ﷺ
- 136 مائة من إبل الصدقة في دية القتيل
- 137 ما تقولون في القسامة
- 138 تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم
- 139 من حلف على الغيب يا رسول الله؟
- 140 تُسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا
معلومات عن حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
📜 حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تتحمل نفس ذنب نفس اخرى
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








