حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ترخيص النبي ﷺ في الأوعية والظروف واجتناب المسكر

عن المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن الشرب في الأوعية فقال: نهى رسول الله ﷺ عن المزفتة وقال: كل مسكر حرام قال: قلت: وما المزفتة؟ قال: المقيرة قال: قلت: فالرصاص والقارورة؟ قال: ما بأس بهما قال: قلت: فإن ناسا يكرهونهما قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن كل مسكر حرام. قال: قلت له: صدقت. السكر حرام، فالشربة والشربتان على طعامنا؟ قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وقال: الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة، فما خمرت من ذلك فهي الخمر.

حسن: رواه أحمد (١٢٠٩٩)، وأبو يعلى (٣٩٦٦) كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن المختار بن فلفل فذكره، والسياق لأحمد.

عن المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن الشرب في الأوعية فقال: نهى رسول الله ﷺ عن المزفتة وقال: كل مسكر حرام قال: قلت: وما المزفتة؟ قال: المقيرة قال: قلت: فالرصاص والقارورة؟ قال: ما بأس بهما قال: قلت: فإن ناسا يكرهونهما قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن كل مسكر حرام. قال: قلت له: صدقت. السكر حرام، فالشربة والشربتان على طعامنا؟ قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وقال: الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة، فما خمرت من ذلك فهي الخمر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم يجمع عدداً من الأحكام الشرعية المهمة المتعلقة بالخمر والمسكرات وآنية الشرب. سأشرحه لك جزءاً جزءاً مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، والإمام الترمذي في جامعه، وقال عنه الترمذي: "حديث حسن صحيح". وهو من رواية الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ.

### ثانياً. شرح المفردات
* المزفتة: هي الأوعية (كالقِرب والجِرار) التي تُطلى من الداخل بمادة الزفت (وهو القار أو الإسفلت) لمنع تسرب السوائل وتخزينها. وكانت تستخدم عادة لخزن الخمر.
* المقيرة: مرادفة للمزفتة، وهي الأوعية المطلية بالزفت أو القار.
* الرصاص: هنا يقصد به الإناء المصنوع من مادة الرصاص.
* القارورة: هي الإناء المصنوع من الزجاج.
* ما يريبك: ما يشككك ويورثك الشبهة والقلق في حله أو حرمته.
* ما لا يريبك: ما تتيقن من حله ولا شك فيه.
* خمرت: أي تخمرت وتفاعلت حتى صارت مسكرة.

### ثالثاً. شرح الحديث وفقهه
يمكن تقسيم شرح الحديث إلى عدة نقاط أساسية:
1. النهي عن الشرب من الأوعية المزفتة (المقيرة):
نهى النبي ﷺ عن الشرب في هذه الأوعية بشكل خاص. والحكمة من هذا النهي -كما ذكر العلماء مثل الإمام النووي وابن القيم- تعود إلى أسباب منها:
* أن هذه الأوعية كانت تُستخدم خاصة لتخزين الخمر وصنعها، فنهى عنها سداً للذريعة؛ حتى لا يكون هناك أي وسيلة أو أداة تذكر بالخمر أو تساعد في التعامل معها.
* أن طلاء الزفت قد يذوب في السائل خاصة إذا كان حاراً أو دسماً، فيختلط به ويضر بالشارب.
2. التأكيد على أصل عظيم: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ":
كرر النبي ﷺ هذه الجملة في الحديث مرتين لتأكيد حرمة كل ما يسكر من الخمور والمشروبات، بغض النظر عن مصدرها أو اسمها. هذه قاعدة أصولية كبرى تنسخ أي عادة أو تقليد جاهلي.
3. حكم الشرب في آنية الرصاص والزجاج (القارورة):
سأل الراوي أنساً رضي الله عنه عن الشرب في آنية الرصاص والزجاج، فأجاب: "ما بأس بهما". هذا يدل على الإباحة الأصلية للشرب فيهما.
* آنية الزجاج: مباحة بالإجماع إذا كانت نظيفة ولا ضرر منها.
* آنية الرصاص: اختلف الفقهاء فيها قديماً، فمنهم من كرهها (كما ذكر السائل) لضرر الرصاص المثبت علمياً اليوم على الصحة. وجواب أنس "ما بأس بهما" يحمل على زمنه قبل معرفة ضررها التفصيلي. والقاعدة الفقهية أن "الضرر يزال" فما ثبت ضرره اليوم يُمنع منه عملاً بهذه القاعدة، حتى ولو كان الأصل الإباحة.
4. تطبيق قاعدة سد الذرائع والورع: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك":
عندما أخبر الراوي أنساً أن بعض الناس يكرهون آنية الرصاص والزجاج، لم يجادل في صحة كراهتهم من عدمها، بل نصحه بنصيحة عامة جامعة، وهي قاعدة الورع التي أوصى بها النبي ﷺ في أحاديث أخرى. المعنى: اترك الأمر الذي يسبب لك شكاً وقلقاً في حله (ولو كان جائزاً في الأصل) وانتقل إلى البديل الواضح الذي لا شك ولا إثم فيه. هذه القاعدة من أعظم أسباب حفظ الدين والعرض.
5. بيان حكم القليل من المسكر: "ما أسكر كثيره فقليله حرام":
هذه من أهم القواعد الفقهية في باب المسكرات. حرمة الشربة الصغيرة من الخمر كحرمة الكثير منها، ولو لم تُسكر الشارب. وذلك لأن:
* القليل ذريعة إلى شرب الكثير.
* أن الشارب للقليل يكون قد استحلَّ محرماً واستهان بالحدود الإلهية.
* أن الإسكار هو وصف في المادة نفسها، فإذا كانت المادة مسكرةً حرم تناولها بقليلها وكثيرها.
6. تحديد مصادر الخمر: "الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة":
ذكر النبي ﷺ هذه المواد كمصادر رئيسية تتخمر ويُصنع منها الخمر. والمقصود أن أي مادة تحتوي على سكريات قابلة للتخمر والتحول إلى كحول مسكر، فإنها تدخل تحت الحكم نفسه إذا تحولت فعلاً إلى مسكر. فالحكم معلق بوصف "الإسكار" لا بمادة بعينها. فكل شراب أسكر فهو خمر حرام، سواء كان من العنب أو التمر أو العسل أو غيرها.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- تحريم كل مسكر: تأصيل وتحريم كل ما يذهب العقل ويُسكر من أي مادة كانت، وهذه قاعدة عامة.
2- سد الذرائع: نهي الشريعة عن كل ما يكون وسيلة أو معيناً على الحرام، حتى لو كان الفعل في نفسه مباحاً، كاستخدام آنية الخمر.
3- الورع وترك الشبهات: قول أنس "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" يحث على الورع وترك الأمور المشكوك فيها طلبًا للسلامة في الدين.
4- العناية بالصحة: النهي عن الأوعية الضارة يُظهر حرص الإسلام على صحة الإنسان وسلامته.
5- التعليم الحكيم: أسلوب أنس بن مالك في الحوار يدل على حسن التعليم والصبر في إيضاح الأحكام.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والإمام أبو داود في "سننه"، وصححه الألباني.
- القاعدة الفقهية "ما أسكر كثيره فقليله حرام" مجمع عليها بين أهل العلم، وهي من القواعد الكلية في الشريعة.
- الحديث يدل على أن الخمر ليست مقصورة على عصير العنب، بل كل ما أسكر من أي مادة فهو حرام.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٢٠٩٩)، وأبو يعلى (٣٩٦٦) كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن المختار بن فلفل فذكره، والسياق لأحمد.
ورواه النسائي (٥٦٤٢) من هذا الوجه مختصرا بلفظ: «نهى رسول الله ﷺ عن الظروف المزفتة».
وإسناده حسن من أجل المختار بن فلفل فإنه حسن الحديث، وأما الحافظ فصححه في الفتح (١٠/ ٤٤).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 111 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

  • 📜 حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب