حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ترخيص النبي ﷺ في الأوعية والظروف واجتناب المسكر

عن بريدة: أن رسول الله ﷺ بينما هو يسير إذ حلّ بقوم فسمع لهم لغطا، فقال: «ما هذا الصوت؟» قالوا: يا نبي الله، لهم شراب يشربونه، فبعث إلى القوم فدعاهم، فقال: «في أي شيء تنتبذون؟» قالوا: ننتبذ في النقير والدباء وليس لنا ظروف، فقال: «لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه» قال: فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث، ثم رجع عليهم فإذا هم قد أصابهم وباءٌ واصفرّوا، قال: «ما لي أراكم قد هلكتم؟» قالوا: يا نبي الله أرضنا وبيئة، وحرّمتَ علينا إلا ما أوكينا عليه، قال: «اشربوا، وكل مسكر حرام».

حسن: رواه النسائي (٥٦٥٥) عن أبي علي محمد بن يحيى بن أيوب المروزي، ثنا عبد الله بن عثمان، ثنا عيسى بن عيد الكندي خراساني، قال: سمعت عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال .

عن بريدة: أن رسول الله ﷺ بينما هو يسير إذ حلّ بقوم فسمع لهم لغطا، فقال: «ما هذا الصوت؟» قالوا: يا نبي الله، لهم شراب يشربونه، فبعث إلى القوم فدعاهم، فقال: «في أي شيء تنتبذون؟» قالوا: ننتبذ في النقير والدباء وليس لنا ظروف، فقال: «لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه» قال: فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث، ثم رجع عليهم فإذا هم قد أصابهم وباءٌ واصفرّوا، قال: «ما لي أراكم قد هلكتم؟» قالوا: يا نبي الله أرضنا وبيئة، وحرّمتَ علينا إلا ما أوكينا عليه، قال: «اشربوا، وكل مسكر حرام».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن بريدة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ بينما هو يسير إذ حلّ بقوم فسمع لهم لغطا، فقال: «ما هذا الصوت؟» قالوا: يا نبي الله، لهم شراب يشربونه، فبعث إلى القوم فدعاهم، فقال: «في أي شيء تنتبذون؟» قالوا: ننتبذ في النقير والدباء وليس لنا ظروف، فقال: «لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه» قال: فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث، ثم رجع عليهم فإذا هم قد أصابهم وباءٌ واصفرّوا، قال: «ما لي أراكم قد هلكتم؟» قالوا: يا نبي الله أرضنا وبيئة، وحرّمتَ علينا إلا ما أوكينا عليه، قال: «اشربوا، وكل مسكر حرام».


1. شرح المفردات:


● حلّ بقوم: نزل عندهم أو مر بهم.
● لغطًا: ضجيجًا وصوتًا مرتفعًا مختلطًا.
● تنتبذون: تصنعون النَّبيذ (وهو شراب منقوع من التمر أو الزبيب أو غيرهما).
● النقير: جذع النخل يُنقر ويُجوف ليُتخذ وعاءً.
● الدباء: القرع اليابس (اليقطين) الذي يُتخذ وعاءً بعد تجفيفه.
● أوكيتم عليه: أي ختمتموه وأحكمتم إغلاقه (بالوكاء، وهو الخيط أو السدادة التي تُربط على فم الوعاء).
● وباءٌ: هنا بمعنى المرض والضعف (وليس الوباء بالمعنى الحديث).
● اصفرّوا: أصبحوا صفر الوجوه من شدة المرض والضعف.
● أرضنا وبيئة: أرضنا موبوءة أو غير صحية (أي أن طبيعة أرضهم تسبب المرض).


2. شرح الحديث:


كان النبي ﷺ يسير مع أصحابه فمر على قوم يحدثون ضجيجًا، فسأل عن سبب ذلك، فأخبروه أنهم يشربون شرابًا (نبيذًا منقوعًا)، فدعاهم وسألهم عن الأواني التي ينتبذون فيها (أي يصنعون فيها الشراب)، فأخبروه أنهم يستخدمون أوعية مسامّة مثل النقير (جذوع النخل المجوفة) والدباء (القرع اليابس)، وهي أوعية لا يمكن إحكام إغلاقها بشكل كامل.
فأمرهم النبي ﷺ بعدم الشرب إلا في الأوعية التي يمكن أوكاؤها (أي إحكام إغلاقها)، وذلك لمنع دخول الحشرات والذباب الذي قد يحمل الأمراض، أو ليمنع تخمر الشراب بسرعة وتحوله إلى مسكر.
وبعد فترة، مر عليهم النبي ﷺ مرة أخرى فوجدهم مرضى وضعفاء، فسألهم عن سبب ذلك، فأخبروه أن أرضهم غير صحية، وأنهم التزموا بأمره بعدم الشرب إلا في الأوعية الموكاة، ولكنهم لم يجدوا إلا الأوعية المسامّة (مثل النقير والدباء) فامتنعوا عن الشرب تمامًا، مما أضر بصحتهم.
فأذن لهم النبي ﷺ بالشرب في هذه الأوعية مرة أخرى، ولكنه أكد على الحكم الأساسي: "وكل مسكر حرام"، أي أن كل شراب يسكر فهو حرام، بغض النظر عن نوع الوعاء.


3. الدروس المستفادة:


1- مراعاة الظروف والصحة: النبي ﷺ راعى ظروف القوم الصحية، فلما رأى أن امتناعهم عن الشرب في الأوعية المتاحة أضر بهم، أباح لهم ذلك مراعاة للضرورة.
2- التدرج في التشريع: النبي ﷺ بدأ بمنعهم من الانتباذ في الأوعية المسامّة لعلة صحية، ثم رخّص لهم عندما رأى المشقة.
3- الحكمة من الأوامر والنواهي: النهي عن الانتباذ في الأوعية المسامّة كان لأمر صحي (منع الأمراض) وليس تحريمًا للشراب نفسه، ما دام غير مسكر.
4- التأكيد على تحريم المسكر: رغم الرخصة في نوع الوعاء، إلا أن النبي ﷺ أكد على تحريم كل شراب يسكر، مهما كان نوعه أو وعاؤه.
5- الشريعة ترفع الحرج: الإسلام دين يسر، ويرفع المشقة عن الناس، كما في قوله: "اشربوا" بعد أن امتنعوا خوفًا من الحرام.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- النهي عن الانتباذ في أوعية معينة كان لأسباب صحية ووقائية، وليس لأن الوعاء نفسه حرام.
- القاعدة الفقهية المستفادة: "الضرورات تبيح المحظورات" مع مراعاة الضوابط الشرعية.
- الحديث يظهر رحمة النبي ﷺ بأمته وحرصه على صحتهم وسعادتهم.

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٥٦٥٥) عن أبي علي محمد بن يحيى بن أيوب المروزي، ثنا عبد الله بن عثمان، ثنا عيسى بن عيد الكندي خراساني، قال: سمعت عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل عيسى بن عبيد الكندي، قال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان: صالح الحديث. وقال ابن حجر في التقريب: «صدوق».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 107 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

  • 📜 حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب