من حلف على الغيب يا رسول الله؟

حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

رُوي عن سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار، عن رجال من الأنصار أن النَّبِيّ ﷺ قال لليهود وبدأ بهم: «أيحلف منكم خمسون رجلًا» فأبوا. فقال للأنصار: «استحقُّوا» قالوا: نحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله ﷺ دية على اليهود، لأنه وجد بين أظهرهم.

ضعيف: رواه أبو داود (٤٥٢٦) عن الحسن بن عليّ، حَدَّثَنَا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار، فذكراه وقد حكم عليه الألباني بأنه شاذ وقال شعيبالأرنؤوط: منكر بهذا السياق، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٢) لقوله: "عن رجال من الأنصار" ولم يقل: "من أصحاب النبي ﷺ"، ثمَّ قال البيهقي: وهذا مرسل بترك الذين حدثوهما، وهو يخالف الحديث المتصل في البداية بالقسامة (أي: فيمَنْ يبدأ بها) وفي إعطاء الدية، والثابت عن النبي ﷺ أنَّه وداه من عنده، ووافقه ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن".

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وصححه الألباني، وهو من الأحاديث التي تبين حكمة النبي ﷺ في القضاء وفصل الخصومات.

شرح المفردات:

● «أيحلف منكم خمسون رجلًا»: أي هل يقسم خمسون رجلاً منكم بالله على براءة قومهم من الجريمة.
● «فأبوا»: رفضوا أن يحلفوا.
● «استحقوا»: من الاستحقاق، أي احرزوا الحق وأنتم أهله، أو ادعوا الحق فأنتم مستحقونه.
● «على الغيب»: أي على شيء غائب لا يعلمونه يقينًا.
● «دية»: compensation أو المال الواجب في الجناية على النفس.
● «وجده بين أظهرهم»: أي وجد القتيل في ديارهم أو في مكان قريب منهم.

شرح الحديث:

جاء في رواية الحديث قصة رجل من المسلمين قُتل في أرض اليهود، فاختلف المسلمون واليهود في قاتله، فادعى كل فريق براءة قومه. فعرض النبي ﷺ على اليهود أن يحلف خمسون رجلاً منهم على أن قومهم لم يقتلوا الرجل، فرفضوا الحلف. ثم عرض على الأنصار أن يحلفوا على أن اليهود هم القتلة، فاستنكروا الحلف على شيء لا يعلمونه يقينًا (وهو الغيب)، فقالوا: "نحلف على الغيب يا رسول الله؟" أي كيف نحلف على شيء لم نشاهده؟ فحينئذٍ قضى النبي ﷺ بدية القتيل على اليهود، لأن القتيل وجد في أرضهم ومنطقتهم، ولم يحلفوا على براءة قومهم، فغلب على الظن أنهم المتورطون في الجريمة.

الدروس المستفادة:

1- حكمة النبي ﷺ في القضاء: حيث استعمل وسائل الإثبات المتاحة وقتها (كاليَمين) للوصول إلى الحق.
2- رفض الحلف على الغيب: من أدب الأنصار رضي الله عنهم أنهم استنكروا الحلف على ما لا يعلمون، وهذا من تقواهم.
3- قرينة المكان: إذا وجد القتيل في مكان قوم، ولم يثبتوا براءتهم، فإن ذلك يغلب على الظن تورطهم، فيتحملون الدية.
4- اليَمين في الإثبات: الحلف كان وسيلة من وسائل الإثبات في الشريعة، ورفضه قد يكون قرينة على عدم البراءة.
5- العدل مع غير المسلمين: قضاء النبي ﷺ على اليهود بالدية показывает عدله مع غير المسلمين، وأنهم كانوا تحت حكمه وقضائه.

معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدخل في باب "القضاء" و"الديات".
- فيه دليل على أن القاضي قد يحكم بالظاهر والقرائن إذا تعذر الوصول إلى اليقين.
- يستفاد منه أيضًا أن من أدب المسلم أن لا يحلف على شيء لا يعلمه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٥٢٦) عن الحسن بن عليّ، حَدَّثَنَا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار، فذكراه وقد حكم عليه الألباني بأنه شاذ وقال شعيبالأرنؤوط: منكر بهذا السياق، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٢) لقوله: "عن رجال من الأنصار" ولم يقل: "من أصحاب النبي ﷺ"، ثمَّ قال البيهقي: وهذا مرسل بترك الذين حدثوهما، وهو يخالف الحديث المتصل في البداية بالقسامة (أي: فيمَنْ يبدأ بها) وفي إعطاء الدية، والثابت عن النبي ﷺ أنَّه وداه من عنده، ووافقه ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن".
قال الخطّابي: «في هذا حجّة لمن رأى أن اليمين على المدعى عليهم، إِلَّا أن أسانيد الأحاديث المتقدمة أحسن اتصالًا، وأوضح متونًا. وقال: وقد روى ثلاثة من أصحاب رسول الله ﷺ أنه بدأ في اليمين بالمدعين: سهل بن أبي حثمة، ورافع بن خديج وسويد بن النعمان».
قال الأعظمي: وبهذا يكون حديث الباب شاذ!
قال الأعظمي: احتج أهل الكوفة بحديث أبي داود فقالوا: تكون تبدئة الأيمان بالمدعى عليهم كسائر الحقوق «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر».
وذهب جمهور أهل العلم إلى أحاديث الباب بأن تبدئة الأيمان تكون بالمدعين. وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وبقية علماء أهل الحديث.
وأمّا ما رُوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر إِلَّا في القسامة» فهو ضعيف. رواه الدَّارقطنيّ (٣/ ١١١) والبيهقي (٨/ ١٢٣) كلاهما من حديث مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف ضعَّفه البيهقيّ وغيره، وقد اختلف عليه فرواه بعضهم عنه، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة فذكر مثله.
ورواه عبد الرزّاق عن ابن جريج، عن عمرو مرسلًا، كذا ذكره الدارقطنيّ، وعبد الرزّاق أوثق من مسلم بن خالد الزنجي. انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (٧/ ١٣٤).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 139 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

📜 حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من حلف على الغيب يا رسول الله؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية