نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

عن معبد بن كعب بن مالك، عن أمه - وكانت قد صلّت القبلتين مع رسول الله ﷺ قالت: سمعت رسول الله ﷺ ينهى أن ينتبذ التمر والزبيب جميعا، وقال: «انتبذ كل واحد منها وحده».

حسن: رواه أحمد (٢٣٩٣٢)، والحميدي (٣٥٦)، والطبراني في الكبير (٢٥/ ١٤٧) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، أخبرنا معبد بن كعب به .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
هذا حديث عظيم فيه نهي عن خلط أنواع الفواكه في إنشاء الشراب (النبيذ الحلال)، وسأشرحه لك مفصلاً إن شاء الله.
الراوي والرواية:
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه. راويته هي أم معبد بن كعب بن مالك، وهي من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن، وقد شرفها الله بصلاة القبلتين (أي صلت إلى بيت المقدس أولاً ثم إلى الكعبة بعد تحويل القبلة)، مما يدل على قدم إسلامها وعلو مكانتها.
شرح المفردات:
* يَنْهَى: يأمر بالترك والكف عن الشيء.
* أَنْ يُنْتَبَذَ: (ينتبذ) من النَّبْذ، وهو الترك والطرح. والمقصود هنا: أن يُتَّخَذَ نبيذًا، وهو شراب يتخذ من نقع الفواكه مثل التمر أو الزبيب في الماء حتى يحلو ويتخمر قليلاً، وهو كان من أشربة العرب المباحة التي لم تصل إلى درجة الإسكار.
* جَمِيعًا: معًا، مختلطين في إناء واحد.
شرح الحديث:
كان الصحابة رضي الله عنهم يتخذون المشروبات (النبيذ) بنقع الفواكه في الماء لتحليته وشربه. وفي هذا الحديث، تنقل لنا الصحابية الجليلة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن أن يُنْقَع التمر والزبيب معًا في إناء واحد ليتخذا شرابًا (نبيذًا). بل وأمر صلى الله عليه وسلم بأن يُنْقَع كل نوع منهما وَحْدَه في إناء منفصل، فلا يخلط التمر مع الزبيب.
الحكمة والعلة من النهي (الدروس المستفادة):
ذكر العلماء عدة حِكَم لهذا النهي النبوي، منها:
1- التفاوت في سرعة التخمر والإسكار: ذهب جمهور العلماء (ومنهم الإمام النووي) إلى أن العلة في النهي هي أن خلط التمر والزبيب معًا يُسرع من عملية التخمير ويقويها، مما قد يؤدي إلى أن يصير الشراب مسكرًا في وقت أسرع مما لو كان كل منهما منفردًا. والشارع الحكيم يريد سد الذرائع إلى كل ما يؤدي إلى المحرم، فنهى عن الخلط الذي هو طريق سريع إلى الإسكار.
2- سد الذرائع: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الشريعة، وهو "سد الذرائع"، حيث ينهى عن أمر مباح أو مختلف فيه إذا كان وسيلة وطريقًا إلى محرم مؤكد. فالنبيذ المباح إذا اختلط وقلنا قد يسكر سريعًا، فإن الشارع يمنع الطريقة التي تؤدي إلى ذلك حسمًا للمادة.
3- الفصل بين أنواع الطعوم: فيه أيضًا إرشاد إلى عدم خلط أنواع الفاكهة المختلفة عند صنع الشراب، ربما لحفظ طعم كل منها على حدة، أو لأسباب صحية وتغذوية يعلمها الذي لا ينطق عن الهوى.
أحكام فقهية مستنبطة:
* حكم نبيذ التمر والزبيب المنفرد: إذا نُقع التمر وحده أو الزبيب وحده في الماء، فهو حلال ما دام لم يصل إلى درجة الإسكار (أي لم يصبح مسكرًا بغلبة التخمر). فإذا اشتد وتسكر حرم شربه.
* حكم خلطهما: يحرم خلط التمر والزبيب ليتخذا شرابًا (نبيذًا) في إناء واحد، لورود النهي الصريح عن ذلك.
* هل العلة الإسكار؟ جمهور العلماء على أن العلة هي الخوف من الإسكار، وبناء عليه فإن هذا النهي يعم أي خليط من الفواكه إذا كان يؤدي إلى تقوية التخمر وتسريعه، وليس مقصورًا على التمر والزبيب فقط.
خاتمة وفوائد إضافية:
* هذا الحديث من دلائل عناية الإسلام بصحة الإنسان وعقله، حيث يبعد عنه كل ما قد يفسد عليه عقله أو صحته ولو من بعيد.
* فيه دليل على حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وشموليية تشريعه، حيث يتناول حتى أدق细节 الحياة اليومية.
* يجب على المسلم أن يحرص على تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى في أمور أكله وشربه، طاعة لله واقتداءً برسوله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٩٣٢)، والحميدي (٣٥٦)، والطبراني في الكبير (٢٥/ ١٤٧) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، أخبرنا معبد بن كعب به .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق وإن كان مدلسا فقد صرَّح بالإخبار عند الحميدي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 138 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

📜 حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية