لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

عن ابن عباس: أن وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله، فيم نشرب؟ قال: «لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير وانتبذوا في الأسقية». قالوا: يا رسول الله، فإن اشتد في الأسقية؟ قال: «فصبوا عليه الماء». قالوا: يا رسول الله، فقال لهم في الثالثة أو الرابعة: «أهريقوه». ثم قال: إن الله حرم - علي أو - حرم - الخمر والميسر والكوبة». قال: «وكل مسكر حرام».
قال سفيان: فسألتُ عليَّ بن بذيمة عن الكوبة، قال: الطبل.

صحيح: رواه أبو داود (٣٦٩٦)، وأحمد (٢٤٧٦)، وصححه ابن حبان (٥٣٦٥) كلهم من طريق أبي أحمد الزبيري، ثنا سفيان (هو الثوري)، عن علي بن بذيمة، ثني قيس بن حَبتر النهشلي، عن ابن عباس قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً، مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث بصيغته:

عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله، فيم نشرب؟ قال: «لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير وانتبذوا في الأسقية». قالوا: يا رسول الله، فإن اشتد في الأسقية؟ قال: «فصبوا عليه الماء». قالوا: يا رسول الله، فقال لهم في الثالثة أو الرابعة: «أهريقوه». ثم قال: إن الله حرم - علي أو - حرم - الخمر والميسر والكوبة». قال: «وكل مسكر حرام».
قال سفيان: فسألتُ عليَّ بن بذيمة عن الكوبة، قال: الطبل.

1. شرح المفردات:

● وفد عبد القيس: هم جماعة من قبيلة عبد القيس جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليتعلموا أمور دينهم.
● الدباء: القرع اليابس الذي يُجفف ويتخذ وعاءً للشرب.
● المزفت: الوعاء المُطلي بالزفت أو القار؛ ليمنع تسرب السائل.
● النقير: أصل النخلة يُنقر ويُتخذ وعاءً.
● انتبذوا: اصنعوا النبيذ (وهو عصير العنب أو التمر قبل أن يتحول إلى خمر) في هذه الأوعية.
● الأسقية: جمع سقاء، وهو وعاء من الجلد.
● اشتد: أي غلى وازدادت قوته وبدأ في التحول إلى خمر.
● أهريقوه: أريقوه وأسكبوه على الأرض.
● الميسر: القمار.
● الكوبة: الطبل، وهو آلة لهو ومعصية.
● مسكر: كل ما خامر العقل وغيّبه.

2. شرح الحديث:

جاء وفد عبد القيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن الأوعية التي يجوز لهم أن يشربوا فيها، وعن طريقة صنع الشراب حتى لا يتحول إلى خمر محرمة.
● نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب في (الدباء، المزفت، النقير): لأن هذه الأوعية مسامها ضيقة، وتُسرع في تخمر العصير وتحوله إلى خمر، لصعوبة تنظيفها وتراكم بقايا الشراب فيها.
● أمرهم بالانتباذ في الأسقية (أوعية الجلد): لأنها أوسع مساماً، وأسهل تنظيفاً، فلا تُسرع في التخمر.
● سألوه: إذا اشتد الشراب في الأسقية (أي بدأ بالتخمر) فماذا يفعلون؟
- أولاً: أمرهم أن يصبوا عليه الماء ليخفف من قوته ويمنع تحوله إلى خمر.
- ثم عندما أصرّوا في السؤال (في الثالثة أو الرابعة) قال: «أهريقوه» أي اسكبوه على الأرض ولا تشربوه.
● ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر والميسر والكوبة (الطبل)، وأكد أن كل مسكر حرام، أي كل شراب يغيب العقل فهو حرام، سواء كان من العنب أو التمر أو غيره.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم كل ما يسكر: الحديث قاعدة عظيمة في تحريم كل مسكر، مهما كان نوعه أو مصدره.
2- سد الذرائع: النهي عن الشرب في أوعية معينة (كالدباء والمزفت) سداً لذريعة الوقوع في الخمر، لأنها تساعد على التخمر السريع.
3- التدرج في التعليم: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينههم مباشرة عن الشرب، بل بدأ بالنهي عن الأوعية، ثم أمرهم بالانتباذ في الأسقية، ثم بين لهم طريقة منع التخمر، وأخيراً أمرهم بإراقته إذا تحول إلى مسكر.
4- تحريم آلات اللهو والمعصية: مثل الطبل (الكوبة) والميسر (القمار)، لأنها تُلهي عن ذكر الله وتؤدي إلى العداوة والبغضاء.
5- حرص الصحابة على التعلم: وهذا دليل على حرصهم على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن كل صغيرة وكبيرة في دينهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بتحريم الخمر وكل مسكر.
- العلماء استنبطوا من هذا الحديث أن كل وعاء يساعد على تخمر الشراب يُنهى عن استعماله، تحريماً أو كراهة حسب الحالة.
- قوله: «كل مسكر حرام» هو قاعدة فقهية كبرى، تُطبق على كل زمان ومكان.
- الحديث يدل على أن الخمر محرمة سواء قليلها أو كثيرها، لأنها تسكر إذا كثرت.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا كل ما يغضبه.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٩٦)، وأحمد (٢٤٧٦)، وصححه ابن حبان (٥٣٦٥) كلهم من طريق أبي أحمد الزبيري، ثنا سفيان (هو الثوري)، عن علي بن بذيمة، ثني قيس بن حَبتر النهشلي، عن ابن عباس قال: فذكره. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

📜 حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية