حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في إضافة الماء إلى النبيذ إذا اشتد ما لم يَصلْ إلى حدّ الإسكار

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال لوفد عبد القيس: «لا تشربوا في نقير، ولا مقير، ولا دباء، ولا حنتم، ولا مزادة، ولكن اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر، فإن خشي شرته فليصب عليه الماء».

حسن: رواه البيهقي (٨/ ٣٠٢) من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا نوح بن قيس، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال .

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال لوفد عبد القيس: «لا تشربوا في نقير، ولا مقير، ولا دباء، ولا حنتم، ولا مزادة، ولكن اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر، فإن خشي شرته فليصب عليه الماء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويهدينا إلى صراطه المستقيم.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تحمل توجيهاً نبوياً مهماً في شؤون الحياة اليومية، وخاصة فيما يتعلق بالطعام والشراب.

أولاً. شرح المفردات:


● وفد عبد القيس: هم جماعة من قبيلة عبد القيس الذين قدموا من البحرين لزيارة النبي ﷺ وتعلم الدين منه.
● نقير: هو إناء يصنع من جذع النخلة ينقر (يُحفر) من الداخل ليصبح وعاءً.
● مقير: إناء يُطلى بالقار (المادة السوداء اللزجة) من الداخل ليمنع تسرب السوائل.
● دباء: هو القرع اليابس (اليقطين) الذي يجفف ويتخذ إناءً للشرب.
● حنتم: جرار خضراء كانت تصنع من الفخار وتستخدم لحفظ الخمر أو الماء.
● مزادة: هي القربة المصنوعة من الجلد، والتي تخاط وتُملأ بالسوائل.
● سقاء أحدكم: يعني القربة أو الوعاء الجلدي الخاص بالشخص.
● غير مسكر: أي غير مخمر أو لم يُستخدم في تخمير شيء محرم.
● خشي شرته: "الشرَة" هنا تعني شدة العطش أو النهم في الشرب، أي إذا خاف أن يشرب بنهم شديد.

ثانياً. شرح الحديث:


يوجه النبي ﷺ في هذا الحديث وفد عبد القيس -وهم قادمون من منطقة معروفة بإنتاج التمر والخمر- بعدم استخدام أنواع معينة من الأوعية للشرب، وهي:
● النقير والمقير: لأنها أوعية مسامية قد تحتفظ ببقايا السوائل المخمرة وتتسبب في تخمر ما يوضع فيها لاحقاً.
● الدباء والحنتم: لأنها أوعية مسامية أيضاً، وكانت تستخدم عادةً لخزن الخمر، فخشي النبي ﷺ أن يعلق بها شيء من الخمر فيتأثر الشراب الجديد.
● المزادة: وهي القربة التي قد تستخدم لنقل الخمر أو تخزينها.
ثم أمرهم ﷺ أن يشربوا في "السقاء" وهو الوعاء الجلدي النظيف الخاص بهم، الذي لم يستعمل في محرم، مع التأكيد على أن يكون "غير مسكر" أي لم يستخدم في تخمير الخمر.
ثم بين لهم حلًا عملياً إذا خاف الشخص من شدة عطشه أن يندفع في الشرب بنهم، فقال: "فإن خشي شرته فليصب عليه الماء" أي ليخفف الشراب بالماء حتى لا يؤثر عليه الشرب بنهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحرص على الطيبات وتجنب المشتبهات: النهي عن هذه الأوعية جاء لأنها كانت تستخدم للخمر، فنهى عنها سداً للذريعة ومنعاً للوقوع في المحرم.
2- الحكمة من النهي: ليس النهي عن ذات الأوعية، ولكن عن علة وهي احتمال اختلاط الشراب الطاهر بما علق بها من الخمر أو ما يؤدي إلى تخمره.
3- التيسير ورفع الحرج: بيان النبي ﷺ للحل البديل (الشرب في السقاء النظيف) ثم التخفيف بالماء عند الخوف من النهم، يدل على يسر الشريعة ومراعاتها للظروف.
4- الوقاية خير من العلاج: النهي عن استخدام هذه الأوعية وقاية من الوقوع في المحرم ولو عن غير قصد.
5- العناية بالنظافة والصحة: الأوعية المذكورة قد تكون بيئة مناسبة لنمو البكتيريا أو التخمر، فالنبي ﷺ وجه لأوعية أكثر نظافة وأقل عرضة للتلوث.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب "سد الذرائع" في الفقه الإسلامي، وهو منع ما يؤدي إلى الحرام ولو كان جائزاً في الأصل.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن الأوعية التي تستخدم للمحرمات يكره استخدامها للطيبات، إلا بعد غسلها وتنظيفها تنظيفاً تاماً.
- المعاصرة: يمكن تطبيق هذا التوجيه النبوي في عصرنا بالحرص على نظافة الأوعية التي نأكل ونشرب فيها، وتجنب استخدام الأواني التي قد تكون ملوثة أو استخدمت في محرمات.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في الدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البيهقي (٨/ ٣٠٢) من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا نوح بن قيس، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل نوح بن قيس الأزدي أبي روح البصري فإنه حسن الحديث، وابن عون هو: عبد الله.
وهذه الأحاديث محمولة على ما قبل أن يبلغ إلى حد الإسكار فيضاف إليه الماء ويستفاد منه، لكن إذا وصل حد الإسكار، وصار خمرا، فوجب إراقته وعدم الاحتفاظ به؛ لذلك قال: «فإن أعياكم» أي فصار مسكرا «فأهريقوه».
وأما ما روي عن عبد الملك بن نافع قال: قال ابن عمر: «رأيت رجلا جاء إلى رسول الله ﷺ بقدح، فيه نبيذ، وهو عند الركن، ودفع إليه القدح، فرفعه إلى فيه فوجده شديدا، فرده على صاحبه، فقال له رجل من القوم: يا رسول الله أحرام هو؟ فقال: «علي بالرجل«، فأتى به، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء، فصبه فيه، فرفعه إلى فيه، فقطّب، ثم دعا بماء أيضًا فصبه فيه، ثم قال: «إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية، فاكسروا متونها بالماء». فهو ضعيف منكر.
رواه النسائي (٥٦٩٤، ٥٦٩٥)، والبيهقي (٨/ ٣٠٥) من طرق عن عبد الملك بن نافع به فذكره.
قال النسائي: عبد الملك بن نافع ليس بالمشهور، ولا يحتج بحديثه، والمشهور عن ابن عمر خلاف حكايته». وبه أعله أيضا البيهقي.
وعبد الملك المذكور ضعفه غير واحد وتكلموا فيه من أجل هذا الحديث، فقال ابن أبي مريم: قلت لابن معين: أرأيت حديث عبد الملك بن نافع الذي يرويه إسماعيل بن أبي خالد في النبيذ؟ قال: «هم يضعفونه». وقال مرة: «ضعيف لا شيء». وقال البخاري: «عبد الملك بن نافع روي عن ابن عمر في النبيذ لا يتابع عليه»، وكذا ترجمه العقيلي في الضعفاء وساق له هذا الحديث وقال: «ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله».
وقال أبو حاتم: شيخ مجهول، لم يرو إلا حديثا واحدا، قطع الشيباني ذلك الحديث حديثين، لا يثبت حديثه، منكر الحديث».
وقوله: «قطَّب» جمع بين عينيه كما يفعله العبوس. أي عبس وجهه وجمع جلدته لما وجد مكروها.
وقوله: «إذا اغتلمت» أي إذا اشتدت واضطربت عند الغلَيان.
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: عطش النبي ﷺ حول الكعبة، فاستسقى فأتي بنبيذ من السقاية، فشقه فقطب، فقال: «عليّ بذنوب من زمزم» فصبَّ عليه، ثم شرب، فقال رجل: أحرام يا رسول الله هو؟ قال: «لا».
رواه النسائي (٥٧٠٣)، والدارقطني (٤٦٩٥)، والبيهقي (٨/ ٣٠٤) كلهم من طريق يحيى بن يمان، عن سفيان (هو الثوري)، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود قال .. فذكره.
قال النسائي: «وهذا خبر ضعيف؛ لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان، ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه لسوء حفظه وكثرة خطئه».
وقال الدارقطني: وهذا حديث معروف بيحيى بن يمان، ويقال: إنه انقلب عليه الإسناد، واختلط عليه بحديث الكلبي عن أبي صالح». ا.
وبذلك أعله أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فقالا: «أخطأ ابن يمان في إسناد هذا الحديث، وروي هذا الحديث عن الثوري، عن الكلي، عن أبي صالح، عن المطلب بن أبي وداعة، عن النبي ﷺ. انظر: العلل لابن أبي حاتم (١٥٥٢).
وبنحو ذلك أعله أيضًا البخاري، وعبد الله بن نمير فيما نقله عنهما ابن عدي في الكامل (٣/ ٢٨ - ٢٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

  • 📜 حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب