حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في انتباذ الخليطين من نوع واحد أو من نوعين
حسن: رواه البيهقي (٨/ ٣٠٧) من طريق ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن سلمان، عن عُقيل بن خالد، عن معبد بن كعب بن مالك، عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن امرأة قالت .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن امرأة أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تَنتبذوا التمر والزبيب جميعا، انبذوا كل واحد منهما وحده».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه، وغيره من أئمة الحديث)
1. شرح المفردات:
● تَنتبذوا: من النَّبِيذ، وهو ما يُنْبَذُ من التمر أو الزبيب أو غيرهما في الماء ليَحْدُثَ فيه طعم الحلاوة أو شيء من الفُتُور (الخفَّة) قبل أن يصل إلى حد الإسكار. وهو مشروب معروف عند العرب.
● انبذوا: اصنعوا النبيذ.
● جميعاً: معاً، مختلطين في إناء واحد.
● وحده: منفرداً، كل نوع على حدة.
2. شرح الحديث:
نهى النبي ﷺ في هذا الحديث عن خلط التمر والزبيب معاً عند صناعة النبيذ، وأمر بأن يُنْبَذَ كل نوع منهما على حدة، في إناء منفصل.
الحكمة من النهي والنهي التحريمي أو التنزيهي:
ذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن هذا النهي للتحريم، وليس مجرد تنزيه. والعلة في ذلك كما بينها العلماء:
● سرعة الإسكار: إن خلط التمر والزبيب معاً في إناء واحد يؤدي إلى تقوية عملية التخمير (الاشتداد) بشكل أسرع وأقوى، فيصير المسكر أسرع مما لو كان كل منهما منفرداً. وقد قال النبي ﷺ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (رواه مسلم). فنهيه ﷺ عن الخلط هو سدٌ للذريعة التي تؤدي إلى الإسكار بسرعة.
● الاختلاف في طبيعة الثمرتين: لكل من التمر والزبيب خصائص تخميرية تختلف عن الأخرى، وعند جمعهما تتفاعل هذه الخصائص بقوة مما يعجل في تحولهما إلى الخمر المحرمة.
فالحديث يعلمنا a preventive measure. النبي ﷺ لم ينه عن النبيذ مطلقاً في أول الأمر، بل كان مباحاً إذا شُرب قبل أن يشتد ويصير مسكراً، ولكن هنا يمنع طريقة من طرق صنعه (الخلط) لأنها تزيد من سرعة وصوله إلى درجة الحرمة.
3. الدروس المستفادة منه:
1- سد الذرائع: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية سد الذرائع الموصلة إلى المحرمات. فما يؤدي إلى الحرام فهو حرام. وهذا الحديث نموذج عملي رائع لهذا الأصل العظيم.
2- الحكمة من التشريع: Behind every divine command or prohibition there is a wisdom, whether we comprehend it or not. Here, the wisdom is clear: to protect people from falling into the sin of intoxication.
3- الامتثال لأمر النبي ﷺ: يجب على المسلم الامتثال لأوامر النبي ﷺ ونواهيه، حتى لو لم تظهر له الحكمة منها، ثقةً بأنه ﷺ لا ينطق عن الهوى.
4- الوقاية خير من العلاج: نهى الإسلام عن كل ما يضر بالعقل والبدن والمجتمع. وهذا النهي عن الخلط وقاية من الوقوع في شرب الخمر.
5- التفريق بين المشروبات: يفهم من الحديث أن صنع نبيذ التمر وحده، أو نبيذ الزبيب وحده، كان جائزاً في تلك المرحلة بشرط أن لا يصل إلى حد الإسكار. (ثم نُسخ ذلك后来 (后来) وتحريم جميع المسكرات تحريماً قاطعاً، كما في الحديث المتقدم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»).
4. معلومات إضافية مفيدة:
● الرأي الفقهي: ذهب العلماء إلى أن هذا النهي للتحريم، وأن خلط التمر والزبيب لصنع النبيذ حرام.
● النسخ: الجواز الذي كان في شرب النبيذ (قبل أن يشتد) قد نُسخ لاحقاً (后来) بتحريم كل ما يسكر كثيره قليله، كما هو معلوم في كتب السنة والفقه.
● التطبيق المعاصر: يمكن تطبيق هذه الحكمة في زماننا على كل ما يختلط من المواد التي إذا اجتمعت أحدثت تفاعلاً سريعاً يؤدي إلى ضرر أو إسكار، فيجب تجنب ذلك.
● الحديث يدل على عناية الإسلام بصحة الإنسان وعقله، وحماية المجتمع من مفاسد الخمر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن سلمان وهو الحَجْري المصري، قال البخاري: «فيه نظر».
وقال أبو حاتم: «مضطرب الحديث، يروي عن عُقيل أحاديث عن مشيخة لُعقيل يدخل بينهم الزّهريّ في شيء سمعه عقيل من أولئك المشيخة، ما رأيت في حديثه منكرًا، وهو صالح الحديث أدخله البخاري في كتاب الضعفاء يُحول من هناك».
وقال أبو سعيد بن يونس: وهو قريب السن من ابن وهب، يروي عن عقيل غرائب انفرد بها، وكان ثقة.
والحاصل أنه حسن الحديث، وقد ردَّ أبو حاتم على تضعيف البخاري إياه، وأنه لم ير في حديثه ما ينكر عليه، بل له ما يشهد، ولذا قال الحافظ: «لا بأس به».
وأما ما روي عن كبشة بنت أبي مريم قالت: سألت أم سلمة ﵂ ما كان النبي ﷺ ينهى عنه؟ قالت: «كان ينهانا أن نعجم النوي طبخا، أو نخلط الزبيب والتمر». فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣٧٠٦)، وأحمد (٢٦٥٠٥) كلاهما من طريق يحيى القطان، عن ثابت بن عمارة، حدثتني ريطة، عن كبشة بنت أبي مريم قالت .. فذكرته.
وإسناده ضعيف لجهالة حال ربطة وكبشة بنت أبي مريم.
وكذلك لا يصح ما روي عن أنس بن مالك قال: «نهى رسول الله ﷺ أن نجمع شيئين نبيذا يبغي أحدهما على صاحبه، قال: وسألته عن الفضيخ فنهاني عنه، قال: كان يكره المذنّب من البُسر مخافة أن يكونا شيئين فكنا نقطعه».
رواه النسائي (٥٥١٣) عن سويد بن نصر، أنبأنا عبد الله (هو ابن المبارك)، عن وقاء بن إياس، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك قال .. فذكره.
ووقاء بن إياس هو أبو يزيد الكوفي، مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب فقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين. ومشاه أبو حاتم وابن عدي وقال الحافظ: لين الحديث.
وقوله: «يبغي أحدهما على صاحبه» من البغي أي يشتد.
قال الخطابي: «قد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى تحريم الخليطين، وإن لم يكن الشراب المتخذ منهما مسكرًا قولا بظاهر الحديث، ولم يجعلوه معلولا بالإسكار، وإليه ذهب عطاء وطاوس. وبه قال مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق وعامة أهل الحديث، وهو غالب مذهب الشافعي.
وقالوا من شرب الخليطين قبل حدوث الثدة فهو آثم من جهة واحدة، وإذا شرب بعد حدوث الشدة كان آثمًا من جهتين: أحدهما: شرب الخليطين والآخر: شرب المسكر، ورخص فيه سفيان الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه». معالم السنن (٥/ ٢٧٦).
قال الأعظمي: والذين قالوا بالجواز قالوا: لأن كلا منهما يحل منفردا فلا يكره مجتمعا، والمنع يحمل على حال الإسكار لأنه يؤثر كل واحد منهما في الآخر إسراع الشدة إذا خلطا.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 141 من أصل 147 حديثاً له شرح
- 98 نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة
- 99 لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا
- 100 نهي النبي ﷺ عن الدباء والمزفت
- 101 نهى رسول الله ﷺ عن الظروف فقالت الأنصار إنه لا...
- 102 نهى النبي عن الأسقية ورخص في الجر غير المزفت
- 103 أم أسيد تبل التمر للنبي وتتخذه له سويقا
- 104 ينبذ لرسول الله في سقاء فإذا لم يجدوا سقاء نبذ...
- 105 ظرف لا يحل شيئًا ولا يحرّمه، وكل مسكر حرام
- 106 نهي النبي عن النبيذ إلا في سقاء
- 107 لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه
- 108 إني كنت نهيتكم عن نبيذ الأوعية وكل مسكر حرام
- 109 إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة
- 110 نهي النبي عن الشراب الضار واباح الطيب منه
- 111 كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام
- 112 كان يُنبذ لرسول الله ﷺ في تور من حجارة
- 113 كان رسول الله ﷺ ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا...
- 114 نهي النبي ﷺ عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها
- 115 كنت أنبذ له في سقاء من الليل وأوكيه وأعلقه
- 116 ننبذ لرسول الله ﷺ في سقاء يوكى أعلاه
- 117 انبذوه في الشنان ولا تنبذوه في القلل
- 118 يشرب نبيذا فوق ثلاث
- 119 ألا خمّرته ولو تعرض عليه عودًا
- 120 ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا
- 121 عن أنس قال: لقد سقيت رسول الله ﷺ بقدحي هذا...
- 122 شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر
- 123 لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير
- 124 لا تشربوا في نقير ولا مزفت ولا دباء ولا حنتم
- 125 صب النبيذ عليه الماء حتى تدفق
- 126 اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر
- 127 نهى النبي عن الزبيب والتمر والبسر والرطب
- 128 نهي النبي عن الجمع بين التمر والزبيب في النبيذ
- 129 نهى رسول الله ﷺ عن خلط التمر والزهو
- 130 ينبذ كل واحد منهما على حدته
- 131 نهي النبي عن خلط التمر والزبيب والتمر والبُسر
- 132 نهي النبي عن خلط التمر والزبيب
- 133 نهى رسول الله عن أن يخلط البلح بالزهو
- 134 نهي عن نبذ البسر والرطب جميعا والتمر والزبيب جميعا
- 135 نهي النبي عن البلح والتمر والزبيب والتمر
- 136 الزبيب والتمر هو الخمر إذا انتبذ جميعا
- 137 نهى رسول الله عن الجمع بين التمر والزبيب
- 138 نهي النبي ﷺ عن انتباذ التمر والزبيب جميعًا
- 139 نهى رسول الله ﷺ عن الخليطين
- 140 نهى رسول الله ﷺ عن خلط الزبيب والتمر
- 141 لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
- 142 الخمر تتخذ خلا؟ فقال: لا
- 143 أنس يسقي النبي العسل والنبيذ والماء واللبن
- 144 لعنت الخمر على عشرة أوجه
- 145 عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه
- 146 لعَنَ اللهُ الخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا
- 147 الإسلام يُكفأ كما يُكفأ الإناء في الطلاء
معلومات عن حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
📜 حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, December 18, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








